هن نساء تميزن بكيفية لافتة، كل واحدة في مجالها، مع تباين وتفاوت المجالات والإهتمامات والتخصصات. نساء يعتبرن في صدارة نساء المغرب اللائي لم يقبلن إلا بتبوء مكانة جعلت منهن محط إهتمام كثيرين. ثمة خيط رابط جعلهن في المقدمة.. من السياسة الى الفن مروراً بالعمل التضامني. كل واحدة منهن كانت قادرة على أن تحول موقعها بحيث يصبح أهم من المواقع الأخرى .. جعلن مكانتهن دائماً لها سطوة ونفوذ وإشعاع … جميعهن حركة لا تهدأ ولا تستكين. كان لبرلمان كوم هذه الحوارات معهن … الفاعلة والحقوقية فوزية العسولي، تعتبر واحدة من مؤسسي الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ، فرع الدارالبيضاء، وهي عضو مؤسس ورئيسة فدرالية الرابطة الديموقراطية لحقوق المرأة، كما تولت منصب رئيسة للمجلس الإداري ل “مؤسسة الأورو متوسطية للنساء”. برلمان كوم: ماهي الملفات التي تحظى بالأولوية في ترافعكم، كحركة نسائية وحقوقية، بالنسبة لملف القوانين المتعلقة بالمرأة؟ هناك ملفات أساسية وليس ملفا واحدا، مثلا هناك القانون الاطار لمناهضة العنف ضد النساء وهيئة المناصفة ومكافحة جميع اشكال التمييز، لانها ضرورية، لان التمييز ليس فقط هو انتهاك لحقوق النساء بل هو كذلك مكلف ومعرقل للتنمية بصفة عامة، واكبر دليل على هذا المرتبة التي يحتلها المغرب في مجال المساواة( المرتبة133). فالمفروض في رئيس حكومة اختصاصه الرئيسي هو تدبير الشأن العام، كما هو المسؤول على تنمية البلاد،أن يعطي الاهتمام الأكبر لقضايا المرأة، لكن رئيس حكومتنا لا ينتبه الى مثل هاته الأمور، بل الأكثر من ذلك، بنكيران لا يكن العداء فقط للنساء بل هو في حالة عداء حتى مع الهيئات الدستورية والمجالس التي من مهامها مساعدته في عمله مثل المجلس الاجتماعي والاقتصادي والمجلس الوطني لحقوق الانسان، التي من المفروض ان يستفيد منها لكونها بعيدة عن الصراع السياسي والايديولوجي، وهي تنظر الى الواقع وتحلله وتتابع المؤشرات وتقدم التوصيات من أجل النهوض بأوضاع حقوق الانسان بشكل عام. برلمان كوم: ماذا تغير فيما يخص حقوق النساء في ظل حكومة بن كيران؟ للأسف لم يتغير أي شيء، بل يمكن أن نقول بأن المؤشرات خطيرة وتوضح تراجعا واضحا في كل الملفات المتعلقة بحقوق المرأة. فمشروع قانون مناهضة العنف ضد النساء لحد الساعة لم ير النور، بمعنى أن 6 مليون و200 ألف من المغربيات يتعرضن للعنف بشكل من الأشكال، الى حد ان عددا من النساء فقدن حياتهن، في غياب تام لوسائل الوقاية والحماية ولأي قانون من شأنه حماية النساء. فالمرأة المعنفة لا تجد بابا مفتوحا في وجهها سوى باب الجمعيات التي أضحت تلعب أدوار الدولة، في ظل انعدام تام للإمكانيات. فالفيدرالية لديها شبكة مراكز الاستماع والإرشاد القانوني، هاته الشبكةاستقبلت منذ عام 2009 الى 2015 مايقارب 28 ألف امرأة، وسجلت تقريبا 50 ألف حالات اعتداء، كما استفادت 1800 امرأة من المبيت، أي بمعدل 53 الف و 300 يوم مبيت، وكل هذا يتطلب مصاريف هائلة في غياب أي دعم حكومي. برلمان كوم: لكن ما هو معروف أن الجمعيات تتلقى دعما ماديا سواء من الداخل او من الخارج.. الممولون الأساسيون للجمعيات هم من الخارج وكذا بعض المحسنين، لكن للأسف الممولون في الخارج أعربوا عن نيتهم الكف عن تمويل الجمعيات بدعوى أن المغرب بلد قادر على مساعدة جمعياته دون حاجته الى الأجانب، وان هناك دولا أخرى في العالم اقل فقرا هي الأولى بمساعداتها. صحيح هذه الخدمات التي يقدمها المجتمع المدني مهمة وضرورية، لكن لا يمكن أن تحل الجمعيات محل الحكومات. برلمان كوم: أين وصل مشروع القانون الخاص بالمناصفة ومكافحة كل اشكال التمييز؟ هل أقبر أم مازال ينتظر في الأدراج؟ مشروع قانون هيئة المناصفة ومكافحة كل اشكال التمييز جاء بعيدا كل البعد عن الجوهر والفلسفة التي أعطاها له المشرع في الدستور، والتي هي أساسا مكافحة اشكال التمييز التي تتطلب اختصاصات واضحة، و ليس فقط استقبال الشكايات حتى لا تتحول الهيئة الى جمعية. فالهيئة تتطلب اختصاصات شبه قضائية، لكي تتحرى في مختلف قضايا التمييز حتى غير المباشرة منها. برلمان كوم: تشتكون من غياب الإرادة السياسية في دعم والدفع بحقوق النساء الى الأمام، اين تتجلى مظاهر هذا الغياب؟ نعم هناك غياب الإرادة السياسية لأن الفكر الذكوري يخترق جميع الفئات وكل المؤسسات، لكن المعضلة الكبرى هي عندما يغلف الفكر الذكوري بإيديولوجية دينية، هنا تكمن الخطورة. فعندما توظف هذه الحمولة الذكورية لأغراض سياسية تصبح خطيرة، نحن نعلم أن الحزب الحاكم في المغرب يحمل ايديولوجية كانت دوما مناهضة لحقوق الانسان، لكن اعتقدنا خطأ أنه بتصويت حزب العدالة والتنمية على الدستور وبتحمله مسؤولية رئاسة الحكومة كان عليه أن يعمل على الدفاع عن اختيارات الدولة فيما يخص الديمقراطية والحداثة والحقوق والحريات . منذ البداية كانت هناك عدة إشارات سياسية غير مشجعة لها علاقة بالفكر الذكوري المتخلف البدائي ، بل تعمل على تحريضه واستفزازه واستنهاضه اكثر فأكثر. كما لاحظنا في عهد هذه الحكومة ظهور كتائب الكترونية مهمتها الأساسية هي شتم ونعت الحركة النسائية بأبغض النعوت، كل هذا والحكومة صامتة. برلمان كوم: ماذا عساها أن تفعل (الحكومة)؟ عليها ان تفعل الكثير، فالحكومة مطالبة بتوفر الحماية للمدافعات والمدافعين عن حقوق الانسان، فما يحدث في حقنا هو عنف وتمييز ولكن يبقى بدون عقاب، اذ وضعت مجموعة من الشكايات لدى النيابات العامة لكن لم تحرك أي دعوى. برلمان كوم: توجد على رأس وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، سيدة، ألم يساعد هذا على التعاطي مع قضايا النساء بشكل أكثر موضوعية؟ أولا كون امرأة توجد على رأس مؤسسة تعنى بكل ما هو اجتماعي هي مسألة في حد ذاتها تعيد تدوير الصورة والادوار النمطية للنساء، وتعكس النظرة الدونية التي تعطى للمرأة. ثانيا كنا نتمنى أن تكون الوزارةالمعنية تابعة مباشرة لرئيس الحكومة، وأن تكون لديها صلاحيات النهوض بالمساواة والنهوض بحقوق المرأة، فالنساء لسن فئة اجتماعية كما ذوو الاحتياجات الخاصة، بل هن نصف المجتمع. فبعد دستور2011 الذي جاء واضحا ، وأعطى أهمية قصوى لمسألة المساواة والنهوض بالحقوق النسائية، كان على الحكومة في تشكيلتها ان تلتقط الإشارات السياسة وتعمل على تدبيرها على مستوى الوزارات والمناصب السامية ومراكز القرار، لكن مع الأسف لم يكن هناك شيء من هذا القبيل. برلمان كوم: افهم من كلامكم أنكم تتهمون الوزارة المعنية بالتقصير؟ وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية تابعة لحزب العدالة والتنمية، ورئيس الحكومةلا يخفي في تصريحاته مناهضته للمساواة بين الرجال والنساء، بل لديه تصورات أخرى للنساء ودورهن في المجتمع، من ذلك الاهتمام بالزوج ورعاية الأطفال فقط لا غير، اذ نجده يتحسر على الثريات اللائي كن في البيوت، بل أكثر من ذلك هو يدعو للتعدد… بن كيران لا يضيع الفرصة دون التهجم على النساء والمس بكرامتهن. برلمان كوم: هل تشرككم السيدة بسيمة الحقاوي في النقاش حول القوانين المطروحة؟ الحركة النسائية ليس لديها أي موقف عدائي من السيدة الوزيرة، فنحن نحترم مهامها،ففي الوقت الذي تم تعيينها على رأس الوزارة راسلناها، والتقيناها في عدة مناسبات، وشاركناها في المرافعات في عدة قضايا من ضمنها قانون العنف ضد النساء، لكن مع الأسف ليس هناك أي اشراك لنا من جانبها. لا اريد هنا أن احملها المسؤولية، لأن حقاوي ما هي سوى عنصر ضمن حكومة يوجد على رأسها رئيس اسمه عبد الاله بن كيران. نحن لا ننتقد الأشخاص بل السياسات التي أظهرت مناهضتها لحقوق النساء وحقوق الانسان بشكل عام. فالواقع أننا نعيش في ظل ميولات حزب إسلامي ذي فكر ماضوي وذكوري، يستعمل الدين ويغلف التمييز والعنف بتأويل ديني لا يخلو من قدسية.