.. اخيرا، وبعد مضي ازيد من 15 يوما من الاعتصام تحت الخيام وفي ظروف مناخية قاسية على مقربة من ولاية بني ملال ، دخلت السلطات الوصية في حوار مع بعض ممثلي سكان تسرافت ايت عبدي وتنكارف بلغ عددهم 14 من بينهم 4 نساء ، بقصد ايجاد الحلول المناسبة لمختلف المشاكل والمطالب العالقة التي تعاني منها هذه الفئة من المغرب المنسي بجهة تادلة ازيلال ، هذا اللقاء الذي تراسه السيد والي الجهة بمقر الولاية يوم الاثنين 9 مارس الجاري ، وحضره ترسانة من رؤساء المصالح الخارجية ورئيسي المجلسين الجهوي والاقليمي وبرلمانيين وبعض الفعاليات الحقوقية والحزبية والنقابية ومنابر اعلامية متنوعة تواكب الحدث لحظة بلحظة. " هذا المشكل – ويقصد الاعتصام – لم يكن يتطلب كل هذا الاجتماع بكامله لأنه كان ممكنا ان تحل هذه المشاكل بصفة سليمة" كانت هذه هي العبارة التي استهل بها السيد والي الجهة مداخلته الافتتاحية للاجتماع رغبة منه في امتصاص غضب الساكنة والحاضرين ، مذكرا ان الجهة برمتها دخلت ومنذ فترة في بناء وتشييد مشاريع تنموية كبرى ، سيتم بدء الاشغال فيها في الاشهر القليلة المقبلة من قبيل الطريق السيار والمطار الدولي وشبكة السكك الحديدية ومشاريع اخرى مرتبطة برفع العزلة عن المناطق القروية ، كما عبر ايضا عن تعاطفه الكبير مع معاناة هذه الساكنة مع الظروف المناخية والطبيعية والمعيشية الصعبة خاصة في المناطق الجبلية ودعا الى تظافر الجهود قصد رفع العزلة عنها . بعد ذلك وجه السيد محمد دردوري خطابه متحدثا بالامازيغية التي يجيدها، لممثلي الساكنة الحاضرين مبينا لهم ان اللقاء اقيم على شرفهم من اجل الاستماع الى مشاكلهم ومعاناتهم – وكأنه لا يعرفها- . وإثر ذلك تدخل امسالكي اسعيد الذي افصح للجميع منذ البداية انه سيتحدث اللغة الامازيغية بدل العربية حتى يسهل عليه التواصل مع الجميع اكثر ، ليطلق العنان لجملة من المشاكل التي يتخبط فيها اهالي المنطقة خاصة في فترات تساقط الثلوج التي سجلت ارتفاعات قياسية هذه السنة . استمع الجميع لمداخلات ممثلي الساكنة ؛ التي طبعتها العفوية والتلقائية والحسرة الشديدة على ما آلت اليه اوضاعهم ؛ بإنصات واهتمام كبيرين ممزوجين بقلق و اسف شديدين ، وقد تكلف السيد الوالي بنفسه بترجمة بعضا من كلامهم خاصة لرؤساء المصالح الخارجية ، هؤلاء الذين فرق عليهم السيد دردوري المداخلات تباعا ، بدء بمدير التجهيز الذي اجزم للحضور أن " الطريق الى تسرافت مبرمجة هذه السنة وانه سيتم الاشتغال فيها في الشهرين المقبلين على ابعد تقدير بمجرد ما تذوب كمية الثلوج الكبيرة " مذكرا ان "ذلك يحتاج لبعض الوقت وبعض الصبر"، اما مدير الاكاديمية الجهوية للتربية والتكوين فقد اقترح " ضرورة اعتماد طريقة مندمجة في العمل من خلال إنشاء مدرسة مندمجة جماعتيا ، بدون فرعيات وتستوعب اكثر من 400 او 500 تلميذ وتلميذة وتجهيزها بمختلف المرافق الاساسية" هذا المقترح الذي تم قبوله على مضض واستساغه جميع المسؤولين خاصة فيما يرتبط منه بضرورة خلق لجنة مشتركة لكل القطاعات تعهد اليها هذه المهمة. في حين اعرب مدير المكتب الوطني للكهرباء "عن انتهاء اشغال ربط الدواوير بشبكة الكهرباء ولا يبقى سوى ربطه من طرف السكان الى منازلهم " وإثر ذلك رد عليه احد سكان تسرافت الحاضرين بكل عفوية مؤكدا "ان هذه الشبكة استثنت مجموعة من الدواوير الاخرى المتضررة". ومن جهته اكد مدير اتصالات المغرب "ان اشغال ربط دواوير تسرافت وانركي وما جاورهما بشبكة التغطية الهاتفية بمختلف انواعها علاوة على الانترنت ستبدا في شهر ابريل المقبل". بعدها أكد السيد الوالي للحضور ،عن عزمه إيفاد لجنة مشتركة تضم مختلف المصالح لزيارة المناطق المتضررة لتشخيص الحاجيات والوقوف على الاشغال يوم الاثنين المقبل ، مذكرا انه سبق له ان زار بنفسه تنكارف مرتين وبوتفردة عشرين مرة وانه يعرف الوضعية هناك جيدا. اقتصرت المداخلات الاخرى على بعض المناضلين الحقوقيين المنتمين الى الجمعية المغربية لحقوق الانسان ومنتدى الحقيقة والانصاف كهيآت و اطراف مساندة لسكان تسرافت ايت عبدي وتنكارف في محنتهم ، وفي هذا الاطار ترافع المناضل والمعتقل السابق محمد بوكرين مبديا مجموعة من الملاحظات قائلا" انا ابن منطقة تيزي نسلي .. وهؤلاء الناس مضرورين ومظلومين ولا اعتقد ان احدا في هذا المجلس سينكر ذلك " مضيفا ان " هناك تهديدات من طرف بعض الناس والسلطات تنتظر هؤلاء المعتصمين عند رجوعهم لديارهم " و مخاطبا السيد الوالي قائلا " نطلب منكم ان تتدخلوا لرفع الحيف والظلم والقمع الذي يطالهم " ملتمسا منه ايضا انه " يجب ان تبقى ابوابكم مفتوحة في وجه المواطنين بعيدا عن الانتقاء الذي يمارسه بعض اعوانكم .." ومن جانب اخر ، اكد بعض الحقوقيين والنقابيين من جهتهم " ان هناك ملفات و مشاكل آنية يجب حلحلتها كإيصال المواد الغذائية الاساسية للساكنة وعلف للماشية في إطار قافلة جماعية " وفي هذا الاطار دعا احنصال ابراهيم من الجمعية المغربية لحقوق الانسان الى " ضرورة تعويض الساكنة عن البيوت المهدمة واعطائهم قروضا بدون فوائد لمساعدتهم على إعادة بنائها لمقاومة الثلوج" واسترسل حديثه قائلا" هناك بعض الحالات الصحية التي تستلزم التدخل السريع لانقاذها " والتمس ايضا من السيد الوالي " ضرورة مراقبة ومتابعة ومحاسبة الجميع من اجل تفعيل المشاريع الموعودة ". وكانت الكلمة الاخيرة عبارة عن كرة ثلج باردة ألقاها السيد رئيس جماعة بوتفردة على رؤوس كل الحاضرين ، حينما أكد على غياب اي حالة للوفاة في صفوف اهالي تسرافت ايت عبدي والمناطق المجارة لها " محملا مسؤولية هذا الاعتصام " لبعض الدوائر السياسية والنقابية ببني ملال وايضا تدخلات بعض المنتخبين من المعارضة بالمجلس القروي لجماعة تنكارف" وقد طالب المعتصمين بالالتحاق والعودة الى ديارهم وابنائهم الى حين إيفاد لجنة للتواصل مع الجميع ". وتجدر الاشارة هنا الى انه بعد ان اتم الرئيس عقي باسو مداخلته طالب احد ممثلي الساكنة الحاضرين بترجمة ما قاله السيد الرئيس لكنه لم يتم تلبية طلبه. اختتم اللقاء بدعوة السيد الوالي الكاتب العام للولاية وممثلي المعتصمين بالجلوس الى طاولة واحدة قصد وضع اللمسات والترتيبات الاخيرة المتعلقة بتنفيذ مختلف المطالب المعبر عنها . وتجدر الاشارة في الاخير الى ان جميع المعتصمين استفادوا من فحوصات مجانية وادوية ، مع منحهم كمية من المواد الغذائية ، وملابس واغطية من التي جاد عليهم بها بعض المحسنين، وتم ترحيلهم في المساء الى ديارهم في حافلتين اثنتين . كما نسجل ايضا الارتياح الذي ابداه الكثير ممن حاورناهم حول نتائج هذا الحوار ، إذ عبر المسمى عمر فاسكا قائلا" ما دمنا قد حصلنا على حقوقنا فهذا هو يوم عيدنا". نورالدين حنين / المراسل [email protected] إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل