تركت مجال المحاسبة قبل أعوام واختارت القرب من الناس، وفي الجمعة الماضي التقطتها الكاميرات تحمل بندقية أوتوماتيكية وترتدي الحجاب وتعلق وردة حمراء على صدرها، فكانت توليفة من الجمال والقوة والوقار. إنها ميشيل إيفانز شابة عشرينية ولدت وترعرعت في بلدة وانغانوي السياحية والمطلة على الساحل الغربي للجزيرة الشمالية في نيوزيلندا. وعندما احتشد آلاف النيوزلنديين الجمعة الماضي في كرايست تشيرتش لتشييع ضحايا مجزرة المسجدين، كانت الضابطة إيفانز تحرس حديقة المقبرة التي جرى فيها تأبين ودفن القتلى. المصور ألدن ويليامز واحد من الذين أسرتهم صورة الضابطة إيفانز، فكتب عن مفارقة الوردة والبندقية والحجاب في دولة الجزر الواقعة جنوبي غربي المحيط الهادي. يقول وليامز “إنها صورة قوية تختزل الوقار والاحترام والحماية. إنها تجمع هذه العناصر الثلاثة”. وفي حديث لموقع “ستاف”، وفقا لما نقلته “الجزيرة.نت”، يحكي وليامز أنه التقط العديد من صور الشرطة خلال مسيرته المهنية، “ولكن المزج بين الورد الأحمر وبندقية الهجوم والحجاب أمر لم أشاهده من قبل”. وعلى صفحات مواقع التواصل، حازت الصورة على الكثير من الإعجاب والتعاليق، فكتب أحدهم “رائعة جدا، إنها مثال على التسامح في نيوزيلندا، إنسانية ومتعاطفة ويجب أن يراها الناس حول العالم”. وعلق آخر بالقول “مشهد لا يمكن تصديقه، القوة والجمال”. ورغم أن نيوزيلندا ارتدت الحجاب الجمعة الماضي تضامنا مع المسلمين، فإن صورة الضابطة الشقراء كانت الأكثر جذبا للصحافة الغربية، واعتبرتها رمزا للتسامح وحب الآخر. وكتب موقع ستاف “في البداية لفتت رئيسة وزراء نيوزيلندا انتباه العالم عندما ارتدت الحجاب، والآن انتشرت على نطاق واسع صورة الضابطة الشابة” بحجابها وبندقيتها والوردة على صدرها. وعلقت صحيفة “دايلي ميل” قائلة “إن قرارها ارتداء الحجاب وتثبيت وردة على سترتها كان عملا يرمز للتضامن ولامس الناس حول العالم”. وقد أوردت الصحف تصريحات لإيفانز قبل أعوام عن ظروف عملها ولماذا فضلت الخطر والانخراط في الشرطة في سن مبكرة من شبابها. “لقد أردت أن أساعد الناس وأن أعمل مع المجتمع الذي ترعرعت فيه. إنها وظيفة تشعرك بالرضا عندما تعلم أنك تتقاضى راتبا من أجل مساعدة الناس”. تروي الضابطة الرشيقة أنها تفضل العمل في الخطوط الأمامية، فحتى ولو كان هناك أشخاص عدائيون سيهدؤون عندما تبدأ هي وزملاؤها التعامل مهم. وتضيف “إنهم يدركون أننا بصدد تسوية الوضع، ولن نذهب قبل أن نتأكد من أن كل الأشخاص في أمان”. وقبل ستة أشهر، كتبت شرطية الورد تدوينة عن الضغط الذي تواجهه في العمل قائلة “ليس عاديا أن تحمل على كاهلك العبء الذي يحمله ضباط الشرطة: عاطفيا ونفسيا وبدنيا”. وفي كل يوم تعمل إيفان خارج المكاتب وتعشق رسم المشاهد وتقرأ عن الصحة وعلم النفس، كونها تهتم بما يفكر به الناس. وتروي أنها تتحدث إلى الشباب بسهولة وأن حديثها يسعدهم “ولذلك يسهل علي أن أتواصل معهم وأن اكتشف من أين أتوا .. لا أدري لماذا، ولكن ربما لأنني أصغر سنا”.