تفاجأ مئات الالاف من مغاربة العالم، أمس الجمعة، بإعلان صادر عن “مجلس الجالية المغربية بالخارج” يخبرهم عزمه تنظيم نشاط افتراضي عبارة عن “إملاء ضخم على الفايسبوك” حول “ما معنى أن تكون مغربيا اليوم”، بشراكة مع الروائي رشيد سانتاكي، داعيا إياهم للمشاركة بكثافة، وذلك خارج السياق الزمني الذي يمر منه العالم. علما أن كل مغربية ومغربي يتواجد الآن ببلاد المهجر يمر بظروف قاسية فرضتها تداعيات فيروس كورونا، فمنهم من قضى نحبه ودفن في بلاد الغربة بعيدا عن أهله وتراب بلده المغرب، ومنهم من يرقدون بالمئات في المستشفيات للعلاج من الفيروس القاتل. وقبل الخوض في الموضوع لابد أن نؤكد أنه لا مشكلة لنا مع الروائي “سانتاكي”، فعوض أن ينكب المجلس، الذي لم يسمع صوته في محنة ال”كورونا”، على إيجاد حلول عاجلة ل27 ألف مواطن مغربي عالقين بمختلف قارات العالم، حيث أن بعضهم بدون مأوى والبعض الآخر يدبر قوته اليومي بأسلوبه الخاص والبعض الأخر يحتج أمام القنصليات للعودة إلى أرض الوطن، اكتفى المجلس بالانسياق وراء الموجة التي يعرفها الفضاء الأزرق في فترة الحجر الصحي، بتنظيم نشاط افتراضي متوهما انه سيحفظ ماء وجهه، أو حتى يقال أن المجلس قام بشىء ما لمغاربة العالم في زمن ال”كورونا”. ويبدو أن المجلس ورئيسه ادريس اليزمي، وأمينه العام عبد الله بوصوف، اللذين اختفيا عن الأنظار خلال هذه المرحلة الصعبة التي يمر منها مغاربة المهجر، أرادوا الاستهتار بمشاعر المغاربة، بل التلاعب بها في هذه الفترة الحرجة، كمثل الزائر الذي اصطحب لعبة الشطرنج الى بيت العزاء. وفضيحة الفضائح هي أن هذا المجلس قرر أن يلقن المغاربة دروسا في الوطنية عبر طمس هويتهم، وتزوير عروبتهم، وإتلاف تاريخهم الحقيقي بفرض دروس تافهة في الإملاء بلغة المستعمر، ليصح فيه المثل المغربي”جا يعاونو على قبر اباه وهرب ليه بالفاس”. وبمثل هذه التصرفات اللامسؤولة، يضرب هذا الثنائي كل الواجبات المفروضة عليهم في هذه الفترة الحرجة من تاريخ وطننا، ويتغاضيان عن إيجاد حلول للم شمل العائلات المغربية المشتتة بين الدول، والبحث عن علاج للمشاكل اليومية التي يتخبط فيها المغاربة العالقين بالخارج من ناحية، ومن ناحية أخرى طرح مقترحات فعلية وقابلة للتطبيق للأسر المغربية المقيمة في دول المهجر، والتي تمر بصعوبات مادية بسبب فقدان مناصب الشغل، بالإضافة إلى مشكل نقل الجثامين إلى المغرب، القابعة بعضها في ثلاجات الموتى بإسبانيا وفرنسا تزامن موتهم مع انتشار وباء “كورونا”. ولعل ما تناساه المجلس هو أن يبرز دوره كمؤسسة دستورية في هذه المحنة ترعى مشاكل رعايا المملكة، من خلال حصر لوائح العالقين والتنسيق مع القنصليات والسفارات لإيجاد الحلول وطرح الاقتراحات، وتخصيص مبلغ مالي مهم من ميزانية المجلس لدعم الأسر المعوزة بسبب تداعيات كورونا، وإنشاء خط هاتفي مجاني للتواصل مع الجالية ومساعدتها على تخطي هذه الظروف الصعبة، عوض الاهتمام بنشاط افتراضي لا يسمن ولا يغني من جوع. فهل انتبه المجلس وهو يفكر في تنظيم هذا النشاط إلى مشاعر المغاربة جميعا وخاصة العالقين بالخارج وأسرهم والمقيمين بدول المهجر؟ إنه استفزاز وبرهان على عدم اهتمامه بمعانات المواطنين، مؤكدا بسلوكه هذا أنه ما يهمه هو تبرير الميزانية الضخمة، الرسمية والباطنية التي يتصرف فيها، وتلميع صورته بأنشطة سخيفة وافتراضية لن تنفعهم بشىء في زمن ال”كورونا”. كان على عبد الله بوصوف، وعلى ادريس اليزمي الذي خرب المجلس الوطني لحقوق الانسان قبل أن يُطرد منه، أن يقولا للمغاربة ماذا قاما به من أجل مغاربة المهجر في أزمة كورونا! أن يقدما للمغاربة حصيلة عملهم البئيس على رأس المجلس طيلة 13 سنة وكذلك التقارير الأدبية والمالية! وأن يوضحا للمغاربة حقيقة استفادة اليزمي، من عدمها، من راتبين شهريين بصفته رئيسا لمجلس حقوق الانسان ومجلس الجالية في آن واحد! وأن يقولا لنا أين اختفى ادريس اليزمي منذ إقالته من مجلس حقوق الانسان، هل قدم استقالته من مجلس الجالية أم أُقيل منه؟ أم أنه موظف شبح لا زال ينعم بميزانية هذا الأخير دون القيام بواجباته؟ فرجاء “لا تقتلوا” مغاربة العالم مرتين…