يبدو أن جل تجاوزات واختلالات وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، البامي عبد اللطيف ميراوي، والتي سبق لموقع "برلمان.كوم" أن نبّه وتطرق إليها في العديد من المرات، قد أكدها الوزير نفسه في المذكرة التي وجهها إلى المفتش العام بالنيابة ورؤساء الجامعات ومديرة المركز الوطني للبحث العلمي والتقني ومدير المكتب الوطني للأعمال الجامعية الاجتماعية والثقافية والمدير بالنيابة للوكالة الوطنية لتقييم وضمان جودة التعليم العالي والبحث العلمي، بخصوص موضوع طلبات الاستفادة من التقاعد النسبي والاستقالة من المهام. واعترف الوزير في مذكرته التي توصل موقعنا بنسخة منها، أن وزارته توصلت في الآونة الأخيرة بالعديد من طلبات الاستفادة من التقاعد النسبي والاستقالة، تقدم بها بعض الأساتذة الباحثين والموظفين الإداريين والتقنيين العاملين بمختلف المصالح والمؤسسات الجامعية. وأقرّ الوزير ميراوي الذي أزكمت روائح فضائحه المتوالية منذ توليه مسؤولية تدبير حقيبة التعليم العالي أنوف العاملين بالقطاع، بأن وثيرة طلبات التقاعد النسبي والاستقالة قد عرفت ارتفاعا متزايدا في عهده، وأن جل الطلبات المقدمة مذيلة بموافقة الرؤساء التسلسليين والهياكل الجامعية المختصة، الأمر الذي أصبح يطرح إشكالا كبيرا. واعترف أيضا الوزير أن استجابة الوزارة لهذه الطلبات سيؤدي، لا محالة، إلى إحداث خصاص كبير في عدد الأساتذة والموظفين بالمصالح والمؤسسات الجامعية المعنية، وبالتالي سينعكس بشكل سلبي على نسبة التأطير البيداغوجي والإداري بها، كما أن احتمال لجوء المعنيين بالأمر للمحاكم الإدارية من أجل الطعن، في حالة رفض هذه الطلبات، يبقى واردا. ففي الوقت الذي نبّهنا فيه الوزير ميراوي للواقع المأساوي الذي يعرفه قطاع التعليم العالي بسبب سياسته والطريقة التي يدبره بها، فضّل مواجهة تنبيهاتنا باللامبالاة والاستهتار، ليجد اليوم نفسه أمام إشكال كبير وقف أمامه عاجزا عن إيجاد حل له بسبب محدوديته وضعف أدائه، بعدما دفعت سياسته بالعديد من الأساتذة العاملين في القطاع إلى الاستقالة والبحث عن مجال آخر للاشتغال بظروف أحسن عوض العمل تحت إمْرَتِه، الشيء الذي أصبح معه رحيله عن الوزارة أولوية كبرى ومطلب جل العاملين في القطاع. وتعليقا على هذه المذكرة، قال أحد الأساتذة العاملين بوزارة التعليم العالي، بأن ما ورد فيها حقيقة ونتيجة طبيعية للواقع الذي أضحى يعيشه قطاع التعليم العالي، والذي يعاني حاليا من وزير يسير في اتجاه تدمير كل شيء، إضافة إلى خلقه لمناخ غير صحي في الوزارة وفي الجامعات المغربية. وأضاف ذات المتحدث، أن الحل لا يكمن في منع الأساتذة من الاستقالة والرحيل، بل يكمن في مغادرة هذا الوزير ورحيله عن الوزارة، وهو الذي جعل الجميع يشمئز من نظام التعليم العالي بأكمله بطريقة لم نشاهدها في الماضي، مشيرا إلى أن الدرس الذي يمكن استخلاصه من تصرفات هذا الوزير غير الكفؤ والمثير للشفقة على حد تعبير ذات الأستاذ، هي أنه من السهل للغاية تدمير مؤسسة؛ فقط ضع شخصًا مسعورًا ونرجسيًا غير كفء على رأسها!.