وجدت السفيرة الفرنسية في المغرب هيلين لوغال نفسها في موقف لا تحسد عليه، عند جوابها على أسئلة المجلة المغربية الشهرية “economie-entreprises”، التي أجرت معها حوارا مطولا، وهو ما يظهر وجود أزمة صامتة بين البلدين، حيث أن السفيرة دائما ما تكون حريصة أثناء تواصلها، على عدم ذكر أسماء رؤساء الدولتين، وهو الأمر غير المألوف في القنوات السياسية، والقواعد الدبلوماسية. والغريب في الأمر أيضا، حسب موقع “maghreb-intelligence”، الذي علق على الحوار، أن هذه السفيرة وفي بلدين معروف عليهما أنهما متقاربين وتجمعهما علاقات وطيدة، لم تذكر ومنذ تعيينها في المغرب (8 أشهر) أسماء أي من المسؤولين المغاربة الذين يمكن أن تجمعها بهم علاقات عمل، وتكتفي فقط بذكر أسماء مناصبهم. وطال هذا السلوك حتى ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، وفي هذا السياق تساءل الموقع عما إذا كان ذلك تناسيا منها أو احتقارا للمسؤولين المغاربة. “ومن خلال الكلمات التي استعملتها السفيرة خلال حوارها مع المجلة في عددها للشهر الجاري، في حديثها عن ملف إعادة الفرنسيين إلى وطنهم، وعددهم 20 ألف شخص، نلاحظ نوعا من التعالي أو العجرفة، وهنا يمكن أن نرجح العجرفة أكثر من القول إن السفيرة أساءت التعبير”، يقول الموقع. وبهذا يمكن أن نستنتج أن تلك الفترة التي كانت فيها العلاقات المغربية الفرنسية تتسم بالتقارب والتلاحم وتنعت بالوطيدة قد ولت في عهد لوغال، إذ يمكن اعتبار حوارات السفيرة مع نظرائها المغاربة فقط تتميز بالسلاسة والتماسك، وحسب ما ذكره الموقع، نقلا عن مصادر دبلوماسية، فإن تطوير العلاقات بين المغرب وفرنسا لا يمكن أن يتم بحضور السفيرة المذكورة، بحكم أنها ترى في المغرب دائما حليفا مهددا لها عوض أن تنظر إليه أنه صديق حليف. وفي جوابها على سؤال طرح عليها في “الأوف” حول الهجمات التي دائما ما يشنها الإعلام الفرنسي ضد المغرب، في الوقت الذي كانت تشغل فيه منصب مستشارة للرئيس مكلفة بإفريقيا في عهد فرنسوا هولاند، يضيف الموقع، أجابت السفيرة “باستهزاء”، إنها في سلة المفاوضات. ورجوعا إلى حوار المجلة الشهرية؛ وخصوصا ما يتعلق بعودة الفرنسيين إلى أوطانهم قالت السفيرة، “لم يغادر جميع السياح المغرب نظرا لاعتبارات متعددة، لكن من 13 إلى 22 مارس غادر 25 ألف سائح أوروبيين ومغاربة على متن 140 طائرة تم توفيرها خصيصا من قبل بعض شركات الطيران، وتم تحديد عدد الفرنسيين في 20 ألف سائح، ويمكن أن أقول إنني مرتاحة، فجميع القنصليات اشتغلت باستعمال خلايا أزمة طوال الأسابيع الماضية، بدون نوم، وظلت تبحث عن الحلول الممكنة للمواطنين”. وبالإضافة إلى هذا، لازال أمامنا عمل كثير لمساعدة المواطنين الذين لازالوا هنا في المغرب؛ لأن أغلبهم لا يمتلك سكنا، وتنقصهم تراخيص من أجل التنقل، ولهذا ظلت مختلف القنصليات في تواصل معهم. تقول السفيرة. وفي جواب لها على الطريقة التي تم بها تدبير الأزمة مع السلطات المغربية، قالت السفيرة، “تطلب تدبيرها نوعا من السلاسة من طرف الجانبين، في البداية صدر قرار بتعليق السفريات إلى فرنسا يوم 13 مارس، وقمنا باحتساب عدد الفرنسيين الذين أرادوا الرجوع إلى الوطن، ودخلنا في مفاوضات مع السلطات المغربية، وهنا طلبنا تراخيص استثنائية، وباتصال مع وزارة الخارجية المغربية ووزارة السياحة، تم تمكيننا من ذلك، وتم توفير طائرات تأتي فارغة من فرنسا يركبها المواطنون”. وفي ما يتعلق بتدوينة الرئيس ماكرون التي طالب فيها السلطات المغربية، مستعملا صيغة الأمر، بتسهيل عملية رجوع السياح الفرنسيين، والتي أثارت سخطا واسعا في مواقع التواصل الاجتماعي، قالت السفيرة، “لا يجب أن نركز على ردات الفعل بمواقع التواصل الاجتماعي؛ لأنها غالبا ما تتم في وقت أزمة، وأؤكد، تجمعنا علاقات سلسة مع السلطات المغربية، وتعززت هذه العلاقة لتواجد مشاريع مشتركة مع المغرب، تلمس العديد من المجالات قضايا البيئة”. وفي ذات السياق، أشارت السفيرة إلى أن فرنسا فقدت مرتبتها الأولى كشريك اقتصادي للمغرب، لفائدة إسبانيا، ولكن لازالت فرنسا المستثمر الأول في المغرب، ونحن نشجع على الاستثمار في هذا البلد، وعلى تصدير منتوجاتنا إليه، ونقوم بما في وسعنا من أجل توطيد العلاقة. وفيما يتعلق بالوزراء الذين نادوا برجوع الاستثمارات إلى فرنسا قالت السفيرة، “أظن أن أزمة كورونا أعطتنا الكثير من الدروس، وعلى رأسها الاهتمام بالقطاعات الاستراتيجية كالصحة، وهذا ما تنبأ له برونو لومير وزير الاقتصاد والمالية، الذي أكد وقبل انتشار الجائحة، أهمية الاحتفاظ ببعض الصناعات الاستراتيجية في فرنسا. عندما نكون في الحجر الصحي وتنقطع المبادلات الدولية تكون الدولة قادرة على توفير جميع حاجيات مواطنيها دون الحاجة إلى الدول الأخرى”. وعند قدوم الوزير إلى المغرب تحدث مع نظرائه على مفهوم جديد اقتصادي فرنسي- مغربي، يتمحور حول أربعة محاور؛ يتجلى الأول في إزالة الكاربون من البيئة، والثاني في تعزيز تدخل المقاولات الصغرى والمتوسطة في العلاقات الاقتصادية، والاتجاه الجماعي نحو إفريقيا، بالإضافة إلى التعاون الرقمي. دائما في قطاع الاقتصاد، سألت المجلة السفيرة عن تعاون جديد للقطار الفائق السرعة، يربط مراكش بأكادير، أجابت بالنفي قائلة، “لا أدري على ماذا تتحدثون، كانت هناك شراكة بين فرنسا والصين لتنزيل تكلفة العرض، وهذا الموضوع ليس لدينا في جدول الأعمال، وما يمكن أن أؤكده لك هو أننا بجانب المغرب فيما يتعلق بالترتيبات المالية التي تهم الربط السككي، إذا كان المغرب لازال راغبا في ذلك”. وفي اتجاه مغاير، أكدت السفيرة أن اختيار الانفتاح الاقتصادي لدولة مثل المغرب يبقى صائبا، ولكن مع ضرورة الاحتفاظ ببعض الصناعات، والوفاء لسياسة التبادل الحر. وفي تعليقها على تراجع طلب فرنسا للمغرب بتكوين أئمة لها قالت السفيرة، “دائما فرنسا تحتاج للمغرب؛ لأنه يلعب دورا استراتيجيا في المجال الديني، كل ما في الأمر أن هناك مطالب لكي يتم تكوين أئمة فرنسيين ويتلقون تكوينهم باللغة الفرنسية، لأن الناس الذين يتواصلون معهم يتحدثون بالفرنسية ويأخذون بعين الاعتبار أنهم مرتبطين بدولة علمانية، والمغرب وفرنسا حاليا يعملون على تكوين أئمة تراعي العناصر المذكورة”. وفي جوابها على السؤال التالي، بالرغم من أن المغرب يتوفر على سفير في فرنسا من الناحية الدبلوماسية فإن الأحداث بينت أن هذا المنصب شاغر، هل الحاجة إلى هذا المنصب ضرورية ؟ قالت السفيرة “ما يمكنني أن أقول هو أن علاقاتي كانت دائما جيدة مع السفير، حتى قبل تعييني كسفيرة لفرنسا في المغرب. وفي اتجاه مغاير، أبرزت المتحدثة -من منطلق كونها كانت سفيرة في إسرائيل – أن الطائفة اليهودية المغربية في إسرائيل تعد الثانية بعد الطائفة الروسية، وتقدر بمليون شخص وهي مرتبطة ببلدها الأصلي المغرب” ويمكن أن تلعب دورا مهما فيما يتعلق بالشأن الديني”. وأكدت السفيرة أن المنصب الذي تتقلده كسفيرة في المغرب يحظى بأهمية بالغة، وتتجه صوبه العديد من الأنظار على اعتبار أن فرنسا والمملكة تجمعهما علاقات وطيدة، ويعد المغرب أكبر شبكة ثقافية لفرنسا في العالم بحيث أنه يحتوي على 13 ألف مركز ثقافي فرنسي، “ونتوفر على 44 مؤسسة فرنسية في المغرب، وفيما يتعلق بالمجال الاقتصادي، فنتوفر على 950 ملحقة شركات في المغرب، لديهم تجارة خارجية تقدر ب 12 مليار أورو”.