نساء تاسرافت نايت عبدي المعتصمات لايعرفن أن هناك يوما عالمياللمرأة...! •لا علم لهن بمدونة الأسرة ولا أحكامها.ويجهلن تاريخ ولادتهن ،ومنهن نساء تربي أبناءها بعدما غادر الزوج بلا استئذان أو تزوج بلا إعلان،والنساء في تاسرافت يشتغلن مكان الرجال •لا يعرفن اسم زوجة الملك وإن كن يعرفن الملك الجديد من خلال ما تناهى لعلمهن بعد وفاة المرحوم الحسن الثاني وتقلد محمد السادس الحكم،بل لا يعرفن أن الملك متزوج أصلا •الزواج عندهن مرتبط بالمحصول الزراعي وأحكام المدونة تضحكهن من شدة غرابتها على الواقع وأقصى ما تتمناه الواحدة منهن ألا يضطر الزوج للفرار. بعيونهن الغائرات ،ونظراتهن الحافلة بصور الوداعة ،ومعالم الكدح التي ترتسم في أيديهن وأرجلهن،وتلك الحمرة النادرة التي تطفو على وجناتهم،يقبعن هنا في هذا المعتصم بعد فرار اضطراري من حصار الثلوج التي جعلتهن يطعمن أبناءهن حريرة الدقيق لمدة شهر ،يقضين الأسبوع الثاني من اعتصامهن ،ليصادفن حديثا عن يوم يحتفل فيه العالم بالمرأة. لا يعرفن شيئا اسمه الثامن من مارس ،بل لا يعلمن متى ولدن ،لا يعرفن زوجة الملك ولا نساء الحكومة والبرلمان،وأقصى ما تعلمه أن النساء هناك في تاسرافت قد يشتغلن مكان الرجال،وقد تضطر إحداهن لإكمال تربية الأبناء بعد أن يغدر الزوج بلا استئذان أو يتزوج بلا إعلان. يوجد بهذا المعتصم أزيد من مائة شخص من ساكنة تاسرافت نايت عبدي و تنكارف ،قرب مقر ولاية جهة تادلا أزيلال ببني ملال منذ يوم الإثنين 23 فبراير الفارط،منهم أربعون امرأة وأربع طفلات اثنتان منهن رضيعات.هؤلاء النسوة يخضن اعتصامهن من أجل انتزاع حقوقهن تحت خيمة من البلاستيك تكشف كل شيء في ظروف قاسية من شدة البرد والأمطار،لا يعرفن شيئا عن اليوم العالمي للمرأة ،الذي تستعد الجمعيات المغربية النسوية المدافعة عن حقوق المرأة للاحتفاء به على غرار زميلاتهن في العالم. نساء يتذكرن في مقابل رمزيات هذا الاحتفال أنهن يقضين يوما كاملا للبحث عن الحطب في غابة مغطاة بالبياض ،لا تصلها أقدامهن شبه الحافية إلا بمشقة النفس ،بعدما يقطعن كيلومترات متعثرة في الثلوج والأحجار التي تحول أرجلهن من نعومة مفترضة إلى خشونة تتفوق على أرجل الرجال،وبعدما يفلحن في جمع ماتيسر من حطب مفقود يحملنه على ظهورهن،يعدن لأكواخهن البدائية لتوفير بعض الدفئ في بيوت طينية مشيدة بالقش والتراب،تتسرب منها قطرات الماء فتتهاوى اتباعا. كان سؤالنا عن اليوم مطية لمعرفة ما تختزنه صدورهن من سنوات الغبن ولا يعرفن عن اليوم العالمي للمرأة الذي ستحتفي به المرأة يوم ثامن مارس شيئا،كان الجواب على لسان إيطو أودادي "لم يسبق لنا أن سمعنا عن هذا اليوم،فأنا لا أعرف كم عمري وبالأحرى اليوم العالمي للمرأة".تصمت قليلا ثم تضيف:"أنا أم لتسعة أبناء وزوجي كفيف وتكفله ابنتي التي تركتها بالبيت أثناء وجودي في المعتصم،وقد جئت لوحدي مع المعتصمين،والتحق بي ابني بعد علمه بوجودي هنا".نجاة كوهو شابة في التاسعة عشة من عمرها ،تحسبها في الثلاثين من شدة الجوع وضنك العيش"تعترف هي الأخرى بأنها لا تعلم بوجود يوم عالمي للمرأة"،وتقول موضحة "كيف لي أن أعرف أن هناك يوما عالميا للمرأة ،وأنا لم يسبق لي أن ولجت المدرسة،وهذه أول زيارة لي لبني ملال أقضيها في المعتصم،وجئت رفقة خالي وتركت والدتي كفيفة لوحدها أما أبي فقد تزوج وتركنا لحالنا". "فالدوار كله،تضيف نجاة،لا يتوفر على تلفاز ولاعلى مذياع لانعدام الكهرباء،ولا نعرف شيئا عن أقرب نقطة لنا،فبالأحرى أن نعرف مايجري في المغرب،فنحن منذ أن نستيقظ من النوم نقضي يومنا في البحث عن الحطب. نجاة التي كانت تروي بكل عفوية عن هول الخصاص الذي تعرفه قبيلتها قالت أنها"لا تعرف أن اسم ملك المغرب محمد السادس وصورته شاهدتها عندما زارت تاكلفت ،لكن لا تعرف إن كان متزوجا أم لا،ولا عرف زوجته واسمها". باقي المعتصمات لا يختلفن عنها فهن لا يعرفن نساء الحكومة ولا نساء البرلمان،ولم يسبق لأي جمعيات نسائية أو حقوقية مدافعة عن حقوق المرأة المغربية أن زارتهن،لأن الوضع بكل بساطة وأسف أشبه بحصار مسترسل. والحديث عن المدونة وسن الزواج بتاسرافت نايت عبدي يحيل على حجم التفاوت بين نساء المغرب تقول الشابة إن"الزواج يحصل عندما يكون هناك محصول زراعي،حيث تقام الأعراس حسب تقاليد المنطقة،وحاليا لا مجال للأعراس لأن الكل محاصر بالثلج،وتفكيرنا منصب فقط على القوت اليومي لهذه السنة". أما فاظمة نضيض فأكدت هي الأخرى أنها لا تعرف سنها وهي أم لثمانية أبناء والتحقت بالمعتصم رفقة المعتصمين فيما زوجها راع ببوعرفة تزوج هناك وتركها"،وقالت أنها"مريضة وعند قدومها للمعتصم ،تم نقلها يوم الثلاثاء لطبيب خاص وبعد الفحص بالأشعة ،تبين انتفاخ الجهة اليسرى من كليتها،حيث كشفت نتائج الفحص ،أن بداخلها حصى وأحالها على طبيب مختص". الصورة المظلمة التي تستنبط من مقارنة أوضاع النسوة المعتصمات ببني ملال مع استعداد العالم للاحتفال بالثامن من مارس، تذكر بهذا الغبن الذي تعيشه المداشر المترامية في تراب البلاد،وتذكرنا بأن هذه المرأة الوديعة الصابرة الولادة،تستحق أكثر من احتفال،لأنها الرابضة هناك في الأعالي تحرص كل شيء وتقبض على جمرة الانتماء لهذه الأرض الطيبة، تماما كطيبوبتها التي ترى في هذا اليوم، مناسبة ليتحقق حلم الطريق والكهرباء والمستشفى لكي يتفرجن على التلفاز لطرد كل هذا الإقصاء. الكبيرة ثعبان الأحداث المغربية السبت 7/الأحد 8 مارس2009 إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل