كشف التسريب الدقيق لمضامين “الحرب” التي نشبت داخل آخر اجتماع للأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية بين تيار وزراء العثماني وحكومته، وتيار الأمين العام ورئيس الحكومة المعفى عبد الإله بنكيران، حجم الصراع الدائر داخل دواليب الحزب الإسلامي الأول بالمغرب، وكشف معه وصول حدة الصراع مستويات كبرى لغاية تكسير أصنام الحزب وأعرافه وتقاليده. ويبدو أن أعضاء الأمانة العام لحزب المصباح قد تجاوزا التقليد الذي كانت تبدأ به كل اجتماعاتهم الموسومة بالسرية، حيث يجري القسم على “مصحف قرآني” مزين ومزركش يوجد عادة على يمين بنكيران، بحسب ما تظهره الصور، قبل أن يمرر من بنكيران وعلى كافة أعضاء الأمانة العامة الحاضرين لاجتماعاتها، للقسم على عدم الخيانة وتسريب مضامين ما يدور في الاجتماع خارج أسوار مقر الحزب. عبد اللطيف بروحو القيادي بالحزب كتب تدوينة أعقبت تسريب مضامين الصراع داخل الأمانة العامة، وتناقلها جل وسائل الإعلام، عنونها ب”خطير ما يحدث”، اعتبر فيها أن “التسريبات لما تتم مناقشته داخل الأمانة العامة أصبح منهجيا ولم يعد استثناء، وهو خيانة للثقة وللأمانة، ومخالف لمنهجنا الذي تمسكنا به لعقود، ومؤشر سلبي على أمور أخطر بكثير مما نتوقع”. وتابع بروحو “التسريبات لم تعد تقف عند ما نسميه بالسكوبات التي يعطيها البعض لأصدقائه من الصحفيين دون باقي المنابر الإعلامية (موقع الحزب بدوره محروم من هذه السكوبات)، وإنما أصبحت التسريبات تستهدف إثارة نعرات داخلية أو الضغط على الحزب من الخارج، وإشعال فتيل شحنات سياسية متوهمة، بغض النظر عما تقرر فعلا داخل الأمانة العامة”. تأكيد “التسريب الأعظم” لمضامين الصراع داخل الاجتماع الأخير للأمانة العامة للحزب، والذي كما أكده قياديون بالحزب، أكده غياب بلاغ عن الاجتماع، والذي كان يعتبر سُنّة داخل الحزب، تعكس الانسجام حول القضايا التي تطرح للنقاش، والاكتفاء بتصريح لنائب بنكيران العمراني، متضارب في مضامينه، مرتبك في شكله، جعل قياديين من الحزب يوجهون أصابع الاتهام لمن يعتقد وقوفه وراء كسر “عهد القسم على المصحف” داخل اجتماع. وفي الوقت الذي اتهم فيه محسوبون عن “تيار العثماني”، عبد العلي حامي الدين “مدلل بنكيران” والطامع في انفجار حكومة العثماني لحصول تعديل يسمح له بوضع قدم في ساحة الاستوزار، اختارت الأطراف المحسوبة على “تيار بنكيران”، قراءة عملية التسريب تلك بتوجيه أصابع الاتهام لأحد وزراء العثماني الذي حضر الاجتماع وسرب النقاش لقيادي من الحزب، الذي تكلف بدوره بنقلها لوسائل إعلام “معادية” حتى لا تحسب على المسرب الأول أنه انتهك وخان “قَسَمَ المصحف”، فهل يضيع الحزب الإسلامي بضياع قسمه القرآني؟ أم أن سحابة الصيف التي يعيشها البيجيدي عابرة ليس إلا.