هي أسئلة بريئة تتبادر إلى الذهن بمجرد الاطلاع على تصريحات وردود أفعال أطراف قضية الصحفي توفيق بوعشرين. كيف لا يفرق محام كان نقيبا للمحامين اسمه زيان بين التقبيل والعناق بين راشدين في إطار علاقة حميمية رضائية في مكان خاص وبين التقبيل والعناق بالعنف ودون رضى أحد الطرفين وفِي مكان مخصص أصلا للعمل ؟ وعندما يتساءل هل العناق والتقبيل يتسبب في الحبس، فالجواب هو نعم، إذا كان ذلك بدون رضى أحد الطرفين، وهو في ما يسمى في القانون بالتحرش ومحاولة الاغتصاب. عندما يقول محامي آخر اسمه الإدريسي إن المتهم جاء عنده شخص وطلب منه عدم الحديث عن شخصين، الأول يريدون له أن ينمحي من الحياة السياسية، وشخص يريدون إبرازه سياسيا، وعندما نطق الصحفيون الحاضرون في الندوة اسمي بن كيران وأخنوش قال المحامي”الأمور واضحة”. عندما يقول ذلك، عليه أن يعلن للرأي العامع عن اسم هذا الشخص الذي طلب من المتهم التوقف عن الحديث عن هاذين الشخصين، وأن يكشف عن الأدلة التي تتبث هذا الادعاء. ثم ما علاقة بن كيران وأخنوش بملف جنائي المادة الرئيسيّة فيه هي تهم الجنس والاغتصاب وليس السياسة؟ عندما يقول المحامي زيان إن ملف المتهم لا وجود فيه لأي فيديوهات جنسية، فهل كان يعتقد أن النيابة العامة كانت سترفق المحاضر بنسخ من الأشرطة تلك، لأنها لو فعلت فمن سيضمن لها أن لا تنتهي منشورة في المواقع في اليوم الموالي ويصبح الضحايا والمتهم بنفسه مادة دسمة لرسائل الواتساب. عدم تمكين الدفاع من الفيديوهات فيه حماية للضحايا والمتهم والمحاكمة العادلة. كيف يكون المحامي زيان هو المدافع اليوم عن المتهم بوعشرين وهو نفسه المحامي الذي وعد بإغلاق “المساء” عندما كان بوعشرين رئيس تحريرها وكان رشيد نيني مدير نشرها، ونشر بوعشرين خبر قضاة القصر الكبير الذي اتهمت فيه كاتبته حنان باكور أحد القضاة بالشذوذ الجنسي. فنجح زيان في استصدار حكم ضد رشيد نيني بغرامة 600 مليون لازالت معلقة في عنقه إلى اليوم. ومن يعود إلى “غوغل” سيجد تصريحات بوعشرين النارية ضد زيان الذي كان يريد أن يحرمه من مورد رزقه، والذي يريد اليوم أن يتحول إلى منقذ. البعض لديه مشكلة مع تأخر بعض الضحايا المفترضات في وضع شكايات، وتساءل لماذا لم تقلب بعضهن عليه المكتب وتصرخ وتجمع الناس بمجرد ما حاول اغتصابها أو التحرش بها؟ هل عدم القيام بهذا التصرف يقلل من خطورة التهم والأفعال إذا تبثت ؟ هل التأخر في تقديم شكاية يغفر للجاني المفترض ما اقترفه بحيث تصبح الضحية المفترضة مشكوك في شكايتها وتصبح مطالبة بالدفاع عن نفسها؟ عندما يقول البعض إن بوعشرين كاتب افتتاحيات جيد، وأنه يزعج بكتاباته، فهذا يمكن أن يكون صحيحا، ولو أنه فقد حياده بتسخيره قلمه للدفاع عن حزب واحد. لكن هل ما سيحاكم هو بوعشرين الصحفي أم الإنسان؟ هل عندما محاكمة القضاء الأمريكي لدومينيك ستروس كانت بسبب الاغتصاب؟ هل حاكمه كمفكر ومنظر اقتصادي أم كمواطن؟ وعندما يحاكم القضاء الفرنسي طارق رمضان هل منع كتبه من التداول ومحاضراته من المواقع؟ إنهم لم يحاكموا فكر هؤلاء بل تصرفاتهم، وهذا بالضبط ما يحدث في قضية بوعشرين.