الخط : إستمع للمقال = لقد تطرَّف الريسوني إلى أن صار يتكهَّن بمستقبل هندوسي لمجتمع مسلم حافظ على تدينه المغربي على مدار القرون، ولم تهزه كل تقلبات هاته المدة المديدة من التاريخ الطويل. = لم يجد الفقيه أحمد الريسوني مبررات فقهية أو عقدية أو روحية، ليترافع بها ضد التعديلات التي كشفت عنها جلسة العمل التي عقدها جلالة الملك بخصوص إصلاح المدونة، واعترف بأن «هذه الاختيارات الفقهية/القانونية تقع ضمن ما يسوغ فيه النظر والاجتهاد والتعديل». لكن الفقيه الريسوني الذي ينسب نفسه إلى الفقه المقاصدي، الذي يأخد بروح النص لا بحرفيته، قدم قراءة ذكورية مغلقة لما ظهر من التعديلات، قبل أن تصير قانونا. ورأى فيها مجرد «التضييق والضغط على الرجل: قبل زواجه، وأثناء زواجه، وفيما بعد الطلاق، وبعد الممات..!»، بدون أن يقدم دلائل تامة ومتكاملة. لقد أصدر حكمَ قيمةٍ مستعجلا وبدون أن يبني «النازلة» كما يقول الفقهاء. الرئيس السابق لحركة التوحيد والإصلاح، عرف عنه الكثير من النزقية إزاء امارة المؤمنين في السابق، من خلال تصريح إلى يومية «أوجوردوي لوماروك» الصادرة بالفرنسية، بتاريخ 14 مايو 2003، قال فيه «إن الملك ليس لديه تكوين شرعي يؤهله لإصدار الفتوى»، مما حذا بالزعيم المقاوم عبد الكريم الخطيب إلى وصفه «بالبليد»... ولعل في ما ورد في تدوينة له غير قليل من بقايا التسرع الذي طبع تصريحاته السابقة، حيث أن رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين سابقا اعتبر، من جهة ثانية أن التعديلات ستدفع «الشباب إلى مزيد من العزوف عن الزواج، وإلى الخوف من الزواج، في مقابل التسهيلات والإغراءات المريحة المتاحة لحياة العزوبة والعلاقات الحرة..». ولم يقدم الفقيه أي تحليل مادي ملموس على ما ادعاه، ولا هو أتى بالإحصائيات التي تعزز ما ذهب إليه، كما لم يُقِم الدليل على أن ما توافقت عليه الهيئة الشرعية للمملكة أي المجلس الأعلى العلمي، هو الذي يفتح الباب لكل هاته الآفات التي يهول من آثارها..! وفي هاته أيضا فات الفقيه أن يدرك أن الافتاء في المغرب أصبح جماعيا من خلال المجلس العلمي الأعلى، وأن الحقل الديني الذي غادره في فترة من الفترات بالتوجه إلى الشرق، قد أصبحت له ضوابط جامعة، ترسي قواعد الاجتهاد وتفتح الفقه على تحولات الواقع بشكل أكثر جرأة ونجاعة، من التخوفات الماضوية التي تسكن الذين وضعوا أنفسهم خارج المؤسسات.. وتكمن أغرب غرائب الريسوني، أنه فتح الباب على مصراعيه للخيال... العلمي في الفقه والمجتمع. حيث حكم على التطورات الحالية بأنها ستقود المجتمع المسلم إلى أن يصير مجتمعا.. هندوسيا! وقال بالحرف: «ستجد المرأة أمامها مزيدا من الحقوق والمكاسب والصلاحيات، لكن وجود الزوج نفسه سيصبح عسيرا أكثر فأكثر. وربما سنحتاج، في النهاية، إلى الحل الهندوسي، وهو أن المرأة تدفع للرجل مهرا كبيرا حتى يقبل الزواج!". لقد تطرَّف الريسوني إلى أن صار يتكهَّن بمستقبل هندوسي لمجتمع مسلم حافظ على تدينه المغربي على مدار القرون، ولم تهزه كل تقلبات هاته المدة المديدة من التاريخ الطويل. ولمّا لم يجد مبررات دينية للرفض، اجتهد في العلوم الاجتماعية، وحالة الاقتصاد وما إلى ذلك من العلوم الوضعية التي ليس له فيها باع يُذكر! وهو في حقيقة الأمر واحد في قلب اتجاه متلعثم، لم يجد أي مدخل ديني للوقوف في وجه إصلاح المدونة، ولا عثر على مسوغات عقدية لمعارضة ما جاء به التعديل، الذي ما زال في مستوي التوصيات ولم يتحول إلى قانون بعد. وشرع في البحث عن أسباب اجتماعية أو مالية للغمز في التعديلات. والتهويل من استضعاف الرجل المغربي وتصوير المدونة كما لو أنها انتصار للمرأة على الرجل وأهله ووالديه ونسي أن الزواج هو أولا وقبل كل شيء سكن وسكينة وحسن وإحسان! الوسوم الزواج الطلاق المغرب الملك محمد السادس مدونة الأسرة المغربية