تعيش العلاقات الاقتصادية بين المغرب وتونس أزمة حقيقية في الفترة الأخيرة، بعدما أقرت المملكة حزمة ضرائب على الكراسات المدرسية التونسية، وصفتها تونس بالمجحفة تجاه منتجاتها. وتسببت الكراسات المدرسية التونسية في “أزمة تجارية” حقيقية بين البلدين وصلت إلى مستوى دولي، بعد مطالبة الحكومة التونسية بالوساطة من منظمة التجارة العالمية، وقدمت طلبا رسميا لإجراء مشاورات مع المغرب تحت مظلة المنظمة، بخصوص الرسوم الإضافية التي فرضها المغرب على الدفاتر المستوردة من تونس، بعد اتهام المغرب لتونس ب”إغراق السوق الوطنية بالدفاتر المدرسية التونسية”. وعن سبب إقرار المغرب للحزمة الضريبية الجديدة على الكراريس التونسية، أوضح الخبير الاقتصادي نجيب أقصبي في تصريح ل”برلمان.كوم”، أنه على المغرب تقديم دلائل قوية وحقيقية تبرر فرضه حقوقا جمركية على الكراسات المستوردة من تونس، وتأكيده أنها تغرق السوق المغربية أو تبيع بأقل من كلفة المنتوج لإيجاد مبرر جاد يشرح مخالفة المغرب لبنود اتفاقية أكادير المؤطرة للتبادل الحر بين المغرب وتونس ومصر والأردن. وفي حديثه عن تداعيات القرار على المغرب، فقد شدد أقصبي أنه وبعيدا عن المتابعة القانونية التي يمكن للمغرب أن يسقط فيها في حال لم يتمكن من تبرير وتقديم أدلة قوية عن سبب فرضه لحقوق جمركية، فالمتضرر الأكبر على المدى القريب، سيكون وبشكل مباشر هو المواطن المغربي، حيث أن الأسعار ستعرف ارتفاعا في الدخول المدرسي المقبل. هذا، وتساءل الخبير إن كان القرار ناتجا بالفعل عن الرغبة في الحفاظ على الاقتصاد الوطني وحماية السوق المغربية من الغزو التونسي، أو أنه طريقة لحماية لوبيات ورعاية للريع فقط، على حساب المواطن البسيط الذي سيجد نفسه مجبرا على اقتناء كراريس مدرسية بأسعار مرتفعة. ومن جهة أخرى، أوضح الأستاذ الجامعي والمهتم بالشأن الاقتصادي، ميلود الهاشمي، في تصريح ل”برلمان.كوم” أن قرار فرض الحقوق الجمركية على الكراريس التونسية، يمكن أن يفسر بضعف تنافسية المقاولات المغربية، مشيرا إلى أن إعادة فرض الرسوم الجمركية ليس بحل ناجح، باعتبار أنه لن يشجع المقاولات المغربية على التفكير في تأهيل نفسها لتستطيع منافسة نضيرتها التونسية التي تستحوذ اليوم على 33 في المائة من السوق المغربية. وطالب الأستاذ الجامعي الحكومة المغربية، بإعادة النظر في قطاع الطبع والكتب بصفة عامة ليصبح مؤهلا لمنافسة الدول الجيران على الأقل. ويذكر أن تونس طالبت في وقت سابق بفتح مشاورات مع المغرب في إطار المنظمة العالمية للتجارة، بشأن حقوق "مكافحة الإغراق" التي أقرها المغرب على واردات الكراسات المدرسية التونسية، بعد أن اتهمت المغرب بأنه تصرف بشكل غير ملائم في ما يهم بعض مقتضيات اتفاق مكافحة الإغراق للمنظمة العالمية للتجارة، إثر قرار المملكة فرض رسوم على الكراسات المدرسية تتراوح بين 31 و51 بالمائة في حين أن هذه المنتوجات معفاة من الرسوم الجمركية.