لم يراعي محمد زيان حرمة الموت، ولم يحترم حداد أسرة الشاب عثمان الذي لقي مصرعه في حادث مروري بالدار البيضاء بسبب مطاردة أمنية، ولم ينثر على ذكراه عبارات العزاء والتأبين وطلب السلوان، مثلما يفعل جميع الناس الذين يحترمون أنفسهم في مثل هذا المصاب الجلل والرزء الفادح. وللأسف، فقد اختار الموقع الإخباري المحسوب على محمد زيان تحويل وفاة الفقيد عثمان في حادث مروري إلى مراشقة إعلامية عقيمة، وإلى سجال شخصي يصدح بالنرجسية والانتقام الأعمى، بل إن النقيب السابق والمحامي الطاعن في السن تعاطى مع هذه الوفاة بمنطق "حكم التترس" الذي يسوغ قتل "الترس إذا كانت المصلحة ضرورية كلية".والمصلحة الكلية هنا هي إشباع أحقاد محمد زيان ولو كان ذلك على رفات الفقيد ومعاناة أسرته المكلومة. ففي الوقت الذي كانت تنتظر فيه أسرة الهالك نتائج التحقيق المفتوح في هذه القضية، لجبر الضرر ولملمة الكرب، خرج محمد زيان وموقعه الإخباري بمقال مفعم بالعدمية والتيئيس، زاعما "أن لا رجاء في التحقيقات القضائية والأبحاث الشرطية بالمغرب"، وكأن لسان حاله يطالب الأسرة المفجوعة بالركون إلى العدالة الخاصة وعدم الارتكان إلى العدالة العامة. أبشع من ذلك، ففي الوقت الذي أصدر فيه قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء قرارا بالإيداع بالسجن في حق شرطي الفرقة المتنقلة للسير والجولان الذي يشتبه في تورطه في هذا الحادث المروري، ادعى محمد زيان بقلم أحد الكتبة، وبأسلوب الكهنة والمنجمين " أنه بعد أسابيع سوف يتم نسف هذه الملفات ولن يكون هناك تحقيق عادل!". فهل يدرك محمد زيان جسامة ووزر ما يقوم به من استغلال مقيت لوفاة عرضية، ظرفها المشدد الوحيد أن شرطي مرور قام بعمله بطريقة رعناء وغير متبصرة وفيها كثير من التسرع والاندفاع ؟ وهل يعي محمد زيان أي منزلق أخلاقي هذا الذي وصل إليه، وهو في هذا السن ينبش في قبور الموتى بحثا عما يسعفه لتصريف أحقاده الذاتية بعدما طوى النسيان ماضيه المتشح بالسواد. لكن محمد زيان الذي ظل يبارك لابنه تزييف الكمامات القاتلة في ذروة أزمة كورونا، وأوصى عليه بعدم إرجاع ملايين السنتيمات التي تحصل عليها من هذه البضاعة المزجاة، لقادر على أن يقايض نرجسيته المرضية بذكرى الشاب عثمان. كما أن محمد زيان الذي أمعن في رفض سداد سومة كراء الأملاك الوقفية المخصصة لدين الله، وظل يحرم القيمين الدينيين من عائداتها، لقادر أيضا على المتاجرة بآهات وآمال أسرة الضحية عثمان التي تتطلع لتحقيق جدي وعادل. كما أن محمد زيان، الذي لا يخجل من سنه المتقدم وهو يصور أسفل بطنه المترهل ويرسله لموكلاته بدعوى الإغراء والغواية ، لقادر كذلك على أن يعرض صورة عثمان ويوسف للتداول في بورصة المزايدات العقيمة. ومن كان يفوض لوهيبة خرشش مهمة تجفيف خاصرته بحضور ابنتها القاصر يبقى أيضا قادر على فعل كل المنكرات والموحشات بما فيها الاتجار البئيس في "ذكرى ضحايا هذه الحوادث المرورية". لكن محمد زيان، وهو في غمرة الظن والتماهي بأنه يشفي غليله في مواجهة مصالح الأمن، اعترف من حيث لا يدري بأن المرفق العام الشرطي الذي يتولى إدارته عبد اللطيف حموشي استطاع تحقيق طفرة في البنيات التحتية الأمنية! وهو اعتراف ليست مصالح الأمن بحاجة إليه أو ترنو إليه ، لأنها تنشد في المقام الأول ضمان أمن المواطنين المغاربة وحفظ استقرار المملكة، وهي مهمة نجح فيها عبد اللطيف حموشي بفضل سابغ الرضا الملكي السامي، وبشهادة مختلف مكونات المجتمع المغربي، وباعتراف دولي لم يكن آخرها سوى التقرير الأمريكي الأخير حول جهود مكافحة الإرهاب وكذا شهادة المدير السابق للمخابرات الإسبانية. أما محمد زيان، فسوف يذكره تاريخ العدالة بالمغرب بأنه أكثر الأشخاص إساءة للمحاماة بعدما كان الأول والوحيد الذي ابتدع دفوعات " النكاح قبل الدفاع والمضاجعة قبل المرافعة"، خالطا بين الموكلات وبائعات الهوى، وبأنه المحامي الكبير جدا في السن الذي لا يرعوي وهو يتاجر بمعاناة الناس وتطلعاتهم لإشباع أحقاده المرضية.