يبدو أن الصحافي الاسباني فرانسيسكوكاريون أصبح يترنّح، في الآونة الأخيرة، بين محاكاة ومضاهاة مواطنه اغناسيو سامبريرو في مهاجمة المغرب واستهداف مصالحه العليا. فمعظم المقالات الأخيرة التي دأب على نشرها صحافي جريدة "الإندبندنت"، إما أنها تعادي القضية الوطنية الأولى للمغرب، وتنتصر لأطروحة التشرذم والبلقنة والانفصال التي تتبناها الجزائر وصنيعتها البوليساريو، وإما أنها تمعن في استهداف شخصيات عمومية ومؤسسات وطنية مغربية. والمتتبع لمنشورات، أو بالأحرى "مقذوفات" الصحافي فرانسيسكو كاريون، المراسل السابق لجريدة إلموندو بمصر، يلاحظ كيف جعل هذا الأخير من قضية محمد زيان "أصلا تجاريا بنكهة إعلامية"، يزايد بها كل مرة على صورة المغرب، وينشر عبرها الأخبار الزائفة والاشاعات المغرضة في حق السلطات القضائية والمؤسسات العمومية المغربية. ففي آخر مقال نشرته جريدة "الإندبندنت" بقلم فرانسيسكو كاريون، يظهر بجلاء "شعبوية" بعض الصحافيين الأجانب الذين يقدمون أنفسهم على أنهم "خبراء في قضايا المغرب"، كما يبرز أيضا منسوب الجهل بشؤون المملكة المغربية ونسقها السياسي والاجتماعي. ولعل ما يؤكد هذا الطرح ويعززه هو عندما ادعى فرانسيسكو كاريون على لسان علي زيان "بأن والده محمد زيان يعد "الرجل السياسي الأكثر شعبية في المغرب"! واللافت أن لا الصحافي الاسباني ولا المحامي المغربي نشرا المعايير العلمية والدراسات الاجتماعية المنجزة لقياس "شعبية محمد زيان مقارنة مع باقي السياسيين المغاربة". لكن تعليقات رواد مواقع التواصل الاجتماعي التي تفاعلت مع هذا المقال، اختارت أن تجيب عن السؤال الذي استنكف الصحافي الاسباني عن استعراض جوابه. فقد شدد أحد المدونين في موقع فايسبوك "محمد زيان هو الرجل الأكثر (شعبوية)وليس (شعبية) في المغرب، وربما تداخلت المصطلحات على ابنه وعلى الصحافي الاسباني كاتب المقال". من جهته، تساءل أحد نشطاء الشبكات التواصلية بشكل استنكاري "هل السياسي الذي لم يحصد حزبه كاملا أي مقعد منذ تشريعيات 2007 يمكن اعتبارها الأكثر شعبية في المغرب؟ ". قبل أن يردف حديثه "هل الشعبية تقاس بمدى التمثيلية القاعدية داخل المجتمع، وبمستوى التغلغل الحزبي في الكتلة الانتخابية؟ أم أنها تقاس بعدد المصافحات وتبادل التحايا بالشارع العام كما ورد في مقال الصحافي الاسباني؟". وختم صاحب هذا التعليق كلامه "يكفي أن نراجع التصريحات الإعلامية لمحمد زيان في الفترة الأخيرة، وكيف طرده سكان تارجيست من ملتقى شعبي في الشارع العام، وكيف رفض معتقلو الريف أن يدافع عنهم أمام المحاكم، لندرك أننا أمام الرجل الأكثر (شعبوية) بالمغرب والذي تعوزه (الشعبية) المطلوبة في رجالات السياسة". ولم يكتف فرانسيسكو كاريون وعلي رضا زيان بنشر مساحيق الكذب من أجل "تبييض وغسل سمعة محمد زيان، وتسويد صورة المغرب"، بل انخرطا في نثر الاشاعات وتعميم الأخبار الزائفة لتضليل الرأي العام الاسباني قبل المغربي، على اعتبار أن غالبية المغاربة يعلمون جيدا حقيقة محمد زيان، ويدركون من يكون هذا الأخير. ومن جملة الأخبار المغلوطة التي نشرها فرانسيسكو كاريون هي عندما زعم، بكثير من السذاجة، أن اعتقال محمد زيان جاء على إثر نشره لحوار تجاسر فيه هذا الأخير على ملك البلاد وطالبه بالتنحي عن الملك لفائدة ولي العهد! وما يجهله، أو ربما يتجاهله عمدا هذا الصحافي الموالي للانفصال، هو أن اعتقال محمد زيان في شهر نوفمبر المنصرم جاء بعد الحكم الاستئنافي في التهم المنسوبة إليه، وهو ما يعني أن محاكمة محمد زيان كانت قد بدأت في المرحلة الابتدائية قبل أشهر من الحوار الذي أجراه مع محمد زيان في شهر أكتوبر الماضي. أكثر من ذلك، حاول الصحافي الاسباني تمرير أخبار مغلوطة ملفوفة ضمن عبارات فضفاضة تعتمل اللبس أكثر من الوضوح، في محاولة منه لجر القارئ إلى خلاصة موجهة مؤداها أن "محاكمة محمد زيان كانت سياسية وليست قانونية". ففي الكثير من ثنايا هذا المقال، كان يسرف فرانسيسكو كاريون في إطلاق أوصاف سياسية على محمد زيان، وكأن السياسي في نظره معصوم من جرائم الحق العام. أكثر من ذلك، تعمد الصحافي المذكور الاحجام عن الخوض في التهم الاحدى عشر الموجهة لمحمد زيان، بما فيها التحرش الجنسي ومساعدة شخص على الفرار من العدالة والهروب من المغرب بطريقة غير شرعية....الخ، واكتفى فقط باستعراض تهمة الإهانة لهيئات منظمة، في محاولة لتمييع النقاش وتضليل الرأي العام. ومن المزاعم المفضوحة أيضا، والتي تبقى غير قابلة للتصديق، هي التصريحات التي نشرها فرانسيسكو كاريون على لسان ابن محمد زيان والتي قال فيها "خلال أكثر من 15 سنة والنظام بأكمله يحاول إقصاء والدي من الساحة السياسية. فمحمد زيان هو رجل سياسي كامل". ولئن كانت من المكن تقبل وتفهم عبارات الإطراء والمديح الصادرة عن علي رضا زيان في حق والده، الذي يتوسم فيه الكمال، رغم أن الكمال هو للحق سبحانه، فإنه من العبثي والسريالي قبول الزعم القائل بأن السلطة هي من كانت تحاول إقصاء محمد زيان من الساحة السياسية، والدليل أن الرجل نفضه حزبه وتنكّر له خليفته بعدما توسموا فيه "انعدام الأهلية" لقيادة الحزب. فالدولة ليست بحاجة لإقصاء محمد زيان! ولمن يحتاج إلى دليل للاقتناع بهذه الخلاصة اليقينية، يكفي أن يراجع أشغال المؤتمر الاستثنائي الذي نظمه حزب "السبع" وانقلب فيه على محمد زيان، ويكفي أيضا أن يطالع طلبات الاستقالة التي تقدم بها مسؤولو الحزب على المستوى المحلي، وكيف أنهم أصبحوا ينظرون لمحمد زيان على أنه "رجل فاقد للأهلية ومتمسك مستميت بأمانة الحزب بعيدا عن قواعد الديموقراطية". ولمن هو بحاجة أكثر لمعرفة "منجزات محمد زيان الحزبية، فما عليه إلا أن يطالع تقرير الهيئات المغربية المكلفة بالمراقبة المالية، وكذا تقرير الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بالرباط المكلفة بالتدقيق والبحث في شكاية اختلاس محمد زيان لأموال الدعم العمومي! وقتها سيدرك القارئ، ومعه الصحافي الاسباني فرانسيسكو كاريون، بأن محمد زيان تطوق ذمته المالية اختلاسات كبيرة تناهز 160 مليون سنتيم مأخوذة من أموال الشعب التي يصرفها على الأحزاب في إطار الدعم الانتخابي". كثيرة هي المغالطات والمزاعم التي نشرتها الجريدة الاسبانية "الأندبندنت"، بقلم فرانسيسكو كاريون، لكنها لم تكن هي المغالطات الأولى التي ينشرها هذا الأخير ولن تكون هي الأخيرة في سجله، بالنظر إلى تخصصه في موالاة أطروحة الانفصال ومهاجمة المغرب. لكن تبقى المغالطة الأكثر صفاقة وسماجة هي الادعاء بأن محمد زيان هو السجين الأكبر سنا في العالم! وكأن المتهم التسعيني أو الثمانيني الذي يقتل أو يسرق أو يغتصب يفرج عنه في العالم بسبب سنه!!! ومن باب التوضيح، يجب أن يدرك فرانسيسكو كاريون ومعه كل من يروج لهذه المزاعم الكاذبة، بأن محمد زيان يعتبر صغيرا مقارنة مع شيوخ مساجين الولاياتالمتحدة الأمريكية! فزعيم مافيا نيويورك John Sonny Franzese ظل معتقلا بالسجن ولم يفرج عنه إلا بعد بلوغه قرنا من العمر (100 سنة) ليموت بعد ذلك في سن 103. كما أن برنارد مادوف توفي داخل السجن في سنة 2021 وعمره يناهز وقتها 82 سنة، بعدما كان يقضي عقوبة سالبة للحرية تناهز 150 سنة. وفي كندا،أدانت السلطات القضائية Roland Lachance في سنة 2022 بعقوبة خمس سنوات سجنا نافذا وعمره وقتها 90 سنة أي أكبر من محمد زيان بعقد من الزمن! وهل يعلم الصحافي الاسباني فرانسيسكو كاريون ما كانت تهمة المواطن الكندي المدان؟ لقد كانت هي التحرش وهتك العرض! أي تهمة مماثلة وقريبة من واحدة فقط من التهم المنسوبة لمحمد زيان. وحتى السجون الفرنسية تتوفر هي الأخرى على معتقلين أكبر سنا من محمد زيان، ولم يدفع أي واحد من الحقوقيين والصحافيين بعامل السن للإفراج عنهم وإسقاط التهم المنسوبة لهم. فقد سبق للقضاء الفرنسي أن أدان المحتال الشهير الملقب ب "Le papy escroc" بخمس سنوات سجنا وعمره وقتها 83 سنة، بعد مؤاخذته بالنصب على سيدات يتجاوزن سن محمد زيان بأكثر من عشر سنوات. ففي كل الدول، ينظر الناس ومعهم الصحافة لخطورة الجرائم المرتكبة، ويحترمون مقررات القضاء، ويكفلون حق الضحايا في طلب الإنصاف، لكن في قضية محمد زيان يتهافت الشعبويون وأدعياء الحقوقيين وأشباه الصحافيين على نشر الإشاعات والمغالطات لغسيل سمعة رجل كل رصيده أنه" تحرش بموكلاته، واختلس أموال الشعب، وساعد فارة من العدالة على الهجرة غير الشرعية بمساعدة مواطنين اسبان"..في وقت يحرص فيه المغرب على مساعدة إسبانيا للحد من تدفقات المهاجرين غير النظاميين.