يظل التضامن الفرنسي القوي مع المغرب في صراعه مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، شوكة عالقة في حلق المسؤولين الجزائريين، الذين يتحينون الفرصة ويبحثون عن الذرائع لإيصال رسالتهم إلى باريس وبالضبط إلى الرئيس فرنسوا هولاند. وقد احتد التوتر يوم الأربعاء الماضي عندما استدعى رئيس الدبلوماسية الجزائرية رمطان العمامرة، سفير فرنسابالجزائر بدعوى الموقف العدائي لوسائل الاعلام الفرنسية تجاه الجزائر وخصوصا صحيفة “لوموند”. ويأتي التوتر الدبلوماسي بين الجزائروباريس، قبيل زيارة منتظرة لرئيس الحكومة الفرنسية مانويل فالس إلى الجزائر على رأس وفد هام. بوادر التوتر التي ظهرت بداياتها أثناء الزيارة التي قام بها رئيس الدبلوماسية الفرنسية جان مارك ايرو من أجل التحضير لزيارة الوزير الأول إلى الجزائر حيث تغلب على المسؤولين المراوغة والتسويف بسبب سنهم وطول فترة حكمهم. ولم يتردد إيرو، خلال هذه الزيارة، في تجديد دعم بلاده من قلب الجزائر لمقترح الحكم الذاتي التي طرحه المغرب، معربا عن أمله في أن يتم تجديد ولاية “المينورسو”، وعودة “الهدوء” إلى العلاقات بين المغرب والأممالمتحدة، في إشارة إلى الاحتجاجات الرسمية والشعبية التي شهدها المغرب ضد الانزلاق اللفظي والتصريحات المنحازة الصادرة عن الأمين العام الأممي بان كي مون، خلال زيارته لمخيمات تندوف والجزائر. وجاءت قبل ذلك تصريحات الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية رومان نادال والتي اعتبر فيها أن مخطط الحكم الذاتي الذي طرحه المغرب سنة 2007، يشكل بالنسبة لفرنسا قاعدة جدية تحظى بالمصداقية، من أجل التوصل إلى حل متفاوض بشأنه لقضية الصحراء. وحسب موقع “تي إس أ” فإن ما نشرته صحيفة “لوموند” لم يشكل سوى ذريعة واهية، على اعتبار أن الجزائريين يعتبرون بأنه منذ وصول فرانسوا هولاند إلى الحكم سنة 2012 فقد أعطت الجزائر الكثير لفرنسا دون تلقي أي مقابل بما في ذلك تفضيل الشركات الفرنسية على باقي الشركات العالمية. لكن الواقع شيء آخر – يضيف الموقع – لأن ما يغضب حقيقة الحكام في الجزائر يتمثل في دعم باريس للمغرب في ملف الصحراء. فعوض دعم الجزائر التي تسعى إلى أن تكون قوة إقليمية، ذهبت فرنسا بعيدا في دعمها في مارس الماضي للمغرب في الوقت الذي كانت فيه الجزائروفرنسا قد اتفقتا على ترك قضية الصحراء في إطارها متعدد الأطراف. وأشار الموقع الجزائري إلى أنه عوض ذلك، وفي مفاجأة غير متوقعة، دعم الفرنسيون المغاربة في مواجهتهم مع الأممالمتحدة، الامر الذي أغضب الجزائر كما عبر عن ذلك رمضان العمامرة خلال لقائه يوم 29 مارس الماضي مع نظيره الفرنسي جان مارك إيرو. وأبرز موقع “تي إس أ” أن تعليمات بوتفليقة كانت تقضي بعدم إزعاج فرانسوا هولاند مع قرب إجراء الانتخابات الرئاسية الفرنسية، لكن دعم باريس للرباط غير الوضعية بشكل كامل. وحسب مصدر جزائري فإنه ستتم مراجعة العلاقات الجزائرية الفرنسية بشكل جذري لان باريس لا يمكنها أن تستعمل علاقاتها مع الجزائر انطلاقا من مصالحها فقط. إن هذا التغيير الواقع في السياسة الفرنسية ليس بريئا حسب الجزائر التي تتابع عن كثب سياسة باريس. لعدة أشهر، تظهر جميع استطلاعات الرأي بأن اليسار وهولاند سيخسران الانتخابات القادمة سنة 2017 . ونقل الموقع عن مصدر جزائري قوله “لماذا دعم فرانسوا هولاند الذي لم يبد أي امتنان. سوف ننتظر الرئيس القادم من أجل تحديد قواعد العلاقة”. لكن الجانب السلبي الوحيد في المسألة يكمن في كون اليمين واليسار دعما دوما المغرب في قضية الصحراء. يبدو أن هذا الامر يغيب عن أذهان الجزائريين. برلمان.كوم – مصطفى القضاوي