اذا كان الدستور المغربي قد حظي بالشجاعة السياسية و الحكمة التعددية في المسألة الامازيغية، باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء، وشرع منذ 2011 في تنزيل القوانين التنظيمية، و مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكيفيات إدماجها في مجال التعليم، وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وذلك لكي تتمكن من القيام مستقبلا بوظيفتها، بصفتها لغة رسمية. لم يكن لدى المغاربة ملكا وشعبا ادنى حرج في تناولها على مستوى اسمى وثيقة منظمة للحياة السياسية في الدول ، حيث اعتبر المجتمع المغربي من خلال مؤسساته ان الامور في مجملها من باب الغنى و التنوع الثقافي، و تعدد الروافد الثقافية و الهوية الوطنية. بل ذهب مجمع اللغة العربية الأعلى بالسعودية بمنع إستعمال تسمية "البربر" التي تطلق خطأ على الأمازيغ، ونص على ذلك من خلال فتوى تحت رقم (765) يتعلق بالإجابة على السؤال الذي طرح عليه : هل الأمازيغية لغة أم لهجة؟ وانتصرت هذه الفتوى الى اللغة والاسم الامازيغ. وتقول في احد جوانب تحريرها: الأمازيغية هو الاسم التاريخي والصحيح للغة البربرية. ويُسمَّى المتحدثون بالأمازيغية: الأمازيغ. والأمازيغُ: هم القوم المسمَّى خطأ بالبربر. ويتأذَّى معظم الأمازيغ من تسميتهم بالبربر، وهو الاسم الذي أطلقه الرومان عليهم وورثه العرب، ويحبون أن يُدعوا: أمازيغ! وعليه فالواجب الشرعي يقتضي إهمال اسم (البربر) وعدم استعماله اقتداءً بما رواه الطبراني وأبو يعلى عن حنظلة – رضي الله عنه – (أن النبي – صلى الله عليه وسلم- كان يُعجِبُه أن يُدعَى الرجل بأحب أسمائه إليه وأحب كُناه). ويُطلَق اسم الأمازيغية أيضًا على اللغة المعيارية التي وضعَ أسسَها المعهدُ الملكي للثقافة الأمازيغية في الرباط، المغرب، حيث يجتهد العاملون فيه لتطوير لغة أمازيغية معيارية مكوَّنة من اللهجات الأمازيغية الخالصة وترجمة النصوص الدينية (ومنها القرآن الكريم) والأدبية إليها لخلق سجل خطابي أدبي فيها يُعمَّم على المدارس وفي وسائل الإعلام. وفي نفس السياق يقول المجمع : و حول العلاقة اللغوية بين اللغات الافروآسيوية. حيث يقول المرجع ان اللغة الأمازيغية تنتمي إلى أسرة اللغات (الحامية السامية/الأفروآسوية)". منقول من صفحة مجمع اللغة العربية. لقد أصبحت فكرة التهنئة بحلول السنة الأمازيغية لمن يعتقد بالحدث، طبعا نعرف الاختلاف حول التاريخ والاحداث، جزء من الحياة الاجتماعية والثقافية المغربية، فذلك من واقع الثقافة المغربية، بقي ان نشير اننا امام ثلاثة خيارات او مشاريع باختصار شديد كثيف : 1 خيار اعتبار الأمازيغية مشروع ثقافي و تراث انساني وطني و مكون ورافد من روافد الهوية المغربية، ولن يجد اي كان حساسية من هذا الخيار ، او شعور بالتفرقة او نزعة الى التقسيم ، بل هو القانون الطبيعي للحياة الاجتماعية والثقافية والعلمية، ولا يوجد سبب للخوف او التحذير ، او ما ينحو هذا المنحى، بل هناك أسماء علمية مرموقة امازيغية قدمت للعربية تطويرا وخدمة فاقت من يدعي العروبة والقومية ، ولسانها عربي مبين مع انها امازيغية الهوى والثقافة و القصة طويلة سواء على مستوى قائمة الأسماء او الاعمال 2 خيار سياسي حاد يسعى الى تأسيس لخطاب اقصائي ، بل الى مشروع طائفي ضيق الافق و سيئ الطموح ، وهو موجود ومحدود ويعتمد مدخلين: * مدخل اجتماعي عرقي جغرافي ومدخل إعادة كتابة التاريخ من خلال خلق احداث وقصص لتبني مشروعه، الذي ينظر لباقي المكونات انها مستعمرة للمغرب، حسب زعمها و اطروحتها، ولكن اكبر المقاومين لهذا التيار من الأمازيغ انفسهم ، وهنا نجد الصراع بين دعوة نصرة اللغة ضد دعوة لا سند لها وهي نصرة العرق، ولا اعتقد ان مغربيا عاقلا يتمتع بالحكمة وبعد النظر يساند هذه الدعوة، اي بناء مشروع تمييز عرقي تحت عباءة لغوية ثقافية، 3 الخيار الثالث، وهو تيار يرفع شعار تضخيم كل حدث متعلق بالأمازيغية، و يعتبرها فرصة للتخويف منها، و من زعماء هذا التيار بعض رموز السلفية او القومية العربية المتعصبة، وهو ايضا خيار لا مستقبل له، ويدفع في اتجاه التفتيت والتجزئة تحت عنوان الحرص على الوحدة وعدم التفرقة. و الخلاصة، نحن امام غنى وتنوع ثقافي، تحت سقف الدستور ، و الانتماء الوطني اكبر من خطاب التحريض او خطاب التجزئة.