كلما أراد محمد زيان أن يُشرعّن احتلاله المادي للشقة الحبسية رقم 13 الكائنة بالعمارة 345 بشارع محمد الخامس بالرباط، إلا ويُمعن في كشف تورطه في فضيحة أخلاقية وقانونية أمام الرأي العام الوطني. فرغم أن المحكمة الابتدائية بالرباط أعادت الوضع القانوني للشقة المذكورة إلى حالتها الأولى بعد تنفيذ حكم الإفراغ وتسليم الشقة لمالكها، ممثلا في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ورغم أن هذه الأخيرة قامت بطرح مُناقصة جديدة في شكل سمسرة عمومية لتأجير هذه الشقة بما يخدم الأحباس الموقوفة لخدمة دين الله، إلا أن النقيب السابق لا زال يصارع أوهامه من خلال نشر واستعراض جملة من الوثائق التي يقول بأنها تثبت احتلاله القانوني لتلك الشقة!. وفي آخر دفوعات الرجل الإعلامية، بعدما انتهى أمد دفوعاته القانونية وانقضت صفته في الدعوى، نجد النقيب السابق منتشيا بنشر محضر معاينة منسوب لمفوض قضائي بالرباط، يُثبت استغلاله المادي للشقة، ومتوهما بأن هذا المحضر هو دليل براءته دون أن يدرك بأنه قرينة قاطعة على إدانته. فقد ادعى محمد زيان بأن محضر المعاينة المنشور يدحض تصريحات نقيب المحامين بالرباط، الذي نفى في بلاغه أن تكون الشقة التي تم إفراغها مستغلة كمكتب للنقيب زيان، والحال أن هذه القراءة المعيبة هي موغلة في السطحية ومسرفة في الذاتية وتغليط الرأي العام. فقد أوضح محامي رفض الكشف عن هويته، احتراما لطابع الزمالة المهنية مع طرف الدعوى، أن بلاغ نقيب المحامين بالرباط تحدث حصريا عن بيانات الشقة المسجلة كمكتب للنقيب زيان في سجلات هيئة المحامين، والتي تختلف بشكل كلي عن بيانات الشقة التي تم إفراغها بموجب حكم قضائي. وأردف المحامي تصريحه بأن محضر المعاينة المنشور جاء ليعزز موقف هيئة المحامين بالرباط ولا يتناقض معها، بل إن هذا المحضر يطرح مؤاخذات مهنية وتجاوزات جديدة منسوبة للنقيب السابق. وفي توضيح أكثر لهذه التجاوزات المفترضة، يستطرد المحامي ذاته بأن النقيب السابق أودع ملفات وقضايا موكليه في شقة غير مصرح بها لهيئة المحامين، وكان يستقبل المواطنين في فضاء خصوصي غير مدرج نهائيا في سجلات مكاتب المحامين، وهي مسألة بالغة الخطورة، ومشوبة بعدم الشرعية، بل إنها تُعرّض مصالح الناس للخطر. فهذه المسألة مثلها مثل ذلك المحامي أو الموثق الذي يستقبل الناس في المقاهي أو في محلات خاصة لا تخضع لأحكام القانون. وختم المحامي المصرح كلامه بأن "محضر المعاينة الذي نشره النقيب السابق يثبت بما لا يدع مجالا للشك أنه كان يستقبل الموكلين ويودع ملفاتهم القانونية في شقة غير مصرح بها نهائيا في سجلات هيئة المحامين بالرباط. وهذه لوحدها زلة مهنية وخطأ جسيم يرتبان المسوولية التأديبية والقانونية لمن تصدر عنه مثل هذه الأخطاء". قبل أن يشدد في الأخير على أن "مناط النقاش الأساسي في هذه القضية هو التساؤلات القائلة: كيف ولج النقيب السابق للشقة الحبسية وقم 13 التي هي موضوع النقاش؟ وكيف كان يستغلها لسنوات طويلة رغم أن عقد الكراء مسجل في اسم شخص آخر يعتنق الديانة اليهودية؟ وكيف تسلم النقيب السابق أموال "الحلاوة" بملايين السنتيمات من محامي زميل لاستغلال هذه الشقة في زمن معين رغم انتفاء صفته ومصلحته في عقد الكراء؟" هذه هي التساؤلات المعلقة التي ينبغي أن يجيب عنها النقيب السابق محمد زيان. أما غير ذلك من المناكفات والتراشقات والسجالات الإعلامية فلن تنطلي على الرأي العام، الذي أخذ علما بحقيقة هذه القضية، وأدرك مليا من هو المستحوذ والمستغل بغير وجه حق الذي كان يتلاعب بممتلكات الأحباس لغايات شخصية.