يواصل زيان، ومعه أعضاء هيئة دفاع توفيق بوعشرين، جولاتهم وصولاتهم الشعبوية، من خلال ليّ عنق مقتضيات قانون المسطرة الجنائية، وتأويلها بشكل يبعث على القرف خاصة إذا تعلق الامر بأشخاص ينتمون إلى مهنة محترمة، يفترض أن يتحلى أصحباها بكثير من الرزانة وعمق في التحليل والتعامل مع القانون بكل تجرد وموضوعية احتراما لهيبة المهنة وأخلاقياتها. وفي هذا الصدد، أعلن محمد زيان، خلال ندوة صحفية أمس الثلاثاء، أن هيئة دفاع بوعشرين مدير "أخبار اليوم" وموقع اليوم24، ترفض سرية جلسات محاكمة هذا الأخير، المتابع بثهم ثقيلة تتعلق بالاتجار بالبشر والاغتصاب والتحرش الجنسي.. وفي تبريره لهذا الموقف، قال زيان إن "علانية الجلسات هو حق أرادته الإنسانية دفاعا عن المتهم"، مضيفا بالحرف: "لأن في الخفاء يمكنك قول ما شئت، وعلانية لا تستطيع ذلك"!! واعتبر زيان أن "جعل الجلسات سرية تجعلك تفعل بالمتهم ما شئت"!!، و"يمكن لكلام الباطل أن يصبح كلام حق"، دون أن يكشف على من تعود ضمير المخاطب "ك" وهي إشارة إلى هيئة الحكم ولا تستدعي أي تأويلات أخرى.. واتهم زيان النيابة العامة بالتلاعب في التسجيلات، معتبرا أن الشرطة القضائية ما هي إلا آلية مسخرة تنفذ تعليمات النيابة العامة ". وحرض زيان الضحايا والمشتكيات برفع دعاوى ضد النيابة العامة كما فعلت عفاف برناني، وهو ما يؤكد أن النقيب زيان يواصل تنفيذ مخطط الأطراف الضاغطة على الضحايا والمشتكيات قصد إجبارهن على التراجع عن شكاياتهن ضد بوعشرين، تحت مبرر ما أسماه زيان "الشجاعة"، قبل أن يختم بالقول "وبالتالي فنحن ضد السرية"!! إن تشبث زيان وباقي أعضاء هيئة دفاع بوعشرين بعلانية الجلسات كشرط من شروط المحاكة العادلة، هو حق أريد به باطل، لأن السيد زيان وقف عند "ويل للمصلين"، دون أن يكمل الآية كما يقول الفقهاء، إذ أن المادة 300 من قانون المسطرة الجنائية ينص على وجوب أن تتم إجراءات البحث والمناقشات في جلسة علنية، تحت طائلة البطلان، لكن المشرع المغربي، كما في باقي الدول الديمقراطية نص في المادتين 301 و302 من "ق.م.ج" على عكس ذلك، حيث إن مقتضيات المادة 301 تنص على" للرئيس أن يمنع الأحداث أو بعضهم من دخول قاعة الجلسات إذا ارتأى أن حضورهم فيها غير مناسب.". أما المادة 302 فقد نصت مقتضياته على أنه "إذا اعتبرت المحكمة أن في علنية الجلسة خطرا على الأمن أو على الأخلاق، أصدرت مقرراً بجعل الجلسة سرية." إذا تقررت سرية الجلسة للأسباب المذكورة في الفقرة السابقة، فإنها تشمل أيضا تلاوة أي حكم يبت في نزاع عارض طرأ أثناء البحث أو المناقشات. لماذا نسي زيان، أو تناسى، ما اقتضته المادتان 301 و302، ووقف عند المادة 300 من قانون المسطرة الجنائية؟، وهل الحق في علانية الجلسة الذي قال عنه زيان "إنه حق أرادته الإنسانية دفاعا عن المتهم"، لا يمكن أن يضر بالضحايا وبالمتهم نفسه وبالمجتمع كذلك في الحالات التي للقاضي السلطة لتقديرها؟. وهل ما جاء من مقتضيات في الفصلين 301 و303 ليست حقوقا، سواء في صالح المتهم أو الضحايا أو المجتمع؟. إن موقف زيان ومن معه لا يمكن أن يدخل إلا في إطار محاولة تمديد وتمطيط أطوار محاكمة بوعشرين، وتغليط الرأي العام من خلال الإدعاء بأن وراءها خلفيات سياسية وأن الأمر يتعلق بحرية الرأي والصحافة وأن ما اقترفه بوعشرين ليس أفعالا إجرامية يعاقب عليها القانون.. ويسعى دفاع بوعشرين إلى استغلال كافة السبل القانونية التي يتيحها قانون المسطرة الجنائية، ففي الأمس قرروا التجريح ومخاصمة الهيئة القضائية استنادا إلى الفصل 273، رغم أن مقتضياته لا تسعفهم، وها هم اليوم يستندون إلى الفصل 300 من قانون المسطرة الجنائية لرفض سرية الجلسات، استنادا إلى الفقرة الثانية من ذات الفصل التي تنص على أنه " يمكن إثارة هذا البطلان(علنية الجلسة) فيما بعد إلا إذا طلب ممثل النيابة العامة أو الطرف المدني أو المتهم تسجيل الإشهاد بعدم علنية الجلسة."