عادة ما يختار مرضى التوحد الإنطواء على أنفسهم والإنعزال، في الوقت الذي يكسر بعضهم القاعدة ويحاربون مرضهم، فارضين أنفسهم في مجالات مختلفة، نذكر منهم ستيفن ويلتشيرو، الذي يملك موهبة رسم مناظر مفصلة والتمثيل الدقيق للمدن، بعد فترة وجيزة من مشاهدته للمكان. وحصل ستيفن على شهادة MBA من بريطانيا سنة 2006 نظير ما قدمه من خدمات لعالم الفن ، وتعني ماجستير إدارة أعمال. المخرج والكاتب والمنتج السينيمائي الأمريكي، ستيفن ألان سبيلبرغ، الحائز على جائزة الأوسكار، أصبح في سن السادسة والثلاثين من أنجح مخرجي السينما في التاريخ، حيث أخرج أربعة من بين أعظم عشرة أفلام حققت أعلى إيرادات، ومنها: إي. تي، أو كائن من الفضاء الخارجي، وهو الفيلم الذي حقق أعلى إيرادات في التاريخ. آية الصوفي، طفلة مغربية في الثانية عشر من عمرها، بدأت تتلمس خطاها نحو عالم العباقرة المصابين بالتوحد، من مدينتها اسفي، فبعد أن أكتشفت والدتها ومساندتها الأولى مرضها في عامها الأول، وبعد رفض المدارس “العادية” احتضانها، قررت والدتها وسام المزابي، الأخذ بزمام الأمور وإنشاء جمعيتها لتتمكن من تعليم ابنتها وأطفال آخرين في نفس وضعها الكتابة والرسم. بعض لوحات آية الصوفي بعد أربع سنوات من اكتشاف مرضها وبالضبط في سن الخامسة، بدأت أسرة آية تلاحظ ولعها بالرسم الرقمي، باستعمال تطبيقات معلوماتية من قبيل “بانت Paint” ، حيث أصبحت ترسم لوحات لشخصيات كرتونية تقضي وقتها في ابداع ملامح هذه الشخصيات، مركزة على تعابير وجوههم وحركات أطرافهم. وهي لوحات استطاعت عرضها في فضاءات عديدة كان آخرها في المؤتمر الدولي الرابع للسيراميك والذي تحتضنه مدينة آسفي يومي 20 و21 أبريل الجاري، في رواق أثار اعجاب المشاركين والزوار، الذين أشادوا بموهبة وقدرات آية الفنية. آية، التي تمكنت من تطوير رسوماتها لتحولها إلى أفلام تحريك اتاحت لها فرصة المشاركة في المهرجان الدولي لسينما التحريك بمكناس، تصنف أعمالها، ضمن مدرسة ما يصطلح عليه بالفن الخام، والذي ظهر سنة 1945 على يد الرسام والنحات الفرنسي جان دي بيفي Jea Dubuffet. ويعتبر هذا النوع من الرسم عملية فنية تعبيرية عفوية، لا يحمل أي معرفة بالخصائص الجمالية الاعتيادية ولا اتصال له مع القيم الثقافية السائدة، إنما هو ابداعات خاصة، وانتاج خارج عن كل التأثيرات والمعايير الجمالية. بعض لوحات آية الصوفي بلوحاتها وابداعاتها استطاعت ابنة آسفي الصغيرة، التغلب على مرض يشل حياة عدد كبير من أقرانها، حيث أبانت للعالم أن بإمكان الطفل التوحدي أن يصنع ما لا يستطيع فعله عدد كبير من “الأسوياء” ، وأن القليل من الدعم والمساندة يمكن أن يعطينا العشرات على شاكلة “آية” من أجل محاربة التوحد أو أي مرض آخر.