شكلت قضية كنزة اخشيشن ابنة احمد اخشيش، وزير التعليم والتكوين المهني السابق، ورئيس جهة مراكش-اسفي حاليا، والقيادي البارز في حزب الاصالة والمعاصرة ايضا، مادة دسمة للمنابر الاعلامية، وللمنظمات الحقوقية، ولتلك المعنية بمحاربة الهدر المالي، والسر في كل هذا ليس كونها ابنة شخصية عمومية ذات تموقع هام في الهرم الإداري والسياسي فقط، بل كون الفتاة الشابة البالغة من العمر 18سنة لا تتوفر على رخصة سياقة أولا، ثم لأنها كانت تقود سيارة موضوعة رهن إشارة أبيها من طرف مجلس مراكش-وآسفي لأغراض وظيفية. ثانيا، و أخيرا لأن السيارة كانت تجوب شوارع العاصمة الرباط في وقت متأخر من الليل عِوَض أن تكون راكنة في مرآب مقر المجلس أو في بيت السيد اخشيشن بمراكش. إذن، فالسر هنا لا يرتبط بتهور فتاة سماها الإعلام “بنت لفشوش”، او بتعريضها المواطن والشارع العام الى الخطر بسبب عدم تحكمها في مقود السيارة ذات الدفع الرباعي، وعدم تمرسها في السياقة، أو بتخريبها لأملاك الدولة عبر صدمها لعمود كهربائي في ملكية جماعة الرباط، بل السر يكمن في كونها ابنة رجل قضى أزيد من أربعين سنة في تعليم أبناء الشعب من نفس سن ابنته، وقضى ما يوازي هذه المدة في تقديم استشارات لمنظمات عالمية ووطنية تنكب على تربية الاطفال وعلى الصحة الجسدية والنفسية والسلوكية لهم، ثم ارتقى فيما بعد الى وزير للتربية والتعليم والتكوين المهني، و في هذه المسؤوليات والتسميات ما يكفي للاتعاض ولتأنيب الضمير. فالسر الذي نحن بصدده هو جزء من الكل، ذلك ان اسباب هيجان الاقلام الناقدة، والاصوات المحتجة، متعددة ومتنوعة، ومنها ان السيد احمد اخشيشن، الاب المربي للشابة كنزة اخشيشن، هو ايضا منتخب سامي لجهة من اشهر جهات المملكة، واكثرها حاجة إلى الجد والجدية، والعمل والتنمية، ألا وهي جهة مراكش-اسفي. ومع ذلك، فالملاحظ ان رئيسها احمد خشيشن لا يلتحق بعمله، وانه منذ انتخابه مسؤولا على هذه الجهة، لم يلتحق للاستقرار بها كما يفترض. إذن، فنحن ايضا امام حالات تتراكم فيها كل التناقضات، ومنها حالة فتاة لم يتم توجيهها في الحياة بالشكل المطلوب، وهي مسؤولية الاب والام، وامام حالة أب لا يقوم بواجبه المهني والوطني كما تستلزم المسؤولية والواجب الوطني، وهنا يخرس القلم، وتتعرق الجباه حياء و خجلا. أو ليس احمد اخشيشن هو الاستاذ الجامعي والخبير الاعلامي، الذي من المفترض ان يقدم النموذج الاعلى للجيل الحالي والقادم في كيفية التفاني والعطاء والانتاجية، للنهوض بوطن هو في امس الحاجة لابنائه، ولطاقاته وكفاءاته وخبراته؟ أو لم يقض احمد اخشيشن جزءا كبيرا من حياته معززا ومكرما، بل وخبيرا “مفششا”، ينعم بعسل اكبر المنظمات الدولية، واسمى المؤسسات الوطنية، ومتقلدا مسؤوليات كبرى، احيانا بفضل القرابة والمظلات، واحيانا اخرى بفضل التسلل والمكتسبات. ومع ذلك لم نره يوما مدافعا في الظل او العلن،عن ابرز القضايا الوطنية، واشدها شراسة؟ نعم، ونقولها بصدق له، ولكل الذين ينعمون باقل الجهود بأعلى المناصب، سواء تعلق الامر به، او بابن شماس، او بفوزي لقجع، او بغيرهم، لم نر خبرتكم في الدفاع عن صورة الوطن، كلما تعرض الوطن للمحن. نقولها اليوم، و سنعود لنقدم كل التفاصيل اللازمة في فرصة قادمة. ماذا لو اقتدى الوالي والعامل، وهما موظفان بالداخلية، بالمسؤول الحكومي احمد اخشيشن، فقررا ايضا عدم الالتحاق بمهامهما، بالمدن التي يتم تعيينهم بها؟ لاشئ سيقع إذن، فقط سنرى ولايات وعمالات بدون ولاة ولا عمال!!! ماذا لو اقتدى الاستاذ والمعلم والمكون، بالسيد وزير التعليم والتكوين المهني السابق، فلم يلتحقوا بمقرات عملهم ؟ لا شئ سيقع ابدا، فقط سنرى ثانويات ومدارس ومعاهد ومراكز للتكوين، بدون اساتذة ومكونين!! ان ابنة “الفشوش والبعثة الفرنسية” قد لا تحمل ذنبا في سلوكها الا بسبب ما راكمته من تربية على يدي والديها، ولذلك، ومادام السيد خشيشن كان مدير لمؤسسة “الهاكا” التي تربط مسؤولية الاعلام بالمحاسبة، وتنتقد ممارسات بعض القنوات التلفزية، فعليه ان يقبل بالنقد ويخضع للمحاسبة. عليه ايضا ان يخضع للمحاسبة، في اطار ربط المسؤولية بالمحاسبة، وفي اطار تنفيذ النطق الملكي الحاسم، وخطاب العرش الحازم، وقد كان من واجب وزير الداخلية ان يتدخل في حينه ليسائل المنتخب السامي، ويوجه اليه العقوبات الضرورية، ولو في شكل انذار او توببخ او تنبيه. ومادامت الأحزاب مسؤولة عن تأطير المواطنين، فلتبدأ اولا بتأطير قيادييها، وتدريبهم على الالتزام والحضور والمثابرة، ومن تم سيتعلمون اساليب تربية ابنائهم وبناتهم، ومن هذا الباب فحزب الاصالة والمعاصرة مطالب بالتحرك، وباصدار القرار الللازم، خاصة ان هذه ليست هي الحالة الاولى لبنات “الفشوش” في حزب يتحدث عن الاصالة خطابا، وليس تربية. فقبل ابنة احمد اخشيشن، فعلتها ابنة حكيم بنشماس، حين امطرت احد المهاجرين بوابل من الشتائم والاهانات، وفعلتها قبلهما ابنة الياس العماري اثناء احدى المظاهرات بفرنسا، ومن قيادة حزب اخر فعلها ابن عائلة الدرهم الذي اضر باملاك الدولة بسيارة فارهة ورباعية الدفع ايضا، اظهرت المستوى التربوي المتدني لابناء لقياديي “الفشوش” في وطننا. كنا نتمنى لو كان المغرب يطبق في احكامه القضائية مبدأ الخدمة العمومية ليتم توجيه “ابناء لفشوش” المذكورين لأداء فترة داخل مراكز اجتماعية والخيريات كي يقوموا بالاعتناء بالعجزة والمعاقين والاطفال المتخلى عنهم من ابناء الفئات المحرومة في هذا الوطن وبالتالي التعرف على واقع حياة المهمشين والفقراء والاحتكاك بها ممارسة وفعلا. لقد قامت الشرطة بدورها كاملا في تحرير المحاضر اللازمة، وفق المساطر المعمول بها، وقام القضاء بواجبه كاملا في الاستماع الى كنزة اخشيشن وتغريمها، كما تنص على ذلك القوانين، كما تم حجز السيارة المعنية. ولعلها فرصة لدعوة احمد اخشيشن، كي يقوم بواجبه ويطبق مسؤولياته، او ان يتفرغ لتربية فلذة كبده كنزة، وهي فرصة ايضا لتسجيلها باحدى مدارس تعليم السياقة، واقتناء سيارة لها، لانها لو كانت تملك سيارة، لما امتدت يدها الى سيارة الدولة. و عليه أيضا أن يؤدي من ماله الخاص مصاريف إصلاح سيارة المجلس و الأضرار التي ألحقتها ابنته بالملك العام. كما أن عليه أن يتحلى بالشجاعة السياسية و يتخذ القرار المناسب.