تثار بعض المخاوف حول التهديدات الأمنية التي يشكلها، عودة المغاربة المقاتلون في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق. وتفرض الواقعية التي باتت تدار بها الأزمات في بؤر التوتر التعاطي بحذر أكبر مع قضية تصريف المقاتلين، المغاربة أو المتحدرين من أصول مغربية يحملون جنسيات أوربية، نحو بلدهم الأصلي بعد أن تنتهي خرافة الخلافة. مشكلة العائدين من بؤر القتال، لا تكمن في تدبير هذه العودة فقط، وإنما في قضية إعادة الانتشار نفسها التي يلجأ لها المجندون بعد نهاية الخدمة في صفوف تنظيم داعش، مصدر هذا القلق بعض التقارير الأمنية الخارجية التي أبانت أنه كلما توغلت القوات النظامية داخل النفوذ الخاضع لتنظيم الدولة الإسلامية، كلما انقسمت هذه المجموعات إلى ثلاثة أصناف: صنف يقاتل حتى يُقتل، وصنف يغادر عبر الحدود التركية فرارا من المعارك، وصنف ثالث يختفي دون معرفة الوجهة التي ذهب إليها، بمعنى أنه ضمن كل مجموعة قتال هناك فئة تنعدم معلومات عنها، وهذا مكمن الخطر. تختلف التجربة المغربية عن نظيرتها في البلدان المشرقية، كون المجندين المغاربة يتوزعون بين صنفين: صنف أول يهم مواطنين ذهبوا للقتال في مناطق النزاع إلى جانب “داعش” في ليبيا والعراق وسوريا. وصنف ثان، يتعلق بمقاتلين من أصول مغربية قدموا إلى بؤر التوتر من بلدان المنشأ في أوربا الغربية، منها فرنسا وألمانيا وإسبانيا وبلجيكا، ذلك أن هذه الفئة من المجندين يشكلون تحديا إضافيا للأجهزة الأمنية المغربية، لغياب البيانات الكافية عنهم ولكونهم يواجهون إسقاط الجنسية الأوربية. في الحالة المغربية تثار مسألة عودة “الجهاديين الأوربيين”، ونقصد بهم المقاتلين المتحدرين من أصول مغربية ممن يحملون جنسيات بلدان أوربية مسقط الرأس والنشأة. هذه الوضعية تجعل التهديدات الأمنية الناشئة مزدوجة، تفرض التعاطي مع فئة أولى من الجهاديين المغاربة الذين نزحوا نحو بؤر التوتر قادمين من المغرب، وفئة ثانية من الجهاديين، من أصول مغربية، التحقوا بالجماعات المتطرفة من بلدان أوربية، حيث يتعايش الجيل الثالث من المغتربين المغاربة في المهجر مع إشكاليات أزمة الهوية وصعوبات الاندماج وفشل السياسات الاجتماعية لبلدان الاستقبال. ضمن هذا المقترب الاستباقي في التعاطي مع التهديدات الناشئة عن إعادة انتشار المقاتلين المغاربة في صفوف الجماعات الإرهابية، تعززت المراقبة على الحدود وتم نهج تبادل المعلومات الميدانية والجنائية الخاصة بالإرهابيين المفترضين مع الدول الغربية تحديدا، علاوة على اتخاذ أعلى درجات الحيطة والحذر وبلورة مخطط أمني وطني يجمع مختلف المتدخلين في شكل وحدات أمنية مشتركة.