خيرة من ساكنة دوار تيغولا بآيت امحمد،تبلغ من العمر 27 سنة متزوجة وأم لطفلين ،كانت تحلم بمولود جديد يملأ البيت بصراخ مدو ،تحمله بين ذراعيها وترضعه من ثدييها،لكن حلم خيرة لم يتحقق كاملا فقد فارقت الحياة قبل أن ترى فلذة كبدها وتضمه لصدرها ،ودعت هذه الأم الدنيا إلى جوار ربها ،نعم إنه قضاء وقدر والموت علينا حق،لكن للبشر مسؤولية وتدخل في مصائر الناس،فالإهمال وعدم العناية كانا بعد قضاء الله سببا في وفاة "خيرة"،فتتبعوا معنا القصة كاملة برواية مرافقتها. زوال يوم الثلاثاء 03 من الشهر الجاري بدأ المخاض وبدأت معه آلام ومعاناة "خيرة"التي نقلها زوجها إلى مركز آيت امحمد ،حيث مكثت فيه زهاء أربع ساعات تحت مراقبة الطبيب لعلها تلد طبيعيا وتتجنب التنقل إلى أزيلال كأبعد نقطة ممكن أن تصل إليها،لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن،تنقل "خيرة" إلى المستشفى الإقليمي بأزيلال آملة أن تجد الطبيب الوحيد المختص في أمراض النساء والتوليد،لكن ما كل شيء يتمناه المرء يدركه ،فالطبيب أنهى مداومته وخرج في الرابعة مساء ،لتبقى الممرضة التي أعطتها حقنة من أجل إنعاشها ،وطلبت من الزوج نقل الزوجة إلى بني ملال على وجه السرعة لخطورة حالتها،غابت سيارات الإسعاف التابعة للمستشفى وجاءت سيارة الإسعاف التابعة للهلال الأحمر المغربي لتنقذ الموقف وتنقل "خيرة " إلى أرض غير أرضها ،أرض ستفارق عليها الحياة،وصلت السيارة والزوج مسكين مصدوم من كل ما يجري لا يدري ما يدور حوله ،يعتقد أن الأطباء سيهرعون لإنقاذ زوجته ،أعطوه غطاء وطلبوا منه الانتظار خارجا ربما بلغة يكاد يفهمها،بات الليل كله في العراء ينتظر ان يخرج أحد ويقول له "على سلامتك مراتك ،ولدات"،لكن هيهات هيهات ،هذا في أوربا وليس المغرب،دخل الزوج في الصباح ليطمئن على زوجتها ليجدها تكاد تحرك شفتيها،يحاول معرفة ماذا وقع لها، فتجيبه إحداهن "راها باتت الليل كله فوق الضس"،لم يتفقدها لا الطبيب ولا الممرضات،لتبقى على حالها إلى مساء ذاك اليوم ،لتفاجئه الممرضة عليك بنقل زوجتك إلى البيضاء،ذهل الرجل ،الدارالبيضاء ؟؟؟ استعطف المدير فتغيرت الوجهة إلى مراكش،حملوا السيدة في سيارة الإسعاف (سائق السيارة طلب 400 درهم)،ليعيدوها في الحين إلى غرفة العمليات ،اجروا لها عملية قيصرية ؟،انقذ المولود الذي لم يره أبوه إلا صبيحة السبت ،أعطوه إياه كله دماء ،دون ملابس،خرج به يسترضعه دون جدوى حتى تداركته زوجة عمة التي قدمت من زاوية الشيخ،نعود إلى "خيرة"فقد بقيت المسكينة في العناية المركزة من مساء الأربعاء إلى صبيحة السبت ،لتفارق الحياة وتسلم الروح إلى بارئها،نقل الجثمان ودفنت "خيرة " رحمها الله بمسقط رأسها ،وانطلق مشوار الزوج مع حياة أخرى ،مع مولود جديد يحتاج إلى رعاية أم ،زوج يتساءل :كيف سيوفق بين العمل والعناية بهذا الرضيع؟. انتهت رحلة "خيرة "وبقيت أسئلة عديدة تحتاج لأجوبة شافية ،إلى متى سيبقى مستشفى إقليم أزيلال بطبيب واحد مختص في التوليد؟،ألم يكفيك ياوزيرة "قلة الصحة" هذا العدد الهائل من الوفيات؟أليس من حق نساء أزيلال النعيم بولادة في مستشفى الإقليم عوض التبهديل؟إلى متى ستبقى التبعية إلى بني ملال ؟هل يجب أن تفكر نساء أزيلال في مكان الولادة قبل التفكير في الحمل؟أين أنتم يابرلمانيو أزيلال من معاناة المرأة بالجبل؟هل نراكم فقط في الحملة وتتوارون بعدها عن الأنظار؟هل المرأة دورها عندكم هو" الدوران" في الحملة؟ خبتم وخاب سعيكم أيها الإنتهازيون.