الخط : إستمع للمقال سبحان الذي ألّف في خَلَدِ حميد المهداوي كلا الضدين، وجمع فيه كلا التناقضين! فهو الوحيد الذي يذهب "لحلاقة الناظر" في سوق الخنيشات على متن سيارة رونج روفر بريطانية الصنع! ولا يجد في ذلك حرجا! فهو يؤمن بأن الأرزاق مُقسّمة من عند اليوتيوب، يجود فيها بالرزق الوفير على من يلوك الكلام أكثر من غيره من الناس. وهو كذلك الوحيد الذي يتظاهر بالحلاقة الشعبية فوق كرسي مهترئ، بينما لا يقبل بغير كرسي سيارة الأودي أو الرونج روفر عندما يكون مستمتعا بالقيادة على الطرق السيارة. فكم هو جميل أن يشاركنا حميد المهداوي جلساته الشعبية في خيمة السوق، لكن من التعاسة والإجحاف أن يحرمنا من مشاهدة أسطول سياراته الفارهة. ألسنا "إخوته المغاربة"؟ وهو الذي ما انفك يعتبر نفسه من الشعب، وإن كان السواد الأعظم من هذا الشعب لا يملك مثله ضيعة فلاحية ولا سيارات فارهة! فلماذا لا يتقاسم معنا صور مركباته الجديدة، وممتلكاته المحمولة فوق أموال عائدات اليوتيوب، ولو من باب التسلية والتحفيز، بينما يكتفي في المقابل بإرجاعنا إلى نوستالجيا السوق الشعبي التي تختزل معاني "الدروشة" في مفهومها الصوفي. وأيا كانت مدلولات وخلفيات صورة حميد المهداوي، إلا أن الجميع استحسن ما فعله عبد اللطيف وهبي بعدما استطاع أن يصالح مالك سيارات الرونج والأودي مع مسقط رأسه بالخنيشات. بل "فرض" عليه أن يسلّم ناظريه للحلاق الشعبي، أملا في صورة منتقاة بعناية تدغدغ مشاعر الناس وتستدرر تعاطفهم في مرحلة خلافه مع القانون. فصورة حميد المهداوي في سوق الحلاقة هي للبيع في سوق الشبكات التواصلية، وليس كما يظن البعض بأنها قبس من نوستالجيا السفر من مداشر الخنيشات نحو ضيعات أيت مالك بضواحي الخميسات. فلا يمكن الرجوع إلى الحلاق الشعبي طواعية على متن سيارة تناهز سبعين أو ثمانين مليون سنتيم؟ ولا يمكن أن نسدد ثمن الحلاقة الشعبية بعشرة دراهم ومعها "طوبة ديال السكر"، بينما خيول السيارة رونج روفر التي يملكها "الحليق" لا تتحرك إلا وقد تغذت بألف درهم من المحروقات. فمن المستحيل أن نجمع بين كل هذه المتباعدات المتضادة في صورة واحدة! لكن يبقى حميد المهداوي وحده القادر على التوليف بين كل ذلك! بأن يذهب للحلاقة في سوق شعبي فوق هودج وأريكة المركبات الفارهة التي لا يملكها غالبية إخوته المغاربة. والتضاد كثير في حياة حميد المهداوي ولا يقتصر فقط على مفارقة السيارات الفارهة والحلاقة الشعبية. فهو الوحيد الذي اشتكاه وزير عدل من الإسلاميين، ودعاه قضائيا كذلك وزير عدل من الحداثيين. لكن مع فارق وحيد هو أن المصطفى الرميد طلب درهم رمزي كتعويض عن كرامته، بينما نَشَدَ عبد اللطيف وهبي تحقيق العدالة "الزاجرة"، لتقديم العبرة لكل اليوتوبرز الذين يستبيحون كرامة الناس وحياتهم الشخصية في تسجيلات سمجة. لكن تبقى من "قفشات" حميد المهداوي أنه يتجسم في نفسه "الشعب"، ويعتبر محاكمته محاكمة للشعب، ويعتبر محاميه مدافعا عن الشعب، بينما عندما تنقطع وصلة التصوير يقطع أوصاله بهذا الشعب. بل إنه عندما يُشغل محركات سياراته البريطانية والألمانية الفارهة، لا يترك للشعب سوى أزيز المحرك ودخان الانبعاثات العادمة، ملفوفة في صورة مصطنعة مأخوذة من كرسي حلاق شعبي في خيمة مهترئة بمنطقة الخنيشات. الوسوم المهداوي حميد