رغم صغر سنها الذي لم يتجاوز بعد ال12 سنة، استطاعت الطفلة آية الصوفي ولوج عالم الفن من بابه الواسع من خلال لوحات تبرز ليس فقط موهبتها في الرسم، بل أيضا تعكس قوة إرادتها لكسر جدار الصمت حول مرض التوحد. وبفضل استيعابها الكبير لعالم الألوان، تمكنت هذه الفنانة المنحدرة من مدينة آسفي، من إثارة اهتمام عشاق الفن التشكيلي من خلال رسومات تحمل مجموعة من الأشكال المنجزة بواسطة الحاسوب، تغوص في العالم الخيالي للرسومات المتحركة، وذلك بلمسات جميلة مستلهمة بدقة وبراعة من مختلف مواقف الحياة. ومن خلال النظرة والابتسامة، تعبر آية الصوفي عن مشاعرها ومعاناتها اليومية وتبرز بدقة أحاسيسها العميقة تجاه عالمها الصغير، الذي تغمره بالدعابة والمرح. مسلحة بالصبر، تواجه هذه الطفلة المشاكل التي يعاني منها أقرانها من الأطفال مرضى التوحد، لتجد لنفسها فسحة للاستمتاع بلحظات قوية أثناء إنجاز أعمالها، وتطوير مستوى التواصل مع محيطها الخارجي، وربط علاقات مبنية على التبادل والتقاسم. وخلال السنة الجارية، وبعد محاولات فاشلة للولوج الى إحدى المؤسسات التعليمية بالمدينة، استطاعت هذه الفتاة الاندماج في فضاء التعليم، رافعة بذلك أحد التحديات الكبرى التي تواجه الطفل المصاب بالتوحد، والمتمثلة في الاندماج السلس داخل المجتمع. لم يكن مرض التوحد ليقف حجرة عثرة في مسار آية الصوفي نحو تحقيق طموحاتها، بل منحها طاقة أخرى لتقبل على عالم التشكيل، متخذة إياه نافذة للتعبير عن مدى ثقتها في مستقبل أفضل بدون حدود ولا تمييز. وفي هذا الصدد، أعربت والدة آية، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، عن اعتزازها بابنتها التي أبانت رغم العراقيل المختلفة التي تواجهها، عن صبر فريد ونجحت في شحن عزيمتها لتجاوز النظرة النمطية حول الطفل المصاب بمرض التوحد. ودعت المجتمع إلى تغيير نظرته تجاه هؤلاء الأطفال المصابين بهذا المرض، بشكل يتيح لهم المزيد من فرص الاندماج في المجتمع وتعزيز ثقتهم بذواتهم. وأوضحت أن الطفل المصاب بالتوحد في حاجة أكثر للرعاية والاهتمام والدعم بشكل يسهل اندماجه داخل المجتمع، مؤكدة أن ابنتها الوحيدة كانت الدافع وراء إحداث جمعية متخصصة في مواكبة الأطفال المصابين بهذا المرض سنة 2008 . وأكدت أن هذه الفئة من الأطفال لديها طاقات كبيرة وإحساس مرهف ومؤهلات تتطلب تشجيعا برغم محدودية المفردات التي يتوفرون عليها والصعوبة التي يعانون منها في النطق. واستطردت قائلة أن آية استطاعت رغم كل ذلك، تعلم ثلاث لغات لوحدها ودون الولوج إلى المدرسة، بفضل ما تتحلى به من إرادة قوية لابراز قدرة الطفل المصاب بمرض التوحد على التعلم. * نادية الأحمر