في رسالة قوية إلى كاتب الدولة الأمريكي أنتوني بلينكين، حَثَّ 27 عضوًا ديمقراطيًا وجمهوريًا في الكونغريس، الإدارة الأمريكية على فرض عقوبات على الجزائر لمشاركتها في شراء أسلحة من روسيا، وهو نشاط يساعد في تمويل حرب بوتين على أوكرانيا. تُعتبَر روسيا "أكبر مُزود أسلحة للجزائر"؛ ومن المعلوم أن روسيا تعتمد على مبيعاتها من الأسلحة، إلى جانب النفط والغاز، لتمويل حرب مكلفة على أوكرانيا يعتبرها الغرب، بقيادة الولاياتالمتحدة، عدوانًا سافرًا على دولة مجاورة غير معادية. بلغت قيمة صفقات الأسلحة التي أبرمتها الجزائر مع روسيا على مدى العقدين الماضيين ما يناهز 10 مليارات دولار سنويًا أو أقل بقليل. ولا تُخْفي الجزائر دعمها لروسيا رغم امتناعها عن التصويت على قرارات الأممالمتحدة التي تدين العدوان الروسي على أوكرانيا. كما يُشتبه في أن الجزائر هي من قامت بتسهيل انتشار مجموعة فاغنر (المجموعة العسكرية الروسية الغامضة الأهداف التي لها صلات بجرائم الحرب والجيش الروسي، والتي تقوم بأعمال عسكرية قَذِرة للجيش الروسي في سوريا وليبيا) في مالي، والتعجيل بخروج القوات الفرنسية من هناك. بل إن هناك شائعات يتداولها الكثير في غرب إفريقيا مفادها أن الجزائر لها يد في الانقلاب الأخير في بوركينا فاسو، حيث تَمَّ في واغادوغو توجيه دعوات من طرف متظاهرين للمطالبة بالتدخل الروسي لمحاربة الإرهاب إسْوةً بما يُفترض أنه يحدث في مالي. في رسالتهم إلى كاتب الدولة بلينكن، قال أعضاء الكونجرس الأمريكي الموقعين على الرسالة المذكورة إنه "في العام الماضي وحده ، انتهت الجزائر من صفقة شراء أسلحة مع روسيا بلغت قيمتها الإجمالية أكثر من 7 مليارات دولار. في هذه الصفقة ، وافقت الجزائر على شراء طائرات مقاتلة روسية متقدمة، بما في ذلك سوخوي 57." هذا النوع من الأسلحة الهجومية لا يزيد سباق التسلح إلا تأججًا في المنطقة ، ويساعد أيضًا في تعزيز التكنولوجيا العسكرية لروسيا، وهي دولة أثبتت، في نظر الولاياتالمتحدة والحلفاء الغربيين الآخرين، أنها عدوانية تجاه دول مجاورة وغير مجاورة. القانون الأمريكي واضح في هذا الصدد. "في عام 2017 ، أقر الكونجرس قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات (CAATSA). ويوجه هذا التشريع رئيس الولاياتالمتحدة إلى فرض عقوبات على الأفراد الذين ينخرطون عن عمد في معاملة مهمة مع شخص يمثل جزءًا من أو يعمل لصالح أو نيابة عن قطاعي الدفاع أو الاستخبارات لحكومة الفدرالية الروسية". كتب الموقعون إلى الوزير بلينكن الذي فوض له الرئيس أمرَ تطبيق العقوبات، بالتنسيق مع وزير الخزينة. يأسف النواب الأمريكيون لعدم وجود عقوبات "تم وضعها من قبل وزارة الخارجية" على الرغم من أن صفقة الأسلحة الجزائرية الروسية تعتبر "صفقة مهمة" بموجب نص القانون المذكور. يبدو أن مصدر هذا السؤال هو قلق بالغ لدى الكونغرس ومجلس الشيوخ من صفقات الأسلحة الجزائرية مع روسيا. قبل أيام قليلة، دعا السناتور ماركو روبيو الوزير بلينكين إلى فرض عقوبات على المسؤولين في الجزائر الذين يبرمون صفقات أسلحة مع روسيا. وبما أن قانون مكافحة التعامل مع العسكر والمخابرات في روسيا يستهدف الأفراد، فلا يمكن فرض العقوبات على الجزائر كدولة ولكن على أفراد مثل جنرالات الجيش أو الوزراء المعنيين وكبار المسؤولين. يبدو أن المُشرِّعين الأمريكيين قلقون من أن صفقات الأسلحة الجزائرية مع روسيا تقوض الإرادة الأمريكية والغربية لخنق جهود روسيا لتمويل حربها ضد أوكرانيا. عائدات النفط الجزائرية آخذة في الارتفاع، وهي تستخدم في جزء كبير منها لدفع أموال لروسيا. ومن المحتمل أن الجزائر تغدق على حليفها التاريخي، روسيا، القروض والمساعدات المالية الكفيلة بتمويل المجهود الحربي. للجزائر روابط مع الولاياتالمتحدة وأوروبا ، خاصة كمُصَدِّر للنفط والغاز. لكني لا أعتقد أن الإدارة الأمريكية ستَغُضُّ الطَّرْفَ إذا قام "شريك اقتصادي" بتخريب جهوده لاحتواء روسيا وحماية المصالح الحيوية الأمريكية في أوروبا. لن تتوقف الجزائر أبدًا عن إمدادات الطاقة الأحفورية لأنها تحتاج إلى شركاء أمريكيين وغربيين لشراء النفط والاستثمار في صناعة النفط والغاز المتآكلة. من ناحية أخرى، فإن الأوليغارشية الحاكمة في الجزائر (خاصة الجيش) في حاجة ماسة إلى عائدات النفط للحد من الاضطرابات الاجتماعية والحفاظ على استمرار اقتصاد الريع، الذي يستفيد منه الجيش. علاوة على ذلك، فإن دور الجزائر في تسهيل الوجود الروسي في دول الساحل، مالي وبوركينا فاسو، لن يمر مرور الكرام من قِبَل الولاياتالمتحدة وحلفائها الأوروبيين. تحالف موسكووالجزائر الذي يهدف إلى اقتلاع الوجود الفرنسي في الصحراء الكبرى هو تهديد مباشر لمصالح الولاياتالمتحدة وجهودها المستمرة لتنسيق جهود التنمية ومكافحة الإرهاب في هذه المنطقة. تُعَدُّ فرنسا حليفًا للولايات المتحدة في منطقة الساحل، وقد قام كلاهما، جنبًا إلى جنب مع الدول الغربية الأخرى، بتجميع آليات التنسيق وتبادل المعلومات لتعزيز المساعي على الأرض للتعامل مع عوامل ومظاهر الإرهاب في المنطقة. إذا لم تكبح الولاياتالمتحدة توجه الجزائر للعمل كوكيل لروسيا في إفريقيا، فستكون هذه بداية نهاية الوجود الغربي في القارة، خاصة في وقت تعزز فيه الصين وتركيا وجودهما من خلال الاستثمارات والقروض، والمنح والمشاريع المشتركة. يجب على الإدارة الأمريكية أن تتحرك الآن قبل فوات الأوان.