الخط : إستمع للمقال وحده توفيق بوعشرين من يستطيع تغيير ظهير العفو بدون حاجة لمقترحات ولا مشاريع القوانين! ووحده توفيق بوعشرين من يُمكنه تغيير مقتضيات العفو بمجرد تغريدة منشورة على حسابه الشخصي في موقع فايسبوك، دونما حاجة لسلك المساطر الاعتيادية للتشريع. ولعلّ آخر اجتهادات توفيق بوعشرين في مجال التشريع والتقنين، هو أن العفو الجماعي الذي يُصدره جلالة الملك لم يعد محصورا على سبع مناسبات دينية ووطنية، وهي عيد الفطر وعيد الأضحى والمولد النبوي وعيد العرش وذكرى ثورة الملك والشعب وذكرى 11 يناير وذكرى عيد الشباب. بل أضاف توفيق بوعشرين مناسبة جديدة لهذه القائمة، وهي مناسبة 11 ديسمبر 2024، التي تصادف إعلان الفيفا لاحتضان المغرب لكأس العالم 2030 بمشاركة مع إسبانيا والبرتغال. فحسب توفيق بوعشرين.. في هذا اليوم تعالت بهجة المغاربة، ويجب أن تمتد هذه الفرحة العارمة لتشمل باقي المعتقلين بالعفو الملكي السامي! ومن المفارقات المضحكة، أن إعلانات الفيفا صارت موجبة للعفو الملكي السامي! وفرحة المغاربة أضحت مناسبة دورية لتمتيع السجناء بالعفو، وفوز المغرب بالبطولات الرياضية أمسى بدوره فرصة للتخفيف من اكتظاظ السجون! إنها مرئيات توفيق بوعشرين لما ينبغي أن يكون عليه العفو الملكي السامي، بعيدا عن تقعيده القانوني وفلسفته الإصلاحية. لكن السؤال الذي يتبادر لذهن المغاربة: هو من هم هؤلاء المعتقلين الذين يقترح توفيق بوعشرين أن يشملهم العفو في ذكرى إعلان الفيفا فوز المغرب باحتضان المونديال الكروي ؟ بالطبع لم يذكر أحدا بالاسم سوى محمد زيان وأحد معتقلي أحداث الحسيمة! وهنا نتساءل مجددا: هل ملتمس توفيق بوعشرين نابع حقا من خلفيات إنسانية، كما يقول، أم أنه يريد فقط أن يسدد أتعاب المحامي محمد زيان (عينيا) بعدما كان يدافع عليه هذا الأخير عندما كان يُحاكَم في إطار قضايا جنائية؟ فهذه العلاقة التعاقدية السابقة تدفعنا للطعن والتجريح والمخاصمة في ملتمس توفيق بوعشرين، لوجود شبهة المزية الشخصية في الطلب، ولانتفاء عنصر الحياد والموضوعية في صاحب الطلب! وعلى صعيد آخر، هل يُدرك توفيق بوعشرين بأن ظهير العفو لا يسري على الغرامات المحكوم بها لفائدة الإدارات العمومية والعقوبات التأديبية الصادرة عن المنظمات والهيئات المهنية. وفي قضية محمد زيان، نجد أنه مُدان بغرامات مالية في قضايا اختلاس أموال عامة، كما أنه محكوم بعدة عقوبات تأديبية صادرة عن هيئة المحامين بالرباط! فهل يتعين على الدولة أن تعطل قانون العفو، وتخرق القوانين السارية المفعول، لتستجيب لملتمسات توفيق بوعشرين المشوبة بالدوافع الشخصية؟ وهل يعرف توفيق بوعشرين بأن ما ارتكبه محمد زيان من جرائم تتماثل وتتطابق مع جرائم الوزير السابق محمد مبدع! فكلاهما وزيران سابقان، وكلاهما حُوكِما بجرائم الاختلاس وتبديد الأموال العامة. فهل يمكن العفو على المعتقل الأول وإقصاء المعتقل الثاني؟ ألا يعتبر هذا تمييزا ومسّاً بسواسية المواطنين أمام القانون؟ ألا يمكن كذلك قراءة العفو عن مختلسي المال العام بأنه تشجيع على الإفلات من العقاب وتحفيز على ارتكاب جرائم الفساد المالي؟ وألا يمكن أن تعتبر هذه المبادرات "البوعشرينية" بأنها انتهاك من المغرب لتوصيات مجموعة العمل المالي GAFI؟ وهل يمكن أن تؤثر ملتمسات توفيق بوعشرين على خروج المغرب من اللائحة الرمادية الخاصة بالدول التي تحتاج للمتابعة المعززة في مجال مكافحة غسيل الأموال؟ كل هذه الأسئلة وغيرها.. كان على توفيق بوعشرين أن يستحضرها قبل أن يطالب بالإفراج عن محاميه السابق، الذي اضطلع وقتها بدور "محامي الفوضى" في جلسات المرافعة، لتحقيق غرض وحيد هو تمييع المحاكمة والحؤول دون تطبيق العدالة. الوسوم اعتقال اغتصاب الاتجار بالبشر العفو الملكي السامي المغرب الملك محمد السادس توفيق بوعشرين