عرفت الأزمة الدبلوماسية المغربية الإسبانية عدة تطورات، خلال الأسبوع الجاري وكان آخر فصولها مثول المدعو إبراهيم غالي زعيم جبهة "البوليساريو" أمام أحد قضاة المحكمة الوطنية الإسبانية، للاستماع إلى أقواله بشأن التهم الموجهة إليه، ومنها الإبادة الجماعية والتعذيب والإرهاب والاغتصاب، ومغادرته التراب الإسباني متجها إلى الجزائر التي فضحته في أول يوم. وتعليقا على هذه التطورات أكد عبد النبي صبري أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي بجامعة محمد الخامس، في تصريح ل"برلمان.كوم"، أنه من الضروري على المغرب مراجعة العلاقات الثنائية برمتها بينه وبين إسبانيا وإعادة النظر أيضا في علاقته مع الاتحاد الأوروبي، على اعتبار أن المشاكل التي يمكن أن تؤثر في إمكانية تحقيق تعاون هي ألا تكون هناك مساومة وتملص من الالتزام، ثم أن يكون هناك حزم وجزم واستقلالية في اتخاذ القرار، وهذا الأمر مع الأسف لاحظنا غيابه في علاقاتنا مع إسبانيا اليوم. وأضاف المتحدث، أن ما وقع خلال جلسة المدعو غالي أمر مؤسف، حيث أنه في الوقت الذي كان قاضي التحقيق يسائل هذا المتهم، كانت الطائرة الجزائرية تحلق فوق سماء إسبانيا، وهذا ما يثير الاستغراب والشكوك، ويسائل مدى نجاعة القضاء الإسباني. وفي نفس السياق، أشار صبري إلى أنه كان على قاضي التحقيق أن يقوم بإغلاق الحدود في وجه المدعو غالي للتأكد على الأقل من التهم الموجهة إليه. موضحا أن العلاقات بين المغرب وإسبانيا تحكمها ثوابت ومتغيرات، وتتجلى أولا في الجوار، الذي تحكمه مقتضيات قانونية دولية ترتبط باحترام حسن الجوار. وأكد صبري أن دخول المدعو غالي زعيم جماعة مليشيات "البوليساريو" المتهم بارتكاب جرائم حرب إلى التراب الإسباني والاتحاد الأوروبي بوثائق مزورة وبجواز سفر جزائري مزور تطرح مشكلة مخالفة القانون الدولي ومقتضيات القانون الأوروبي الذي يمنع دخول شخص بجواز سفر وهوية مزورة. وأضاف المتحدث، أن الحكومة الإسبانية، أو الجيل السياسي الجديد لا يمارس الدبلوماسية الاحترافية، بل دبلوماسية الهواة، وهذا يتضح من خلال المغامرة بشراكات استراتيجية في مجالات التعاون الأمني والهجرة وقضايا مكافحة الإرهاب وفي مجالات متعددة أخرى. وتابع ذات المتحدث في تصريحه، أن مشكلة سياسيي إسبانيا اليوم أنهم لا يدركون تحديات المحيط الجيو-استراتيجي من جهة ومازالوا حبيسي أفكار الحرب الباردة، ويعتبرون بأن الممارسات التي كانت في الماضي يمكن أن تستمر حتى في الزمن الراهن، وهذا غير مقبول لأن المغرب تغير وتطور، وله وزن كبير في شمال إفريقيا ومجاله الداخلي قوي ومتماسك ومتين.