صادق المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري خلال اجتماع عن بعد، عقده اليوم الجمعة، على تقرير مبني على معاينة وتتبع البرامج والوصلات التي بثتها 18 خدمة إذاعية وتلفزية، عمومية وخاصة، عن الحالة الوبائية المرتبطة بفيروس كورونا المستجد والمجهودات المرصودة للحد من انتشاره، ومواكبة آثاره وتداعياته الاقتصادية والاجتماعية، وذلك مواكبة منه لمجهود التعبئة الوطنية الشاملة للحد من تفشي وباء كورونا المستجد (كوفيد –19)، طيلة الفترة الممتدة من 19 مارس إلى 9 أبريل 2020. وحسب بيان للهيئة، توصل “برلمان.كوم” بنسخة منه، فإن التقرير يبرز أوجه وخصائص المجهود الإعلامي الذي بذلته الخدمات الإذاعية والتلفزية المغربية إسهاما في هذه التعبئة الوطنية. ومن أهم ما تم رصده، إقبال جل هذه الخدمات على تغيير البرمجة وتكييف مضامين البرامج لاستيعاب متطلبات الظرف الطارئ، بالإضافة إلى خلقها لأجواء يقظة مستمرة من خلال برمجة مكثفة للمضامين التحسيسية والتوعوية. وأوضحت في ذات البيان أنه انطلاقا من مهامها كهيئة لتقنين الاتصال السمعي البصري، قدمت في ختام هذا التقرير الذي تم تعميمه على كافة مقدمي الخدمات الإذاعية والتلفزية الوطنية، جملة من المقترحات تروم، في احترام تام لحريتهم التحريرية وحق المواطن في الخبر، تعزيز جهود اليقظة على مستوى المواكبة الإعلامية لمختلف أوجه وتداعيات هذه الأزمة الوبائية. ومن بين هذه المقترحات، الاحتراس من احتمال وصم المصابين أو المشتبه بإصابتهم بفيروس كورونا المستجد، والحرص على صون كرامتهم وحماية حياتهم الخاصة وحقهم في الصورة؛ تفادي كشف هوية من يشتبه في مخالفته لقرارات السلطات العمومية المؤطرة لحالة الطوارئ الصحية، مع استحضار واجب التمييز بين عرض وانتقاد المخالفات المرتكبة والتحريض ضد من يشتبه في ارتكابها. وشددت على تجنب المعالجة المبنية على الإثارة في الربط بين مدن وأحياء بعينها وارتفاع عدد المصابين بفيروس كورونا المستجد، مما من شأنه أن يقود إلى وصم سكانها وإنتاج مواقف وسلوكات نبذ وازدراء ضدها، دون الإخلال بضمان حق المواطن في الخبر وشفافية توفير المعطيات بخصوص الحالة الوبائية ببلانا. ودعت إلى أخذ التدابير اللازمة للتأكد من توفر الأهلية العلمية والمهنية للأشخاص المدعوين في البرامج لشرح المعطيات العلمية المتعلقة بطبيعة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) وطرق انتشاره وسبل الوقاية والعلاج منه، بالإضافة إلى الامتناع عن تشخيص الحالات المرضية وإعطاء وصفات علاجية على الأثير أو ببلاتوهات البرامج التلفزية. وحثت على توسيع نطاق التناول الإعلامي لموضوع الوباء بالتطرق لأبعاد أخرى اقتصادية واجتماعية، مما من شأنه الإسهام في تقويض الشعور بالقلق داخل المجتمع ودعم ثقة المواطنين في الفعل العمومي المرصود لتدبير هذا الظرف الطارئ، وبالتالي التحفيز على انخراط الجميع في التعبئة الوطنية الشاملة. وطالبت بتعزيز استثمار التغطية الجهوية للخدمات الإذاعية، الخاصة والعمومية، الموزعة على مجموع التراب الوطني، لتعزيز إعلام القرب، مجاليا ولغويا، وذلك من خلال نقل واقع وتداعيات الوباء بمختلف جهات المغرب، بما فيها المناطق النائية، وتمكين المواطنين أينما تواجدوا فوق التراب الوطني، بتنوعه اللغوي والثقافي، من التعبير عن تجربتهم وتفاعلهم مع هذا الظرف الاستثنائي، إنعاشا لشعورهم بالاندماج في التعبئة الوطنية وتشجيعا لمبادراتهم الرامية إلى المساهمة في الحد من انتشار الوباء وتداعياته. وفضلا عن المجهود المبذول من طرف الخدمات التلفزية طيلة هذه الفترة في توظيف لغة الإشارة في برامجها التحسيسية لفائدة الأشخاص الصم وضعاف السمع، هناك حاجة لتوسيع هذا المجهود حتى يشمل وصلات توعوية أخرى وبرامج ذات مصلحة عامة لها صلة بوباء كورونا، مع العمل، حسب الإمكانات المتاحة، على تطوير ولوج هذه الفئة من الجمهور إلى هذه البرامج بتوفير النص المكتوب على الشاشة والمرافق للصور والمشاهد المبثوثة، مشددة على إيلاء اهتمام إعلامي أكبر بوضعية المهاجرين واللاجئين المقيمين بالمغرب في هذا الظرف الاستثنائي، بشكل يتلاءم أهمية القرار السياسي والإنساني الذي اتخذته المملكة المغربية بتوفير الرعاية الطبية والحماية الاجتماعية والاقتصادية لفائدتهم ضد هذا الوباء. “إلى جانب المجهود غير المسبوق الذي بذلته الخدمات الإذاعية والتلفزية، العمومية والخاصة، على مستوى تفكيك الأخبار الزائفة، أكد البيان، أن هناك حاجة لاستغلال هذه الظرفية لتطوير مضامين سمعية بصرية مرصودة للنهوض بالدراية الإعلامية للمواطن بغية الرفع من مستوى يقظته وحسه النقدي إزاء الأخبار المتداولة على منصات التواصل الاجتماعي وتطبيقات التراسل الفوري،خصوصا مع تنامي ما بات يعرف “بالزيف العميق” le deepfake اعتمادا على تقنيات الذكاء الاصطناعي وتسخيرا للقوة التأثيرية للفيديوهات. هذا المجهود من شأنه تقوية الثقة إزاء الخدمات الإذاعية والتلفزية كوسائط إعلامية مسؤولة وذات موثوقية. في هذه الظرفية الخاصة ورغم الحيز الزمني الاستثنائي الذي من الطبيعي أن يُفرَد في الشبكة البرامجية للخدمات الإذاعية والتلفزية لأزمة الوباء، تظل ضرورة الاستجابة لحاجة المواطن إلى البرامج الثقافية والترفيهية، قائمة. كما أن تقديم هذا الصنف من البرامج جزء من مهام الخدمة الإعلامية العمومية، بالإضافة إلى كونها تدعم وتقوي إسهام هذه الخدمات الإذاعية والتلفزية في خفض منسوب الضغط النفسي على المواطن والترويح عنه ومساعدته على التغلب على الإحساس بالقلق والهلع الناتج عن تعرضه لكم هائل من المواد الإعلامية على مختلف الدعامات، عن الوباء ومخاطره”، يقول بيان “الهاكا”. من جهة أخرى، يضيف البيان، وأثناء بث العروض، والبرامج الفنية ومواد ترفيهية أخرى جرى تسجيلها أو تصويرها قبل انتشار فيروس كورونا، يتعين إشعار الجمهور بذلك في حينه، درءا للاعتقاد بأنه لا تحترم فيها الإجراءات الحاجزية والتدابير الوقائية ضد كوفيد 19؛ مع دعم توحيد وتقاسم (mutualisation) جزء من مجهود الاستقاء الميداني للأخبار وإنجاز المضامين ذات الصلة بالوباء بين إذاعات وقنوات الخدمة العمومية، اختزالا لحركية الصحفيين وتقليصا لتنقل فرقها التقنية وتخفيفا للضغط اللوجيستيكي في هذا الظرف الاستثنائي. وكشفت ال”هاكا” أنها ارتأت إصدار هذا التقرير المرحلي تزامنا مع “بداية دخول بلادنا فترة حاسمة في مسار تطور الوباء، ونظرا لضرورة استشراف متطلبات المرحلة المقبلة فيما تستلزمه من مواصلة وتقوية للمجهود الإعلامي ومن مساهمة متفردة للخدمات الإذاعية والتلفزية في الرفع من الوعي الجماعي لإنجاح التعبئة الوطنية الشاملة، ودعم السلوك المواطن الملتزم بقواعد حالة الطوارئ الصحية”.