تعد فرانسواز إيرتيرييه من أبرز الباحثات في مجال الأنثروبولوجيا، ومن أهم المفكرات اللواتي فككن مفهوم الرجولة. نعتها كلود ليفيستراوس بخليفته، فأخلصت للبنيوية في طرح نسقها وحتى في تفكيك الظواهر المتعلقة بالنوع. إن الحديث عن فرنسواز إيرتيرييه لتمرين صعب، فالغوص في حياة امرأة متميزة ومناضلة، تجمع بين بساطة الروح وبين فكر مركب وعميق، يعد مغامرة تستحق العناء. فراناسواز الفرنسية، التي ذاع صيتها بين أوساط الباحثين والباحثات في مجال النوع وفي الأنثروبولوجيا، ولدت بمنطقة “لافوش” بمقاطعة “لالوار” التابعة لجهة الألب بفرنسا عام 1933، عملت على مدى سنوات مديرة لمدرسة الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية، قبل أن تنهي سنواتها في “كرسي الأنتروبولوجيا” ب”كوليج دوفرانس”. على درب كلود ليفيستراوس مضت فرانسواز وتمكنت من تعميق نظرية القرابة. بناء على حفر بنيوي تمكنت “فرانسواز «وهي تقدم مفهوم “التطابق” و”الإحباط المثير للاشمئزاز” من رسم معالم مفهوم المجتمعات والمرأة انطلاقا من الطبيعة والمناخ. انضمت فرانسواز في يوليوز 2011 إلى فريق “مارتين أوبري” في حملتها الانتخابية للانتخابات الرئاسية عام 2012، وعملت مع “كارولين دي هاس” حول موضوع “نساء 5″، في عام 2012 كتبت بمعية العديد من المثقفين الآخرين، مقالة في “لوموند” لصالح المرشح للرئاسة فرانسوا هولاند بعنوان “لماذا يجب علينا التصويت على فرانسوا هولاند”، التي أوضحت من خلالها “الأسباب الحتمية لانتخاب فرانسوا هولاند رئيس الجمهورية”. مجالات أبحاثها مثيرة للإعجاب وتغطي العلاقة بين الذكورة والأنوثة، وكذلك الخصوصيات الجسدية لكل منهما، زنى المحارم كوسائل منع الحمل تاريخيا. والمفاهيم المركزية، مثل “التكافؤ التفاضلي للجنس”، كلها مفاهيم جلبت لها الاعتراف من أقرانها وجعلت منها سيدة النضالات النسوية. وصل صوت فكر “فرانسواز” في الآونة الأخيرة إلى الجمهور عن طريق نشر كتاب “حياة الملح” (أوديل جاكوب، 2012)، الكتاب الذي عرف نجاحا كبيرا، وهو عبارة عن مونولوج “اللحظات المتميزة” المشكلة لبنية الحياة، إنها اللحظات التي تفشي “الكنوز الحميمية”، التي جعلت من الباحثة في الأنثروبولوجيا تتميز بمضيها “ضد التيار. بعد سنوات من الإبداع والعمل الدؤوب، غادرت فرانسواز الحياة في نفس اليوم الذي ولدت فيه وهو 15 نونبر2017، وكأنها تقول لنا "العقل البشري لا يمكن تدميره بصورة مطلقة مع الجسم، لكن شيئاً خالداً يبقى منه" على حد تعبير سبينوزا.