الخط : إستمع للمقال تدثر عبد المولى المروري، الهارب في كندا من أحكام القضاء بالمغرب، بموضوعية زائفة عندما تناول العفو الملكي السامي على 2476 مَحكوم ومدان في قضايا الحق العام، من بينهم صحفيون ومُدونون على شبكات التواصل الاجتماعي، ومُتطرفون استفادوا من برنامج مُصالحة لمواجهة الخطاب المتشدِّد داخل السجون. وسرعان ما تتداعى الموضوعية الوهمية التي التحفها عبد المولى المروري، عندما يُدرك القارئ بأن هذا المحامي السابق كان يَكتب تدوينته بذاتية مُفرطة ومُوغلة في الأسى والتأسي! فالرجل هارب من أحكام قضائية، ويَعيش هائما على وجهه بغير هُدى من الله في كندا، وكان يُمني النفس بعفو ملكي مُماثل، ليتسنى له الاستمتاع بما سماه "الرمال الذهبية والماء العذب الزلال" الذي يَتدفق صبيبه بالمغرب. كما تُبرز ذاتية عبد المولى المروري أكثر، رغم تظاهره بموضوعية زائفة، عندما تَنبلج الغُصة والغَضاضة من كلامه وهو يُغبط المستفيدين من العفو الملكي السامي. فالرجل يَرى رِفاق الأمس يُعانقون نسيم الحرية، خصوصا توفيق بوعشرين، بينما هو يتلظى ببرد كندا بدون عباءة المحاماة، مثل أي طَريد يَهرب من سِجلِّه القضائي. ولم تكن الذاتية وحدها هي التي طبعت تدوينة عبد المولى المروري بشأن العفو الملكي السامي، بل حتى الجَهل المركب كان ينضح من الحساب الفايسبوكي لهذا المحامي الهارب والمستشار الجماعي المعزول بسبب عدم التصريح بالممتلكات. فقد ادعى عبد المولى المروري أن العفو الملكي السامي بمناسبة عيد العرش المجيد كان "استثنائيا"، والحال أنه عفو جماعي مرتبط بحدث وطني، وهو عيد العرش المجيد، ولم يكن بأي حال من الأحوال وليد ظروف استثنائية، أو مرتبط بوقائع غير مألوفة. بل إن ظهير العفو ينص في مقتضياته على أن العفو نوعان:،عفو فردي وعفو جماعي، وأن هذا النوع الأخير مرتبط بأعياد وطنية ودينية من ضمنها عيد العرش المجيد! فأين هو الاستثناء في هذا العفو الملكي السامي؟ أكثر من ذلك، حتى عدد المستفيدين من العفو الملكي السامي بمناسبة عيد العرش يكاد يكون متقاربا في السنوات الأخيرة، وليس هناك ما يحمل على الاعتقاد بوجود الاستثناء هذه السنة. بل حتى بروفايلات المستفيدين توجد بينهم تقاطعات في التكييف القانوني، وهو ما يشكل جوهر العفو المتمثل في وحدة الموضوع! فالعفو هذه السنة شمل المستفيدين من برنامج مصالحة، وهي خانة تضم المتطرفين الذين برهنوا عن مراجعات إيجابية تنبذ التطرف والإرهاب وتعترف بالمؤسسات الوطنية، وهناك فئة الصحافيين والمدونين الذين ارتكبوا جرائم الحق العام، من بينهم سعيدة العلمي ومول القرطاسة وعماد استيتو وعمر الراضي وهشام منصوري وغيرهم! وهناك أيضا سجناء آخرين يجمعهم قاسم مشترك مع من سبقوهم وهو تورطهم جميعا في قضايا الحق العام. فأين هو الاستثناء المفترض الذي يتحدث عنه عبد المولى المروري بفهلوة ماكرة وذاتية مفضوحة؟ والمثير كذلك، أن هذا المحامي الهارب لم يكتف بالتضليل بشأن طبيعة العفو، بل ادعى أنه هناك من أصيب ب "البكم"، في إشارة مضللة إلى أن هناك من يرفض العفو على الصحفيين والمدونين، وفي إيحاء مبطن كذلك بأن هناك بلقنة وتخندقات بين تيارين أحدهما رافض للعفو والآخر مؤيد له! وهذه لا تعدو أن تكون مجرد حالة انطباعية لا وجود لها إلا في عدمية عبد المولى المروري، بدليل أن العفو هو حق سيادي بين يدي الملك يمارسه طبقا للقانون، وليس لأي جهة أن تعترض عليه أو تمتعض منه. أكثر من ذلك، فإن العفو هو مظهر من مظاهر الصفح وتجلي من تجليات العدالة، وبالتالي لا يمكن للجميع إلا أن يبتهجوا له ويشيدوا بإنسانية الملك وسماحته. وحتى بالنسبة للضحايا والمطالبين بالحق المدني، فإن ظهير العفو يَحفظ حقوقهم كاملة بدليل أنه يشترط عدم الإضرار بحقوق الغير! فلماذا يتخيل عبد المولى المروري وجود رافضين للعفو؟ بل إن آثار العفو لا تشمل سوى العقوبة، ولا تمتد للمطالب المدنية والتعويضات، كما أنها لا تعني بأي شكل من الأشكال بأن المستفيد من العفو هو شخص بريئ أو غير مذنب. فتوفيق بوعشرين استفاد من العفو الملكي، لكن ذلك لا يَمنع ضحاياه من التنفيذ عليه في الشق المتعلق بالمطالب المدنية. كما أن حصوله على العفو لا يعني أنه بريئ أو غير مذنب، وإنما هو مدان بقوة القانون من أجل الجرائم المنسوبة إليه. نفس الشيء بالنسبة لسعيدة العلمي ومول القرطاسة ورضا الطاوجني ويوسف الحيرش وغيرهم. وإمعانا في الهجاء المغلف بالمدح، ادعى عبد المولى المروري كذلك بأن العفو الملكي السامي جاء في سياق الأزمة! في محاولة لتضليل الرأي العام بدعوى أن هذا العفو أملته ظروف خارجة عن الإرادة الملكية! وهذه صفاقة من محامي سابق خرج يتظاهر بالإشادة بالقرار الملكي السامي، بيد أنه في الحقيقة يصرف حقدا دفينا بسبب عدم استفادته هو شخصيا من العفو بسبب جرائمه العديدة. وهنا نتساءل مع عبد المولى المروري بصوت مرتفع: لماذا لم يحصل توفيق بوعشرين وسليمان الريسوني وعمر الراضي على العفو الملكي منذ سنتين عندما أصدر البرلمان الأوروبي توصياته المخدومة والمسيسة؟ ولماذا لم يستفذ توفيق بوعشرين من العفو عندما توجه محاموه للآليات الخاصة للأمم المتحدة وتحديدا لفريق العمل ضد الاعتقال التعسفي؟ فلو كان صحيحا أن العفو الملكي السامي يأتي بفعل الظروف والإملاءات، لكان من الأفضل العفو عن هؤلاء منذ سنوات وليس الانتظار إلى غاية اليوم. فنصيحة لعبد المولى المروري إذا كان يرغب حقا في الاستفادة من العفو الملكي، أن ينس نهائيا مسألة الضغط، لأن هذا الأخير لا يوجد إلا في طنجرة الضغط التي تصفر فارغة في مخبئه البارد في كندا. وصَفاقة عبد المولى المروري لم تمنعه أيضا من الخوض في التفاهة، خصوصا عندما زعم بأن هناك مؤاخذات على السياسة الأمنية! فهل يعلم هذا الأخير بأن مؤشر الثقة المجتمعية في المؤسسة الأمنية بالمغرب ناهز 85 بالمائة خلال سنة 2023، مما بوّأها المراتب الأولى في المؤسسات الوطنية الأكثر ثقة عند المغاربة. فمن أين جاءت هذه المؤاخذات المزعومة إذا كان جل المغاربة يَثقون في مؤسستهم الأمنية؟ ويمكن لعبد المولى المروري الاطلاع في هذا الصدد على مؤشر الثقة الذي رصده معهد السياسات الأمنية والبارومتر العربي خلال السنة المنصرمة. وقتها سيدرك بأن المؤاخذات التي يتحدث عنها لا توجد إلا في عدميته، وفي تخاريف محمد زيان، وهلوسات علي لمرابط. وتفاهة هذا المحامي السابق لم تقف عند الحدود الدنيا للسماجة، بل تضخمت بشكل مهول، لاسيما عندما ادعى عبد المولى المروري "أن العفو الملكي لا يرتبط بالأحكام القضائية، وأنه يستحضر فقط المصلحة الوطنية العليا، ولا يلتفت إلى الأحكام وإجراءاتها ومساطرها التي تظل شخصية وذاتية.. " فهذا الكلام يصدح بالغباء والتدليس في نفس الوقت، لأن العفو يستحضر بالأساس مصلحة السجناء، ويرنو منحهم فرصة ثانية للاندماج في المجتمع، بينما عبد المولى المروري حاول عبثا أن يصور العفو، بشكل تضليلي، على أنه يصبو خدمة المصالح العليا للوطن! وكأن اعتقال سعيدة العلمي ومول القرطاسة وعمر الراضي يؤثر على الأمن القومي للمغرب وعلى مصالحه الاستراتيجية. وفي المحصلة، لابد من التأكيد على أن عبد المولى المروري بدا مُرهقا من الاغتراب هربا من العدالة، وقد ظهر ذلك جليا في تدوينته التي صدحت بالتعبير عن حرقته وغصته وهو يتحدث عن المستفيدين من العفو داخل بلادهم المغرب. لكن ما يَجهله هذا المحامي الهارب من العدالة هو أن العفو الملكي السامي بمناسبة عيد العرش المجيد كان مبادرة كبرى، حافلة بالإشارات الملكية الرائدة، لا يمكن أن يلتقطها العدميون وإنما يفهمها فقط أصحاب النباهة والحس الوطني العالي. فالمبادرات الكبرى تصدر عن الكبار ويلتقطها النبهاء. ومن هذا المنطلق، يُراهن المغرب على أبنائه النجباء لالتقاط الرسائل والإشارات الملكية الإنسانية من العفو الأخير، والتفاعل بما يليق بها من تقدير وتوقير، لترصيد مكتسباتها وتعزيز مقاصدها، وهي أمور لا تتوافر في عبد المولى المروري، لأنه بكل بساطة مجرم هارب من العدالة يبحث عن العفو لتبييض جرائمه المالية والاحتيالية العديدة. الوسوم العفو الملكي الملك محمد االسادس