حافظ “القفطان” المغربي على مر العصور على هويته وأصالته الضاربتين في عمق التاريخ، رغم موجة التطور والتحديث الذين عرفهما، بل وتحول هذا الزي التقليدي من مجرد لباس محلي تتزين به المغربيات في المناسبات والأعياد إلى زي عالمي تتغنى به أشهر منصات عروض المصممين العالميين وتتباهى بارتدائه شهيرات العالم من فنانات وسياسيات سواء كن عربيات أم أجنبيات. ويعتبر القفطان المغربي من أقدم الألبسة التقليدية، إذ يعود ظهوره إلى العصر المريني ثم العصر السعدي وخاصة في عهد السلطان المغربي أحمد المنصور الذهبي، ثم انتشر في الأندلس حسب بعض الباحثين، بفضل موسيقي “زرياب” في بداية القرن التاسع، ويعبر عن ثقافة وجمالية رافيعة المستوى، تبرز مكانته أمام الشعوب الأخرى، فهو رمز للعادات والتقاليد الخاصة بكل إنسان مغربي، وموضة متميزة. وتتعدد أشكال القفطان المغربي وألوانه وكذا تصميماته كما تختلف خياطته من منطقة إلى أخرى، ومن بين المناطق الأكثر حرفية في خياطة هذا الزي الفخم نذكر مدينة تطوان وفاس والقصر الكبير والرباط، هذه الأخيرة طالما عرف سكانها بالقفطان الرباطي حيث كانت ولازالت المغربيات تستهويهن قفاطين الأميرات ونساء العائلة الملكية اللواتي عرفن بإطلالاتهن الفخمة بالقفطان أو “التكشيطة”. وتنتعش تجارة وخياطة القفطان في المغرب بالخصوص في فصل الصيف حيث تكثر المناسبات والأفراح، أو في شهر رمضان والأعياد الذي تليه، إذ تقبل المغربيات على اقتنائه جاهزا ومعدا سلفا أو تقدم على خياطته وفق اختياراتهن للألوان ونوعية الأثواب التي من شأنها أن تلائم أجسادهن، وتبرز جماليتهن. إلا أن هذا الزي مع مرور الوقت تطور ليواكب العصر ومتطلبات المرأة الحديثة فأصبح القفطان قصيرا وبأكمام أقل اتساعا كما تم اختصاره بعدما كان عبارة عن قطعتين بهما زخارف عدة كالطرز عن طريق “السفيفة” ويستغرق مدة أطول في خياطته، ليتحول إلى قطعة واحدة تختصر الوقت وتبلغ تارة جرأة في التصميم وتارة أخرى بساطة وجمالا أنثويا صارخا. وللقفطان مكانة خاصة في مناسبات المغاربة وأعيادهم، إذ من المستحيل أن تحضر عرسا أو عقيقة أو أي مناسبة فرحة ولا تجد النساء يلبسنه ويتباهين به، ولعل حضور القفطان أيضا في كل التظاهرات الثقافية في المغرب وخارجه من أبرز العوامل التي ساهمت في التعريف به وتصديره إلى العالمية، خصوصا أنه الزي الرئيسي الذي تلبسه العائلة الملكية عند حضورها مناسبات زفاف أمراء أو ملوك العالم. واستطاع القفطان لفت انتباه النجمات والفنانات والممثلات وحتى السياسيات سواء العربيات أو الأجنبيات، حيث ارتدته وزيرة الخارجية السابقة هلاري كلنتون التي تعد أقوى السياسيات الأمريكيات غير ما مرة، كما ارتدته كل من الممثلة الفرنسية كاترين دونوف التي تحرص على ارتدائه في عدد من المهرجانات الدولية، وجميلة الشاشة التركية الممثلة توبا المعروفة ب”لميس”، كما تعشقه نجمات الغناء العالمي كبيونسي وماريا كاري والراحلة ويتني هيوستن اللواتي ارتدينه في مناسبات وحفلات غنائية عالمية. وعلى الصعيد العربي، أسماء عدة من الفنانات والممثلات ارتدين القفطان المغربي وأظهرن عشقهن لهذا الزي الضارب في الفخامة حد النخاع، فارتدينه غير ذي مرة في المغرب وفي بلدانهن الاصلية، ومن بين أسماء عدة نذكر المطربة أحلام وماجدة الرومي وديانا حداد وهيفاء وهبي وأصالة نصري وشيرين عبد الوهاب.