الساعة الآن تشير إلى الرابعة مساءا ' شاءت الأقدار أن أتواجد بالمحطة الطرقية الخاصة بحافلات النقل العمومي وسط المدينة .. لظروف قاهرة امتطيت الحافلة : autobus المتوجهة إلى أولاد عياد معتقدا أن رحلتي ستتكلل بالنجاح ... لكن الطامة الكبرى بدأت بوضع رجلي الأولى على ظهر هذه الدابة الميكانيكية ...كراسي مهشمة .. أوساخ متناثرة في كل مكان.. نوافذ مفتوحة على مصراعيها ..والمصيبة العظمى هي أن زجاج الباب المتحرك الأوسط مكسور عن آخره .. لا زالت الحافلة متوقفة في مكانها ...أرى بجانبي كل أطياف البشر .. نساء مرضعات .. شباب يتحرش بطالبات .. رجال من كل الأعمار ..أطفال صغار .. بدأت المساحات الفارغة في الحافلة تمتلأ لتقل معها نسبة الأوكسيجين .. كل المقاعد الآن محجوزة ..هممت في نفسي بأن السائق سيمتطي عربته المجنونة .. لكن أين هو ؟؟؟ الوقت يمر و الركاب يزدادون .. عدد الواقفين الآن يعادل تقريبا عدد الجالسين .. لم أكد أصدق ما يجري حولي ... امرأة في زهرة العمر تقترب مني حاملة رضيعها بين يديها تتوسل و تبحث عن متطوع ليعيرها كرسيه لكن هيهات هيهات ... لا حياة على من تنادي المسكينة .. بعد انتظار طويل صعد السائق مقصورة القيادة .. آنذاك تنفست الصعداء وقلت في نفسي على بركة الله ..باسم الله مرساها و مجراها .. وأخيرا ستتحرك هذه المصيبة .. لكن أمنيتي تبخرت أدراج الرياح ...ماذا يجري هنالك ..؟؟؟ السائق الذي انتظرناه طويلا و اشتقنا لرؤيته جلس في مكانه و أخرج دفاتر التذاكر وبدأ عملية جمع و استخلاص تذاكر الرحلة ... يا للمصيبة ... السائق نفسه هو من يتولى بهذه المهمة وهو جالس في مكانه ..وعلى كل الركاب أن يذهبوا عنده لتأدية واجب تذاكرهم ... تصوروا معي هذه الفوضى ...وكيف لمرضع تحمل رضيعها بين يديها أن تصل عند السائق في حالة إذا لم تجد من ينوب عنها ؟؟؟ .. لكي لا أنسى ..هذه الحافلات لا تخضع إلى أي توقيت .. معيار انطلاقتها و خروجها من المحطة هو امتلاؤها عن آخرها بالركاب ..فلا يهم الوقت عند هؤلاء البشر ...همهم الوحيد هو الربح كيفما كان الأمر وبأي ثمن .. هذا هو الإستثمار و إلا فلا .. انطلقت الحافلة من بني ملال في طريقها إلى أولاد عياد بني موسى .. الرياح تهب من كل النوافذ المهشمة و المفتوحة على مصراعيها ... زجاج الباب الأوسط مكسر عن آخره وشظاياه تتناثر بالداخل ...إمرأة في الستينات من عمرها بدأت تسعل بدون توقف جراء البرد الذي يتسلل من النوافذ ' أخبرتني المسكينة بأنها تعاني من الحساسية .. أما أنا و لحسن حظي احتميت بالجريدة التي كانت بين يدي مخافة أن أتعرض لنكسة برد .. الحافلة مملوءة عن آخرها إلى درجة أنك لا تستطيع أن تنظر إلى خلفك ..ورغم ذلك بقي السائق مصرا أن يتوقف في كل محطة يمر منها لتشطيب الطريق و لحصد أكبر عدد ممكن من الركاب ضاربا عرض الحائط كل شروط السلامة الطرقية ... أما الصور المرفقة مع هذا التقرير فهي لم تؤخذ إلا بعد نزول عدد لا بأس به من الركاب بالكرازة .. الأسئلة التي حيرتني ودفعتني لكتابة هذا التحقيق هي كالتالي : · هل هذه الحافلات تخضع للمراقبة الطرقية ؟؟ · ما هو عدد الركاب المسموح به لهذه الحافلات و عدد المستفيدين منهم من التأمين ؟؟؟ · ما هي الجهات المتواطئة مع هذه الفوضى و التسيب في استعمال الرخص الخاصة بالنقل الحضري و القروي على حساب الفئات المستضعفة و المغلوبة على أمرها .؟؟؟ وخاصة أن هذه الحافلات تربط بين ثلاث عمالات من الجهة : خط بني ملال أولاد عياد بني موسى . خط بني ملال أفورار .خط بني ملال بني عياط التابع لإقليم أزيلال . خط بني ملال سوق السبت .. · أين نحن من مدونة السير الجديدة ونحن لا زلنا نرى حافلة للنقل العمومي تقل على مثنها أزيد من 60 راكبا و تسير بلا نوافذ و أبواب مفتوحة ..؟؟؟ ندعو الله صادقين من هذا المنبر أن تتدخل السلطات الأمنية و الجهات المعنية للحد من هذه الفوضى التي يعيشها هذا القطاع الخاص بالحافلات لحماية الركاب و الدفاع على مصالحهم .