أكدت مصادر متطابقة، أن مأمور إجراءات التبليغ والتنفيذ بالمحكمة الابتدائية بالدار البيضاء قد وضع، أول أمس الثلاثاء، رهن إشارة وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية ممثلة في ناظر الأوقاف بالرباط، محضر تسليم الشقة الموجود في العقار الحبسي رقم 13 بشارع محمد الخامس بالرباط، والتي كان يشغلها بدون عقد كراء أو وثيقة مكتوبة النقيب السابق محمد زيان. وأضافت ذات المصادر، بأن ممثلين عن الوزارة المالكة لهذا العقار الحبسي سلموا لأفراد من أسرة النقيب السابق محمد زيان بعض المتعلقات الشخصية التي كانت داخل الشقة، وهي عبارة عن أبواب ومكيفات للهواء، ليتم بذلك وضع حد نهائي لمسطرة إفراغ دامت لما يربو عن عشر سنوات تقريبا، أي منذ تاريخ صدور الحكم الابتدائي القاضي بالإفراغ في 31 ديسمبر 2012. لكن المثير في هذه القضية ذات المنطلقات القانونية، والتي حاول النقيب السابق تذييلها بمخرجات سياسية، هو أن الشقة محل الحكم بالإفراغ كان يكتريها مواطن مغربي يعتنق الديانة اليهودية اسمه دافيد عمار! ويبقى السؤال المطروح هنا هو كيف آل استغلال هذه الشقة للنقيب السابق محمد زيان رغم أن عقد الكراء الأصلي المبرم مع السيد عمار يمنع تأجير الشقة من الباطن أو تفويت استغلالها للغير بدون إذن كتابي من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ناهيك على أن هذه الأخيرة تنفي بشكل قاطع منحها أي إذن كتابي للمستغل الجديد أو لأي شخص آخر؟ وفي بحث استقصائي حول خلفيات هذا الموضوع، أكد محامي بهيئة الرباط، رفض الكشف عن هويته لاعتبارات مهنية، أن المكتري الأصلي كان قد غادر المغرب نحو إسرائيل في التسعينات وتحديدا في سنة 1996 إبان ما كان يعرف وقتها "بالحملة التطهيرية". وأضاف المصرح بأن المواطن المغربي اليهودي كان يشتغل في التجارة خصوصا في مجال الدقيق والحبوب، وأن مغادرته جاءت في سياق غير معلوم وقتها. مصادر أخرى، أكدت أن هذا المكتري الأصلي توفي مباشرة بعد رحيله عن المغرب، وهو ما ترك الباب مواربا لترجيح فرضية احتلال واستغلال الشقة من طرف المستغل أو المحتل الجديد، خصوصا بعدما انقطعت أخبار المعني بالأمر نهائيا، ولم تعد هناك أية مؤشرات على إمكانية استفسار عائلته عن شقة كانت في الأصل مؤجرة. لكن بعض التدوينات والتعليقات المنشورة في مواقع التواصل الاجتماعي ذهبت بعيدا في تساؤلاتها وتخميناتها عندما استحضرت العلاقة القوية التي كانت تربط في وقت سابق بين محمد زيان والوزير الأسبق في الداخلية إدريس البصري! وتساءلت هذه التعليقات هل مغادرة السيد دافيد عمار المغرب في خضم حملة التطهير كان طوعيا أم بإيعاز من جهة ما كانت تطمع في شقة الأحباس؟ وهل كانت هناك مصلحة لجهة نافذة وقتها لتأليب إدريس البصري لاستهداف السيد عمار ودفعه لمغادرة المغرب؟ عموما، تبقى هذه التعليقات والتدوينات مجرد فرضيات تحتاج إلى سفر في التاريخ للتحقق من صحتها. لكن يبقى الثابت بالحجج والمستندات هو أن الشقة رقم 13 بشارع محمد الخامس بالرباط، هي عبارة عن ملكية عقارية حبسية مملوكة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، سبق أن أجرتها في سنة 1987 للسيد دافيد عمار بسومة شهرية منذورة لخدمة بيوت الله والقائمين عليها، لكن استغلالها انتقل في ظروف غير معلومة وغير موثقة للنقيب السابق محمد زيان، مباشرة بعد سفر المكتري الأصلي خارج أرض الوطن. وجدير بالتذكير أن محمد زيان اشتهر عبر مساره المهني بالمظلات الحامية له انطلاقا من قرابته للجنرال اوفقير، وصداقته القوية مع مستشار الملك الراحل أحمد رضا كديرة، كما انه ظل، ولفترة طويلة، يحتمي بالوزير الراحل إدريس البصري الذي نصبه محاميا للحكومة في قضية المناضل الراحل محمد نوبير الأموي، الذي زج به في السجن. وقد ظفر محمد زيان أيام قوة إدريس البصري بالترافع في عدة ملفات كبيرة، وبمقعد في البرلمان باسم الاتحاد الدستوري، وبمنصب وزير حقوق الانسان، قبل أن ينقلب عليه صديقه البصري أثناء حملة التطهير الذائعة الصيت، ومن تم كثر صراخه وعويله.