الخط : إستمع للمقال ===== حققت فرنسا ما تريده من الجزائر، حيث «أعطتها الأقوال وأخذت الأفعال»، وحصلت على تنازلات قوية في الهجرة والتعاون الأمني والقضائي.. موضوع الأزمات بين البلدين! ===== من المتوقع أن يصل وزير خارجية فرنسا، جان نويل بارو إلى الجزائر يوم الأحد 6 ابريل الجاري وذلك تنفيذا لمخرجات البيين المشترك بين رئيسين الدولة في فرنساوالجزائر، وحسب البيان نفسه فإن «هذه الزيارة فرصة لتحديد تفاصيل برنامج العمل بينهما وتفاصيله التنفيذية وكذا جدوله الزمني». ومن المفيد جدا أن نستحضر الحالة الذهنية لأي واحد من مواطني دولة الجوار، وهو يستمع إلى البيان، ويترقب الزيارة، ونستحضر سؤال الجزائريين الذي لا مفر منه: «ماذا ربحنا من العودة إلى العلاقات العادية بين البلدين؟». وللجواب على ذلك لا بد أنهم سيتأمَّلون أولا نص البلاغ الصادر عن الرئيس الفرنسي ورئيس قصر المرادية عبد المجيد تبون، وعلى قاعدة: «ماذا أخذت منا فرنسا وماذا أعطتنا؟». أولا: «بضاعتنا ردت إلينا»: والأمر يتعلق هنا بالحوار الذي وردت الإشارة إليه في البيان، و«الذي أرسياه من خلال إعلان الجزائر الصادر في غشت 2022، وما أفضى إليه من إنشاء اللجنة المشتركة للمؤرخين الفرنسيين والجزائريين..». ويتعلق الأمر كذلك بما ورد في البيان ذاته بالقول: «ستستأنف اللجنة المشتركة للمؤرخين عملها بشكل فوري وستجتمع قريباً في فرنسا، على أن ترفع مخرجات أشغالها ومقترحاتها الملموسة إلى رئيسي الدولتين قبل صيف 2025».! وهي فكرة سيصرح الرئيس تبون بِزهْوٍ أنها كانت من اقتراحه هو شخصيا وقَبِل بها الرئيس ماكرون في وقتها.. ولحد الساعة ما زالت الجارة الشرقية تتعامل كما لو أن «حرب التحرير..» ما زالت مستمرة وأن «ريع الذاكرة»، ما زال ضروريا لها لبناء شرعيتها! ولم تنتبه بأنها حصرت الجزائريين في الماضي وأغلقت عليهم باب المستقبل! ثانيا: فرنسا أعطت تبون «كلام جميل ما لو مثيل» كما تقول الأغنية، لكنه كلام فضفاض وبدون مضامين، ومن ذلك التنصيص على كلام يصلح لكل مناسبة ولا شك، حيث نجد أن البيان المشترك يتحدث عن: «حوار متكافئ بين البلدين باعتبارهما شريكين وفاعلين رئيسيين في أوروبا وإفريقيا».. الحلم الكبير لتبون وجماعته بأنهم قوة قارية في إفريقيا كما فرنسا قوة قارية في أوروبا! كون بلدين «مُلتزمين تمام الالتزام بالشرعية الدولية وبالمقاصد والمبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأممالمتحدة». العمل سويا بشكل وثيق وبروح الصداقة هذه بُغية إضفاء طموح جديد على هذه العلاقة الثنائية».. وهو كلام عام، ويمكن أن يصلح في أي سياق وليس سياق ما بعد .. أزمة حادة بين بلدين! مقابل ذلك، حققت فرنسا ما تريده من الجزائر، حيث «أعطتها الأقوال وأخذت الأفعال» وهكذا نجد أن فرنسا حصلت على: – استئناف التعاون الأمني بين البلدين «بشكل فوري»، وهو مطلب فرنسيّ راهن، ومستعجل، كانت الجزائر تتلكَّأ في تطبيقه، لا سيما في ما يتعلق باستقبال الجزائريين الذين كانوا موضوع ترحيل، سواء من بين شُدَّاد الآفاق على شبكات التواصل أو الذين ارتكبوا جرائم كما هو حال مجرم «ميلهوس»، الذي نفذ عملية اعتداء راح ضحيتها رجال شرطة في المدينة الفرنسية المعنية... وهي النقطة التي أفاضت الكأس واعتبرتها فرنسا تحدِّيا وفتحت باب جهنم على قصر المرادية ونخبته.. عبر سياسة متدرجة في التصعيد وفي معاقبة الحاكمين في الجزائر.. –على ضرورة «الاستئناف الفوري» للتعاون في مجال الهجرة بشكل موثوق وسلس وفعّال، بما يُتيح مُعالجة جميع جوانب حركة الأشخاص بين البلدين ولا سيما استقبال المهاجرين السريين، والواقعين تحت طائلة مذكرة الترحيل الاجباري.. –التأكيد كذلك على أهمية التعاون القضائي بين البلدين، حيث «اتفق الرئيسان على استئناف التبادل والتعاون في هذا المجال ووافقا على تجسيد الزيارة المرتقبة لوزير العدل الفرنسي، السيد جيرالد دارمانان،إلى الجزائر».. –الدعوة إلى القيام ب«لفتة صفح وإنسانية تجاه السيد بوعلام صنصال، نظراً لسن الكاتب وحالته الصحية»، وهو الموضوع الذي دخل في منحى تدريجي من الحل، بعد أن كانت المجموعة الحاكمة قد وجهت تهما قاسية مآلها الإعدام ومنها تهم الخيانة وضرب المصلحة الوطنية والتخابر مع جهات أجنبية.. بل إن تبون نفسه وصف الأديب العجوز ....باللص!!! طبعا لن يغيب عن أنظار الجزائريين أن تبون كان قد حصل على البيان مع ماكرون بعد أن كان قد توجه إليه مرات عديدة (مرة عبر الصحافة الفرنسية ضمن حوار له مع لوبينيون الفرنسية ومرة من خلال اللقاء الإعلامي مع صحافة بلاده)، ليطلب منه التدخل لنجدته من ورطته»... وقتها علق الظرفاء، (ومنهم نحن !!! ) بأن عبد المجيد تبون يشبه تلك السيدة المسلمة من مدينة "عمورية" في الأناضول التي استنجدت بالخليفة المعتصم من الروم، فصرخت تطلب تدخله لينصرها: وصاحت وامعتصماااااه! وصار الشبه صارخا بدوره بينهما، حيث أن تبون نفسه صرخ بالفرنسية والعربية معا: واااماكروناه! الوسوم أزمة "ديبلوماسية" الجزائر فرنسا