تفاعل المحلل السياسي سمير بنيس، مع حذف الرئيس الأمريكي جو بايدن، لتغريدة نشرها يوم أمس تظهر المغرب منفصلا عن صحرائه، والتي استغلها الإعلام الجزائري من أجل التشكيك في موقف الولاياتالمتحدةالأمريكية حول الصحراء المغربية، والتي اعترفت بمغربيتها رسميا من قبل. وبهذا الخصوص، اعتبر بنيس أن حذف بايدن للتغريدة بمثابة انتصار كبير للمغرب وللشعب المغربي، من خلال تدوينة نشرها عبر حسابه الرسمي على فيسبوك جاء فيها : "أحس بفرحة ونشوة كبيرتين اليوم بعدما تلقت الجزائر والدول الداعمة لها (إسبانيا وألمانيا وجنوب إفريقيا) وكذا بعض المغاربة (الله يهديهم) بعدما حذفت الإدارة الأمريكية تغريدة نشرت على حساب الرئيس جو بايدن مرفوقة بصورة أوردت المغرب بدون صحرائه. منذ الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، كثر القيل والقال حول أهمية هذا الاعتراف وقانونيته وما إذا كانت الإدارة الأمريكية الحالية ستحتفظ به. ومنذ أول يوم من ذلك الاعتراف، نشرت العديد من المقالات التي شرحت فيها الأسباب القانونية والسياسية والجيوستراتيجية التي ستحول دون إعادة الإدارة الأمريكية الحالية النظر في الاعتراف بمغربية الصحراء. بالمقابل، عمل البعض، وبشكل لم أفهمه لحد الآن، على تقزيم الدبلوماسية المغربية وعلى تقديمها على أنها ساذجة وأنها تلقت شيكاً ملغوماً من الرئيس السابق دونالد ترامب حين قبلت أن يكون الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء بتواز مع استئناف المغرب لعلاقاته الدبلوماسية مع إسرائيل. ولم تكن "تحاليلهم" مبنية على قراءة دقيقة للسياسة الخارجية الأمريكية وعلى التغيرات الجيوستراتيجية التي يشهدها العالم، بل كانت نابعة من قناعات شخصية وتخمينات غير مبنية على أي منطق. كما تحينوا كل الفرص وكل التصريحات الصادرة عن الإدارة الأمريكية للتأكيد مرةً أخرى على أن المغرب أخطأ الطريق حينما "وضع بيضه في سلة واحدة" وعول على الدعم الأمريكي وكأن المغرب يتعامل مع دولة موزية وليس مع قوة عظمى لها مؤسساتها ولا تتخذ أي خطوة دون دراستها بشكل مسبق ومتقن، وكما لو كانت عملية صنع القرار في المغرب تتم بشكل ارتجالية ودون دراسة لأبعاد وتأثيرات كل خطوة يقوم بها البلد. ولا شك أن كل من كان يمني النفس في أن تعيد الإدارة الأمريكية النظر في اعترافها بمغربية الصحراء، تمتع ببضع ساعات من النشوة والفرح بعدما تم نشر التغريدة المشار إليها أعلاه على الحساب الرسمي للرئيس بايدن. إلا أن فرحتهم على غرار فرحة النظام الجزائري وصحافته لم تدم طويلاً. وكانت المفاجأة مدوية ومفجعة لهم حينما تم حذف تلك التدوينة. وكان لدي إحساس بأن الإدارة الأمريكية قد تقوم بحذف التدوينة، خاصة وأن سبق أن قامت بحذف ثلاث تغريدات منذ تقلد الرئيس بايدن مقاليد الحكم. وهو ما وقع بالفعل، مما يمكنه اعتباره انتصاراً كبيراً للمغرب وللشعب المغربي الذي يؤمن بعدالة قضيته ويقف وراء ملكه وكل مكونات حكومته للدفاع عن وحدة أراضيه ووضع حد لهذا النزاع. فأن تقوم الإدارة الأمريكية (وما أدراك ما الإدارة الأمريكية) بحذف تغريدة للرئيس فإن ذلك يعتبر في حد ذاته أكبر إعلان رسمي من طرف الولاياتالمتحدة بأنها لن تعيد النظر في اعترافها بمغربية الصحراء وأن هذا الاعتراف لم يكن فقط تدوينة لا قيمة لها كما سوقت لذلك بعض النفوس المريضة المصابة بمرض الأنا وأنا ربكم الأعلى العارف بكل شي، وأن هذا الاعتراف يدخل في إطار سياسة أمريكية بعيدة المدى تعتبر فيها الولاياتالمتحدة المغرب بمثابة شريك موثوق به وقوي وقادر على مساعدتها على الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية في المنطقة المغاربية وفي افريقيا جنوب الصحراء. وإن كان لأي أحد أدنى شك في ذلك فليتساءل لماذا قام مسؤولين أمريكيين بزيارة المغرب في أقل من أسبوع (القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية جوي هود ورئيس أركان الجيش الأمريكي)، وتزامناً مع احتفال المغرب بعيد العرش. إن دل ذلك علي شيء، فإنما يدل على أن الإدارة الامريكية عاقدة العزم على تقوية علاقاتها مع المغرب على جميع الأصعدة وأن ليست النية في تحقيق آمال خصوم المغرب".