الخط : هل حرَّر "الرِّياء" يوما وطنا؟ وهل يَتحقق التضامن مع الشعب الفلسطيني بالإفراط في الذاتية ونشر صور البروفايلات الشخصية على الهواتف المحمولة؟ لقد أبدع حسن بناجح، يوم أمس الأحد، في الرِياء والتظاهر بالنِضال من أجل فلسطين في شوارع الرباط، وابتدع كذلك آلية جديدة للتضامن اللامشروط تتمثَّل في التضحية ب"نشر صوره الشخصية" في الشبكات التواصلية. ففي الوقت الذي كانت فيه الحناجر تَصدح وتُدوّي كالهدير الجارف، كان حسن بناجح يَختار (في المقابل) صوره الشخصية التي "يبرز" فيها كالعريس. وفي الوقت الذي كانت تتزاحم فيه الأكتاف والمناكب، في مسيرة التضامن، كان حسن بناجح يَتسلَّل وسط مُختلف المَشارب والمَسارب، يَبحث عن أحسن زاوية معزولة أو ركن قصي لالتقاط صوره الشخصية الصالحة للنشر. فبرَّاح جماعة العدل والإحسان خَرج من منزله ولسان حاله يَضُج بشعارات من قبيل "شوفوني وأنا أناضل"، و"أنا وكوفيَّتي المُقلَّدة في خدمة فلسطين". بل عندما اشتد الحماس بحسن بناجح، وطغى الحرّان على جمرة النضال، أخرج هاتفه المحمول من مضاربه، وانبرى يَبحث في قائمة الصور والفيديوهات على أفضل صورة تَصلُح كسلاح لمواجهة إسرائيل! فاهتدى إلى هذه الصورة المأمولة والمنشودة. إنها صورته الشخصية وهو مُتخلِّف في ذيل مسيرة الرباط، مُتوشحا كوفيته، ومُشذبا لحيته، ومُتوعدا إسرائيل بسبّابة النصر التي كان يتظاهر برفعها فوق أعناق المشاركين في المسيرة. ولمَّا فَطن حسن بناجح بأن نِضاله بهذه الصورة المُوغلة في الشخصنة، قد يَحتمل تَأويلات مَغلوطة ونتائج عكسية: من قبيل "أنا وحدي نضّوي البلاد"، سارع إلى تأثيث فضائه الفايسبوكي بصورة أخرى تَجمعه بولي نِعمته وشيخه فتح الله أرسلان. فحسن بناجح أراد أن يَقتسم غنيمة "تحرير" فلسطين مع فتح الله أرسلان، فظهر معه وهما يرفلان معا في هِندام مُرتب، مُزركش بكوفية ليس فيها من النِّضال سوى عَلم فلسطين. فالنِّضال من أجل فلسطين يَختزله حسن بناجح في صور فايسبوكية مُختارة بعناية. والتَّضامن مع الشعب الفلسطيني يُترجمه "برَّاح" العدل والإحسان في تدوينات افتراضية مَشفوعة بصوره الشخصية المُسرِفة في النَّرجسية. إنه النِّضال على مَقاس حسن بناجح! حيث لا يَصلح عَلم فلسطين إلا كصورة على وِشاح، وكعَلَم مَرسُوم على كوفية، تُستخدم فقط للتدفئة تحت مَوجات البَرد، وللرِّياء في التظاهرات، وللتبَجُّح في الصور والبروفايلات المَنشورة في الحسابات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي. الوسوم احتجاجات العدل والاحسان المغاربة تضامن غزة فلسطين