يعتبر الجنوب الشرقي مشتلا للعديد من الكفاءات التي تشتغل في مجالات مختلفة، كالصحافة والإعلام والطب والهندسة والتعليم العالي…داخل وخارج أرض الوطن، ومن هذه الطاقات؛ رشيد الناصري ابن تنغير الذي أعجب به الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، وصنفته مجلة تيل كيل في أحد أعدادها ضمن قادة التغيير الشباب في المغرب، إلى جانب اللاعب الدولي أشرف حكيمي. فما قصته؟ الولادة والدراسة ولد رشيد الناصري بمركز تنغيرذات أكتوبر من 1992، وفيها تلقى تعليمه الأولي ثم الابتدائي بمدرسة المختار السوسي،حيث يقول رشيد عن هذه المرحلة بمزاحه وتواضعه المعهود؛ "كنت تلميذا كسولا، لقد كررت السنة الأولى مرتين, حصلت في الأولى على معدل 1,5 على عشرة وفي المرة الثانية تحسن مستواي كثيرا فارتفعت النقطة المحصل عليها إلى1,75، ولم أفلح في الانتقال إلى السنة الثانية حتى المرة الثالثة بمعدل 7 على عشرة، لقد كنت كأغلب أقراني لا أفهم شيئا مما كان يقوله المعلم بالعربية، إلى درجة أننا لم نكن نستطيع حتى التعبير عن رغبتنا في قضاء حاجتنا، كنا نقضي معظم أوقات فراغنا في جمع الأحذية البلاستيكية المستعملة وأسلاك النحاس لبيعها مقابل دراهم معدودة". بعد حصوله على الشهادة الابتدائية من مدرسة المختار السوسي، تابع الناصري دراسته الإعدادية في ثانوية زايد أوحماد، التي انتقل منها صوب الثانوية التأهيلية التقنية بورزازات لاستكمال دراسته الثانوية، حيث حصل منها على البكالوريا في شعبة تقنيات وعلوم الكهرباء سنة 2013. بعد حصوله على البكالوريا، غادر رشيد نحو مدينة سلا لإتمام مشواره الدراسي في معهد للتقنيين المتخصصين في التأهيل القروي والإليكتروميكانيك، حاز منه بعد سنتين من التحصيل على دبلوم تقني متخصص. حاول رشيد في العديد من المرات التسجيل في الإجازة وفي سلك المهندسين، ولكن كل محاولاته باءت بالفشل، "لقد اجتزت أكثر من 16 مباراة لولوج سلك المهندسين في مختلف الجامعات المغربية، لكن دون نتيجة تذكر"، يعلق رشيد الناصري عن محاولاته الكثيرة لولوج عالم الهندسة. التكوين عن بعد..خيار للتنافس في مجال الشغل رشيد مثال للإصرار والتحدي، فرغم محاولاته المتكررة واليائسة، إلا أن عزيمته لم تفتر يوما، لا بل إن الفشل في التسجيل في الإجازة وفي سلك المهندسين كان سببا في نجاحه، إذ حفزه عدم تمكنه من متابعة الدراسة حضوريا، على الشروع في التكوين الذاتي عن بعد بتلقي دروس مؤدى عنها من مواقع إليكترونية تابعة لجامعات أجنبية. استمر الناصري في التعلم عن بعد لأزيد من سنة في مجال الطاقات المتجددة والتغيرات المناخية والنجاعة الطاقية، وكانت هذه الدروس التي تلقاها عن بعد هي ما ساعده كثيرا في مساره المهني فيما بعد. يقول رشيد عن هذه المرحلة؛ "كان خيارا شخصيا عندما قررت الخروج عن المألوف، عن التعليم التقليدي، لقد كنت أبحث عن التميز من أجل التنافس في ميدان الشغل، إذ لم أكن أرى أنه من الضروري وفقط متابعة الدراسة حضوريا لتحقيق الأهداف، في وقت هناك بديل أنجع وهو التكوين عن بعد". من "المساجد الخضراء" كانت الانطلاقة في 2016 وقبيل انعقاد قمة المناخ COP22 بمراكش، نودي على رشيد الناصري وشباب آخرين للمشاركة في تكوين يندرج ضمن مشروع "المساجد الخضراء Green Mosques"، برعاية مؤسسة التعاون الدولي الألماني المعروفة اختصارا باسم GIZ، وكان هدف هذا المشروع هو اقتصاد فاتورة الكهرباء المستعملة في العديد من مساجد المملكة، سواء فيما يتعلق بالإنارة أو بتسخين الماء، وذلك باستعمال الألواح الشمسية ومصابيحLEDالاقتصادية. كانت المشاركة في هذا التكوين أول تجربة لرشيد في مجال الطاقات المتجددة، تجربة وبارقة أمل فتحت له آفاقا مستقبلية واسعة، إذ مكنته من الانضمام إلى مؤسسة التعاون الألماني للتنمية GIZ في البداية كمستشار، ومن هناك كانت الانطلاقة. عندما كادت قصيدة شعرية أن تدفع رشيد إلى الهرب في النمسا بمناسبة قمة المناخ COP22 بمراكش، أعلنت شركة نمساوية عن تنظيم مسابقة في الشعر البيئي، ولأن رشيد مولع بكتابة الشعر الأمازيغي، حيث كان فاعلا جمعويا في عدة جمعيات تعنى بالثقافة الأمازيغية، إلى جانب نشاطه في مجموعة تاواركيت الموسيقية التي كتب لها عدة أغاني، فإنه لم يدع الفرصة تمر دون أن يسجل مشاركته في هذه المسابقة بقصيدة أمازيغية لأحد أصدقائه كتبها عن المعاناة التي يواجهها سكان قرى الجنوب الشرقي للولوج إلى مصادر الماء، ولأن الشركة المنظمة لم تدرج الأمازيغية ضمن اللغات التي يمكن المشاركة بها، فقد ترجمها الناصري إلى الفرنسية. كانت جائزة المسابقة عبارة عن إقامة حفلة داخل ردهات مؤتمر المناخ على شرف الفائزين وتسليمهم شواهد تقديرية، فضلا عن رحلة إلى النمسا لمدة عشرة أيام. نالت قصيدة رشيد إعجاب اللجنة المنظمة بحضور سفير النمسا في المغرب، فجاء اسمه ضمن قائمة الفائزين، ليسرع لإعداد جواز السفر، ولم يكن في حسابه البنكي درهم واحد. "قصدت النمسا التي قضيت في عاصمتها فيينا عشرة أيام، كانت رحلة لن تنسى، فهي أول سفر لي خارج أرض الوطن"، يقول رشيد متحدثا عن سفره إلى النمسا، ليردف ضاحكا؛ "لقد راودتني فكرة الفراروعدم العودة إلى المغرب مجددا عندما كنت في فيينا، ولكن لحسن حظي أني لم أنفذ فكرتي الجهنميةتلك، وإلا لبقيت إلى اليوم مهاجرا سريا يتسكع في شوارع فيينا". الانضمام إلى مؤسسة باراك أوباما ولقاؤه عن بعد. بعد سلسلة من التكوينات والمبادرات الجمعوية المتعلقة بالبيئة امتدت من 2015 إلى 2021 في المغرب وفرنسا وألمانيا وبلجيكا وتونس والولاياتالمتحدة وإنجلترا، رعاها الاتحاد الأوربي ومؤسسة أوباما الخيرية ومؤسسة التعاون الألماني، راكم الناصري تجربة كبيرة في مجال المناخ والبيئة مكنته من الالتحاق بمؤسسة التعاون الألماني سنة 2018 هذه المرة كموظف وليس مجرد مستشار، لينجح بعدها في ولوج سفارة بريطانيا في المغرب التي يعمل فيها حاليا مسؤولا عن سياسة التغيرات المناخية. هذا المسار التكويني والمهني الطويل، مكنا رشيد سنة 2019 من الانضمام إلى مؤسسة أوباما الخيرية عبر برنامج Obama LeadersAfrica Program"برنامج أوباما لقادة إفريقيا"، هذا البرنامج الذي يستهدف تكوين القادة الشباب في إفريقيا في مجالات قيادة التغيير والمناخ والبيئة والتنمية، حيث نجح في انتزاع العضوية من بين 23 ألف شاب إفريقي قدموا طلبات الدخول إلى مؤسسة أوباما، اختير منهم 200 شابا وشابة عبر كل إفريقيا، منهم مغربيان وهما رشيد الناصري وثريا بنلفقيهاللذان مثلا المغرب في جوهانسبورغ الجنوب إفريقية في أيام تكوينية دامت لستة أيام وكانت فرصة للقاء الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما عن بعد عبر تقنية Zoom. مؤتمر المناخ COP26 بكلاسكو ولقاء باراك أوباما وجها لوجه. شهدت كلاسكو الاسكتلاندية في نونبر الماضي(2021) أشغال قمة المناخ COP26، حيث كان رشيد الناصري هو المكلف تقريبا بتدبير وتنسيق المشاركة المغربية وكل المبادرات المغربية في هذه القمة العالمية التي شكلت فرصة له للقاء باراك أوباما وجها لوجه. هذا اللقاء الذي اعتبره رشيد مفاجأة كبرى وحدثا عظيما سيبقى موشوما في ذاكرته، يقول عنه؛ "أياما قبل هذا المؤتمر العالمي حول المناخ ، راجت أخبار بأن السيد أوباما سيكون من الحاضرين، بعدها بثلاثة أيام توصلت برسالة إليكترونية عبارة عن دعوة للمشاركة في مائدة مستديرة سيحضرها أوباما ومجموعة من الشباب المنحدرين من بلدان مختلفة والمنتمين إلى مؤسسته الخيرية". كانت المائدة المستديرة التي حضرها أوباما وسيرها مستشاره Ben Rhodes حول التغيرات المناخية، وهدفت إلى الاستماع إلى آراء شباب من بلدانشتى حول ما يشهده العالم من تغيرات مناخية، " تناولت الكلمة لدقيقتين قدمت فيهما نفسي وأعطيت رأيي في تلك الجلسة التي دامت لساعتين، لقد كانت تجربة فريدة ومفاجأة عظمية حين وجدت نفسي أنا القادم من المغرب العميق جنبا إلى جنب مع رئيس أسبق لدولة عظمى هي الولاياتالمتحدةالأمريكية، لم أصدق نفسي كما لم أكن أنا من اختار الجلوس بجانبه، بل فريقه هو من وضع اسمي على المقعد الذي بمحاذاته"، يتابع رشيد متحدثا عن هذا الاجتماع. تدوينة لأوباما تشيد برشيد الناصري شخصيا. أثناء مشاركته في قمة COP26 بكلاسكو، لم يخف أوباما إعجابه برشيد الناصري شخصيا، إعجاب ترجمه إلى تدوينة نشرها على حسابه في موقعي تويتر وفايسبوك مصحوبة بصورة له جنبا إلى جنب مع رشيد جاء فيها؛ " يلهمني دائما القادة الشباب مثل رشيد الناصري، الذي يساعد الكثير من الناس في المغرب على المشاركة في محاربة التغيرات المناخية". رشيد الناصري مع أشرف حكيمي ضمن قادة التغيير بالمغرب. رشيد الناصري الذي أجرت معه مواقع وجرائد دولية ووطنية، عدت حوارات، صنفته مجلة تيل كيل الناطقة بالفرنسيةفي عددها 961في مقال لها بعنوان: " Ces moins de 40 ans qui changeront LE MAROC"،ضمن قادة التغيير الشباب بالمغرب الذين تقل أعمارهم عن أربعين سنة جنبا إلى جنب مع اللاعب الدولي أشرف حكيمي، لاعب باريس سان جيرمان الفرنسي وآخرين.