أعادت زيارة وزير الخارجية العراقي ، ابراهيم الجعفري ، للمغرب ملف المغاربة العائدين من العراق عام 2003، الى الواجهة. المسؤول العراقي، الرفيع المستوى، حمل معه الى المغرب أجندة مليئة بالملفات الهامة والحساسة التي نوقشت مع المسؤولين المغاربة، من ضمنها ملف المغاربة المحكومين بالإعدام في السجون العراقية، وقضايا أخرى هامة لم يتسن معرفة إن كان موضوع المغاربة العائدين من العراق من ضمنها. يعدون بالمئات، غادروا المغرب نحو العراق، لتحقيق أحلام الشباب، فأعمارهم حينها كانت ما بين الثلاثين والأربعين سنة، ليعودوا إلى وطنهم نازحين وقد بلغوا من العمر عتيا، تاركين وراءهم كل ما يملكون، ولا يملكون هنا سوى آمال الانصاف التي قد تتحقق أو لا تتحقق. هذا هو حال مجموعة كبيرة من مغاربة العراق مازالت معاناتهم مستمرة منذ 2003، سنة مغادرتهم الأراضي العراقية بعد سقوط بغداد ومقتل الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، الى يومنا هذا .طرقوا جميع الأبواب، راسلوا المسؤولين، ووجهوا رسائل الاستعطاف…لكن ملفهم بقي بلا حل لحدود الساعة. اسمه مولاي حفيظ باحر السباعي، هو الآن رئيس جمعية الفلاحين والعمال المتضررين من حرب العراق لسنة 2003، رجل ثمانيني، كان من بين الفلاحين الذين هاجروا إلى العراق في بداية ثمانينات القرن الماضي في إطار اتفاق بين الدولتين المغربية والعراقية، ومنهم عمال وسواق شاحنات وموظفون وتجار وفلاحون. ” لكن الفلاحين كانت لهم ميزة خاصة، حيث هاجروا وفق بروتوكول موقع بين المغرب والعراق سنة 1981 لاستغلال اراضي زراعية مستصلحة، لكنها كانت مالحة كلفت الفلاحين أربع سنين من الغسل، وفي حرب الكويت سنة 1991 رجع أكثر من مائة فلاح عن طريق الأممالمتحدة، وبقيت مجموعة من العائلات التي تحملت الحروب والحصار أملا في ان يتحسن العراق لكن وقعت الحرب الاخيرة واجهضت على الباقي”، يحكي السباعي في رسالة موجهة الى الوزيرة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، مباركة بوعيدة، لشرح معاناة المغاربة العائدين من بلاد الرافدين وطلب المساعدة. وتضيف ذات الرسالة الشكاية ” إن الفلاحين سيدتي الوزيرة كانوا يستغلون أراضي زراعية (عشر هكتارات لكل فلاح) ودارا سكنية في ملكيتنا ولدينا وثائق التمليك، وكان من حق كل فلاح أن يحول نصف المبالغ التي استخرجها من محاصيله الزراعية وفق البروتوكول الموقع ، لكن في سنة 1988 توقف التحويل الخارجي، ووعدتنا الحكومة السابقة بأن تدفع لنا مستحقاتنا من التحويل الخارجي بعد رفع الحصار”. في الثمانينيات من القرن الماضي استقدمت الجمهورية العراقية عشرات الفلاحين من المملكة المغربية في إطار ما سمي آنذاك في العراق ببرنامج الإصلاح الزراعي، وقد تم ذلك على عهد صدام حسين رئيس الجمهورية العراقية والحسن الثاني ملك المغرب آنذاك، وفق بروتوكول وقع بين البلدين سمي ب”بروتوكول اتفاق بشأن العائلات المغربية الموفدة إلى القطر العراقي قصد الاستيطان والعمل في ميدان الفلاحة”. أما العمال في بغداد فكانوا يعملون في شتى المجالات من تمريض وسياقة الشاحنات الكبيرة والحافلات وغيرها، حيث كان العراق بحاجة الى 3000، منهم من رجع أثناء حرب الكويت، ومنهم من بقي متحملا كل الصعاب الى سنة 2003، حيث خرج الجميع بعد أن انفلت الأمن ” هؤلاء لم تنصفهم المنشآت التي كانوا يعملون فيها بحيث منهم من عمل 30 سنة ورجع الى المغرب بخفي حنين”. وأضاف السباعي ” سيدتي الوزيرة، طلبت مني السفارة العراقية هذه الايام بصفتي رئيس جمعية المتضررين بأن نقدم طلباتنا مرة أخرى، إلا أن الكتاب الذ ي جاء من العراق يهم فقط 100فلاح دون ذكر العمال بمختلف أصنافهم، لهذا نرجو منكم فتح حوار مع السفارة أو الخارجية العراقية من أجل حل كل المشاكل العالقة وهي: تعويض الفلاحين عن الدور السكنية التي في ملكيتنا وعندنا وثائق التمليك، التعويض عن العقود الزراعية التي كنا نستغلها بعقود طويلة الأمد، علما بأن تلك الارض تستغلها شركة صينية حفرت بها آبار نفطية”. كما طالبت الجمعية بتعويض عن التحويل الخارجي بمبلغ 4 ألاف دولار عن كل سنة منذ أن انقطع التحويل، وتعويض أبناء الفلاحين الذ ين لم يحصلوا لا على القطع الارضية ولا السكنية كما في المادة التاسعة من البروتوكول، علما بأن الاراضي التي كانت مخصصة للفلاحين سلمتها مديرية الزراعة لمرحلين من حدود الكويت. أيضا تشمل المطالب نقل الضمان الاجتماعي للعمال المسجلين في الضمان الى المغرب، ومنح الموظفين الذين عملوا في الدوائر الحكومية أكثر من عشر سنين تقاعد نسبي وتحويله الى المغرب، وتعويض من ضاعت له ممتلكات بسبب الحروب والقصف الأمريكي» الذي تسبب لنا في أمراض مزمنة لانزال نعاني لحد الآن في غياب أي تغطية صحية، وأخيرا تعويض المستشهدين بسبب القصف وكذلك الجرحى الذين أصيبوا اثناء الحروب”. يذكر أن مغاربة العراق لعام 2003 كانوا قد قدموا طلبات بالحصول على تعويضات إلى الهيئة الأممية بجنيف، لكن جواب هذه الهيئة كان آنذاك بأنها لا تتعامل مع الأشخاص الذاتيين، بل إنها تتعامل مع المؤسسات فقط، الأمر الذي جعل هذه الأسر تنتظم في جمعية سميت “جمعية الفلاحين النازحين من العراق”، التي راسلت العديد من الجهات، منها وزارة الخارجية المغربية والسفارة العراقية، لكنها إلى حدود اليوم لم تتوصل سوى بتعويضات عن النقل بين العراق والمغرب لم تزد عن خمسين ألف درهم للأسرة.