بعد وضع قيود وشروط من طرف الأغلبية البرلمانية على النواب البرلمانيين بخصوص تقديم ملتمس الرقابة، الذي يعد سلاحا بيد أحزاب المعارضة لإسقاط الحكومة، قررت المحكمة الدستورية وهي تنظر في مدى مطابقة النظام الداخلي لمجلس النواب مع الدستور، رفع هذه القيود. وحسب القرار الصادر عن المحكمة الدستورية، فقد اعتبرت الفقرة الأولى من المادة 252 بالنظام الداخلي، بأنها مخالفة للدستور، حيث تنص على أنه “يودع ملتمس الرقابة لدى رئيس المجلس في شكل مذكرة مفصلة يسلمها له أحد الموقعين على الملتمس، تتضمن دواعي تقديم الملتمس ومبرراته، مرفقة بقائمة تضم أسماء أصحاب الملتمس وتوقيعاتهم، والفرق والمجموعات النيابية التي ينتمون أو ينتسبون إليها، وعند الاقتضاء، إذا كانوا من الأعضاء غير المنتسبين.” وجاء في القرار، وحيث إن ما نصت عليه هذه الفقرة من تضمين مذكرة ملتمس الرقابة لدواعي تقديم الملتمس ومبرراته، يستفاد منه وجوب تضمين المذكرة المذكورة لهذه الدواعي والمبررات، مما يتجاوز نطاق تقديم مضمون الملتمس والتوقيعات الضرورية للتأكد من النصاب المنصوص عليه في الفقرة الأولى من الفصل 105 من الدستور، و يعد قيدا، لا سند له في الدستور، على إعمال آلية أقرها الفصل 105 المذكور في نطاق العلاقات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، تطبيقا لمبدأي فصل السلط وتوازنها ويشكلان جزءا أساسيا من مقومات النظام الدستوري للمملكة، طبقا للفصل 1 (الفقرة الثانية) من الدستور. وحيث إنه، تبعا لذلك، تكون الفقرة الأولى من هذه المادة غير مطابقة للدستور، فيما نصت عليه من تضمين مذكرة ملتمس الرقابة لدواعي تقديم الملتمس ومبرراته، حسب منطوق قرار المحكمة الدستورية. وخصص الدستور الجديد الفصل 105 لملتمس الرقابة الذي يعد أداة رقابية في يد الغرفة الأولى، حيث ينص: “لمجلس النواب أن يعارض في مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها، بالتصويت على ملتمس للرقابة، ولا يقبل هذا الملتمس إلا إذا وقعه على الأقل خُمس الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس، ولا تصح الموافقة على ملتمس الرقابة من قبل مجلس النواب، إلا بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم، ولا يقع التصويت إلا بعد مضي ثلاثة أيام كاملة على إيداع الملتمس، وتؤدي الموافقة على ملتمس الرقابة إلى استقالة الحكومة استقالة جماعية، وإذا وقعت موافقة مجلس النواب على ملتمس الرقابة، فلا يقبل بعد ذلك تقديم أي ملتمس رقابة أمامه، طيلة سنة”. وتم استعمال “ملتمس الرقابة” لأول مرة في تاريخ المغرب من طرف حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وسانده في ذلك حزب الاستقلال، وكان ذلك سنة 1664، والمرة الثانية، كانت خلال سنة 1990، عندما وقعت عليه أحزاب الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية ومنظمة العمل الديمقراطي الشعبي، للإطاحة بحكومة عز الدين العراقي.