تنافست الصحف التي تدور في فلك النظام وعساكره في الجزائر من أمثال "الخبر" و"الشروق" و"ليكسبريسيون"، في نشر موضوع حول «مؤامرة ثلاثية في اسرائيل تحيكها المخابرات في المغرب وفرنسا واسرائيل!!! وحاولت هذه الصحف التي تتحدث باسم المتحكم في الدولة الشرقية ان تقنع قراءها، وهم الجزائريون بالتحديد أن هذه المؤامرة الثلاثية تستهدف اربع ولايات في الجزائر منها ولاية تيزي وزو(لقبايل) وولايتان في الشرق منها وهران ورابعة في الغرب هي بجاية. وقبل تفكيك السر وراء هذا التهافت، يبدو أن النظام يستشعر في قرارات نفسه أن هذه الولايات، والتي قاطعت بعضها مقاطعة شاملة كل الانتخابات التي أجريت لتجديد شرعية النظام، موشكة على التعبير العلني عن غضبها، وبدأ يستعد من الآن لإعداد الرأي العام في الداخل والخارج لمجازر قد يرتكبها عند اندلاع الاحتجاجات، كما اعتاد مع كل حراك اجتماعي أو سياسي.. وذريعته في ذلك أنها تعمل مع مخابرات أجنبية. وهو فيلم كلاسيكي بالنسبة للأنظمة التي تحمل في دمها جينات الستالينية وبقايا ال«كاجي بي»، التي اختفت حتى في تربتها الأصلية (روسيا).. ونعود لهلوسات النظام في الجزائر التي تجمع ما لا يجمع من خيالات سينما الجاسوسية : أولا: كان على النظام في الجزائر أن يشرح لرأيه العام كيف يمكن لمخبارات الدولة التي تحتضنه وتدفع به دفعا إلى معاداة المغرب، والتي اقتنت منه أسلحة بعشرات الملايير من الدولارات، والتي «باس» رئيسها رئيس النظام الجزائري في عناق سارت بذكره الركبان، كيف لهذه الدولة أن تتآمر على نظام يقود جيشه ودولته سعيد شنقريحة الذي اعتبر زيارة باريز فتحا مبينا، وكيف يتم ذلك وشهر العسل ما زال مستمرا، والجميع ينتظر الزيارة التاريخية لعبد المجيد تبون الى باريس في منتصف يونيو الجاري؟ ثانيا: ماذا سيصدق الجزائريون، هلوسات التآمر الثلاثي، أم الصور والزيارات والعناق والحب العمومي الذي اعتبرته نفس الصحف إلى عهد قريب، عنوان المرحلة بل هزيمة للمغرب أمام باريس؟ * ثالثا: لا تحتاج أي دولة إلى عمل المخابرات لكي ينتفض الجزائريون، بل إن النظام يخاف من أي شكل من أشكال الحرية وهو بذاته يصنع خميرة الفوضى التي ينسبها للآخرين. * رابعا: نحن لا نريد أن نتحدث في سلوك المخابرات الأخرى، ذلك شأنها وحساباتها مع قصر المرادية، ولكننا نعرف بأن الأجهزة المغربية لها ما تقوم به غير الحياة الداخلية لنظام عاجز، تربحه بلادنا في كل المعارك الذي يتحرك فيها ضد حقوقها. * خامسا: وهذا هو المهم، إن الأجهزة المغربية وفية لبلادها ولملكها وفاء لا يحصل في الانظمة المجاورة، التي تستعملها في القتل والإبادة كما حدث في الحرب الاهلية، ومن باب الوفاء الصادق لعاهل البلاد، فإن الاجهزة المغربية تعمل وفقا لما يقرره الملك، وهو أكد بوضوح في خطاب العرش 2021 ما يلي "أنا أؤكد هنا لأشقائنا في الجزائر، بأن الشر والمشاكل لن تأتيكم أبدا من المغرب، كما لن یأتیکم منه أي خطر أو تهديد؛ لأن ما يمسكم يمسنا، وما يصيبكم يضرنا". والعاهل المغربي الصادق، الذي اذا حدث صدق، يضيف :« نعتبر أن أمن الجزائر واستقرارها، وطمأنينة شعبها، من أمن المغرب واستقراره». والمغاربة ومعهم العقلاء في كل العالم يصدقون ملكا لبلاد عريقة، ومن سلالة علوية تدوم منذ اربعة قرون، ووارثا لشرعية دولة عمرها 12 قرنا، وليس زمرة من العسكريين، الذي يختارون من الكَتَبة ومن السياسيين من ينشرون هلوساتهم، وهم أول من يعرف بأن هذه السيناريوهات للاستهلاك الداخلي! * في الختام، لا نستبعد بأن هذا الهروب الهتشكوكي إلى الأمام هو مظهر من مظاهر الحرب الداخلية، التي يستعد فيه جزء من نظام العسكر للقضاء على جزء آخر، بتهمة المشاركة في «المؤامرة» الثلاثية.. وهكذا شأن ليس غريبا عمن يصدق بأن بلارجا خاض حرب التحرير وأن الجراد يأتمر بأوامر الرباط!!!