عرفت تجارة جلود الأضاحي في السنوات الأخيرة ببلادنا، انتعاشة قوية، إذ أصبحت مصدر رزق للعديد من المواطنين الذين تخصصوا في هذا النوع من النشاط الموسمي بما في ذلك المشرفين على المساجد. ولعل ما ساهم بشكل كبير وواضح في انتعاش الحركة التجارية لجلود الأضاحي في بلادنا، عندما تخلت غالبية الأسر المغربية على تقليد راسخ في ذاكرة كل المغاربة و الأمر يتعلق "بالهيدورة” لما لها من دلالات عميقة في الهوية الثقافية والتراثية للمجتمع المغربي، إذ ظل الإنسان المغربي يحرص عليها أشد الحرص محاولا بأن لا تتعرض "الهيدورة” إلى أي تمزيق وتقطيع أثناء عملية سلخ الأضحية من أجل الحفاظ عليها. وأصبح مصير “الهيدورة” هو التصدق بها لفائدة مجموعة من مساجد المدن المغربية، استجابة لنداء خطباء المنابر والجمعيات المشرفة على تسييرها، خاصة وأن العائدات المادية لجلود أضاحي العيد، باتت تلعب دورا محوريا في تنمية الموارد المالية ب”اسم المسجد” لمجموعة من الجمعيات. ويعمل أئمة المساجد على إشعار جموع المصلين خلال آخر خطبة جمعة قبل حلول عيد الأضحى، بواجب التصدق بجلود أضحية العيد لفائدة المسجد، وربط ذلك ببعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة التي تحث على الصدقة، كما تبادر الجمعيات كذلك إلى الاستعانة بمجموعة من اللافتات التي تحث على واجب التصدق بجلود أضحية العيد وتعليقها بمحيط المساجد. وتستعين بعض الجمعيات خلال أيام العيد بمجموعة من العربات اليدوية، التي يتم من خلالها شحن جلود الأضاحي خاصة ببعض الدروب والأحياء البعيدة، ويتكفل بها شباب متطوعون ومتعاونون مع الجمعية، يحملون قمصانا وشارات “بادج” خاصة بالمساجد التي ينتمون إليها، وذلك حتى يتيقن الناس من مآل صدقاتهم. وجدير بالذكر، أنه بعد ثلاثة أيام من جمع جلود الأضاحي بعد تمليحها، يتم بيعها بأسعار تتراوح ما بين 15 إلى 20 درهما للقطعة الواحدة لفائدة بعض الوسطاء، من مدن الدارالبيضاء وبرشيد وسطات بجهة الشاوية، حيث يعمل هؤلاء على التنسيق مسبقا مع ممثلي الجمعيات على سعر شراء الجلود مع دفع “العربون” في انتظار الانتهاء من عملية جمع جلود الأضاحي، قبل أن تتم إعادة بيعها لاحقا لفائدة تجار مختصين في الجلود بكل من مدينتي فاس ومراكش حيث تزدهر صناعة الجلود بأسعار متفاوتة.