لم يكن، حتى أكثر المتشائمين، يعتقد بأن علي لمرابط سوف ينتهي به المطاف شريدا في اسبانيا ولقيطا في الفايسبوك، يمتهن الدعاية والإشهار والبروباغندا السمجة لتيارات الإسلام السياسي، و"يجاهد" في تنظيف سمعة إرهابي في صفوف القاعدة، يدعى محمد حاجب المعروف باسمه الحركي (أبو عمر الألماني). البداية.. مع محمد حاجب انبرى علي لمرابط، منذ مدة غير يسيرة، يدافع بالجهل أو بالتجاهل عن الإرهابي محمد حاجب، مدعيا بأن هذا الأخير ليس مقاتلا في صفوف تنظيم القاعدة الإرهابي، وإنما هو "تبليغي"، في إشارة إلى أنه كان من أتباع حركة التبليغ والدعوة إلى الله! لكن ما يجهله على لمرابط هو أن حركة التبليغيين كانت تهاجر نحو أوروبا "لتبليغ رسالتها"، وليس العكس: أي مغادرة أوروبا لنشر الإسلام في باكستان وأفغانستان المسلمتين أصلا، كما زعم ذلك أبو عمر الألماني. وقد كان حريا بعلي لمرابط أن يتقصى مسار هجرة محمد حاجب نحو "الدار الآخرة" كما كان ينشد في سنة 2009 عندما وصل لمضافات الأذربدجان، لئلا يستدرر على نفسه كل هذه السخرية وهذا الكم الكبير من التهكم من قبل القراء ورواد الإعلام البديل. فالذي ينشر الدعوة من باب التبليغ والدعوة إلى الله لا يهاجر ثاني اثنين، كما فعل محمد حاجب، وإنما يهاجر مع الجماعة التي تنصب على شؤونها من تأتمر بأمره طيلة مسار الرحلة. و"التبليغي" لا يهاجر سرا عبر "مشهد" و"زاهدان" الإيرانيتان، ومدن CUETA و PANJGOUR و BANNU الباكستانية، وصولا إلى منطقة القبائل وزرستان وتحديدا مضافة المقاتلين الأذربدجان بضواحي "ميران شاه"، كما فعل محمد حاجب مسددا مبلغ 360 دولارا أمريكيا للمزورين والناقلين السريين، وإنما يهاجر في مسار مختلف وبطرق مشروعة وبوثائق سفر قانونية! وهنا نسائل علي لمرابط، الذي يتوهم في نفسه أنه الوحيد الماسك بناصية الصحافة المستقلة: لماذا لم تستفسر محمد حاجب، ما دمت تنافح عنه، عن مصير رفيقه في رحلة "الجهاد" وهو الألماني من أصل فلسطيني المدعو يوسف الذي خرج معه من ألمانيا في 21 يونيو 2009؟ ولماذا لم يأخذ محمد حاجب بنصيحة إبراهيم أبو سليمان الجزائري، الذي باعه سلاح الكلاشينكوف، وأفتى عليه بالرجوع لبلده بعدما عاين عليه علامات المرض بالملاريا والالتهاب الكبدي؟ لقد كان من المفروض في علي لمرابط، وهو الذي يقدم نفسه فقيها في الصحافة، أن يدرك بأن محمد حاجب لم يكن بالفعل "إرهابيا برتبة مقاتل"، وإنما كان "إرهابيا مكلفا بمهمة"، تتمثل في الإشراف على عنابر أرامل ونساء المقاتلين، وغسل ملابسهن الداخلية، وجلب مؤونتهن، وهي المهمة التي ادخرها له المقاتلين المصريون الذين كانوا هم أصحاب الحل والعقد في تنظيم القاعدة خلال "حكم" أيمن الظواهري! ولم يفهم الكثير من المتتبعين سر دفاع علي لمرابط عن أبي عمر الألماني؟ بسبب اختلاف المنطلقات العقدية والخلفيات الايديولوجية بينهما: فهل كان ذلك طمعا في جزء من سراب التعويض الذي ينتظر هذا الأخير الحصول عليه من ألمانيا؟ أم أنهما يشتركان معا في خدمة مأجورة واحدة، مؤدى عنها من الخارج، تتمثل في استهداف المغرب بسيل جارف من الأخبار الزائفة؟ غسيل "تبان وشرشفة" العدل والإحسان من يطالع تدوينة علي لمرابط حول قضية السفاح (بكسر السين) التي تورط فيها عضو جماعة العدل والإحسان بمكناس مؤخرا، يدرك جيدا بأن جنون هذا الأخير، الذي تحدث عنه الكثيرون من مجايليه وزملائه السابقين، لم يعد متقطعا وعلى فترات وإنما أصبح مطبقا ودائما. فقد ظهر علي لمرابط وكأنما يتولى "تنظيف تبان العدل والإحسان من الدنس ومن رائحة الجنس المحظور"! فالرجل ادعى بكثير من الشعبوية بأن هذه الجماعة لا تعترف ب"الخرافة"، ونسي بأن عقيدة الجماعة ومنهج مرشدها السابق تأسسا في الأصل على الخرافات والرؤى والمكرمات الغيبية! وحتى الرعيل الثاني من الجماعة حافظ على نفس الخرافات. ألم يقل محمد عبادي بأن وباء كورونا هو جند من جنود الله المسلطة على العباد المذنبين! حتى ابتلاهم الله أنفسهم بالوباء فقطعوا مع هذه التخاريف والخرافات. كما زعم علي لمرابط بأن جماعة العدل والإحسان لم تتورط قط في قضايا العنف السياسي والإرهاب الملتحف برداء الدين! وربما لم يدرس علي لمرابط في الجامعات المغربية خلال أواخر الثمانينات والتسعينات وبداية الألفية الثالثة، ليدرك كم ارتكب الفصيل الطلابي العدلاوي من "غزوات" في حق الفصائل المتنافرة؟ وربما تغافل على لمرابط أيضا عن العاهات التي تسبب فيها "براعم" العدل والإحسان في حروبهم الطاحنة مع الفصائل الأمازيغية والقاعديين وغيرهم. لكن المثير للضحك والسخرية معا، هي عندما اقتبس علي لمرابط مقطعا من كلام إيمانويل ماكرون عند حديثه عن الجزائر، لمّا قال بأن "الرئيس تبون يواجه نظام عسكري قاسي". فعلي لمرابط استعمل "مقص البلاجيا" وأسقط نفس التعبير الفرنسي/الجزائري على وضعية المغرب، مع تغيير بسيط يتمثل في استبدال النظام العسكري بالأمني! فالرجل غير قادر على الإبداع حتى في تدوينة تتكون من خمسة أسطر غير مكتملة. والطامة الكبرى، أن علي لمرابط قام بكل هذا الالتفاف اللغوي، وخاض كل هذه الحرب الهيتشكوكية، لينتهي في آخر المطاف إلى مهمته الجديدة هي "الدعاية والإشهار لتيارات لإسلام السياسي"! ويقول لنا بصوت الصحافي المهووس بالمخزن "لقد انطلقت بوابة العدل والإحسان"!!! فعلا لقد أوصد الجميع أبوابه في وجه علي لمرابط، ولم يتبق له سوى التمسح بأعتاب الإرهابي محمد حاجب، الذي فشل في النصب على ألمانيا وبيعها ربطة سواك بمليون ونصف مليون يورو، وكذا الانشغال بغسل "شرشفة" العدل والإحسان وتنظيف تبان أعضائها المهووسين بالمضاجع شبه العائلية، أُسوة بالبؤر المرضيه شبه العائلية.