الخط : من أصدق ما ورد في تدوينة حسن بناجح، حول قضية الكوفية الفلسطينية التي حاول البعض تحويلها إلى اعتماد صحفي أو تذكرة تسمح بولوج الملاعب الرياضية، هو عندما قال بأن "عقله يقف عاجزا عن الاستيعاب!". وبالفعل فإن عقل حسن بناجح، ومعه الكثير من الشعبويين و"المساكين" في الفايسبوك، يبقى قاصرا وعاجزا عن التحليل واستنباط الظاهر، وليس الباطن، من بلاغ ولاية أمن الدارالبيضاء حول قضية المسماة وصال. بلاغ .. يتجاوز عقل حسن بناجح لا يحتاج القارئ لكثير من النباهة والفراسة ليستنبط مدلولات ومقاصد ولاية أمن الدارالبيضاء في بيان حقيقتها المنشور حول قضية "الكوفية". فمصالح الأمن أكدت بشكل صريح بأن "حمل وشاحات تتضمن أعلام الدول يدخل في خانة الحرية الفردية"، إذ أوضحت بما لا يدع مجالا للشك بأن " الشرطة لم تقم بحرمان المعنية بالأمر أو تقييد حريتها في حمل أي وشاح أو إشارة مميزة لدولة عربية". فالذي يبحث (حقيقة) عن الجواب حول مدى شرعية حمل الكوفية من عدمه داخل الملاعب الكروية، سوف يقف عند هذه الفقرة من بلاغ الأمن ليتأكد بأن الأمر يتعلق أساسا ب"حرية فردية" لا يمكن تقييدها أو الحد منها. أما من في قلوبهم زيغ أو مرض، مثل حسن بناجح وباقي "المستكينين" فإنهم هرعوا وانبروا يبحثون عن أدلة نفي ووسائل دحض قالوا أنهم وجدوها في شريط فيديو يوثق لسحب "أسمال مزركشة" من مشجع تونسي!. ومن المفارقات الغريبة كذلك أن حسن بناجح ومعه سدنة "الاستكانة والمسكنة"، لم تستفزهم صور الأعلام الفلسطينية التي كانت تغطي المدرجات بالكامل، وإنما استفزتهم فقط مزاعم السيدة وصال التي ادعت أن "كوميسيرا ظهر بالصوت فقط" منعها من الدخول بدعوى "حملها لكوفية لا تتجاوز حدود الجيد والرقبة وظفائر الخصلات المظفورة بالحجاب". فمن كان يريد حقا منع الكوفية، إن صدقنا جدلا استيهامات حسن بناجح، فقد كان مفروضا فيه أن يمنع الأعلام والرايات الفلسطينية التي يتجاوز طولها خمسة أمتار! هذا هو المنطق الذي يتعذر على حسن بناجح فهمه واستيعابه، بسبب خلفيته المتطرفة الغارقة في الأوهام والبدع والخرافات. تهريب النقاش جوهر قضية السيدة وصال ليس هو الكوفية المزركشة ولا هو التضامن مع فلسطين، مثلما حاول البعض تسويق هذا المشكل المفتعل، وإنما أصل القضية هو الرغبة في ولوج الملعب عنوة بدون اعتماد صحفي ولا تذكرة. فداخل الملعب يوم أمس، كان هناك أكثر من أربعين ألف متفرج في المدرجات، وتم رفع المئات من الرايات والأعلام الفلسطينية، ومع ذلك لم يتظلم أي شخص أو يشتكي من منعه من ولوج الملعب متأبطا علم فلسطين أو متوشحا كوفيتها، باستثناء وصال التي اختلقت أزمة الكوفية، لأنها كانت تعتقد أن ولوج الملعب لا يحتاج ربما إلى تذكرة! قد يحتاج فقط إلى تخراج العينين والتصريح بالصفة الصحفية دون إثبات. ومن باب استدرار السخرية السوداء هي عندما استشهد "مناصرو" وصال بفيديو لهذه الأخيرة، وهي تجادل شخصا غير مرئي يدعي بالصوت أنه كوميسير! واللافت أن هذا الشخص المبني للمجهول لم يتحدث قط عن الكوفية، ولا عن منع الوشاحات من ولوج الملعب، ولكن وحده حسن بناجح، ومن معه، استنبطوا ما أرادوا استنباطه وتحدثوا عنوة عن الكوفية بلسان هذا الشخص غير الظاهر في الفيديو! وللأسف الشديد، فإن هناك دائما من يحاول تهريب النقاش من نطاقه الحقيقي إلى متاهات الشعبوية، وهذا هو حال حسن بناجح وكل "المساكين" في هذا الفايسبوك. فجوهر القضية هو عدم توفر وصال على اعتماد صحفي ولا على تذكرة لولوج الملعب، أما الباقي فهو مجرد لغو وعبور في كلام عابر كما قال محمود درويش عندما كان يتوشح صدقا كوفيته المعهودة. وفي الختام، لا بد من التذكير بأن فيديو السيدة وصال يتضمن العديد من العناصر التأسيسية لجرائم معاقب عليها قانونا! ولعل هذا هو السبب الذي جعلها تبادر بحذف الفيديو بعدما فطنت لأحكام القانون الجنائي التي ترتب جزاءات سالبة للحرية وغرامات نقدية لكل من ارتكب جريمة التقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع أقوال أو معلومات خاصة أو سرية دون موافقة أصحابها. الوسوم العدل والاحسان غزة الفلسطينية