بمشاركة أزيد من 100 طالب وطالبة من مغاربة العالم، انطلقت صباح اليوم الأربعاء 10 أبريل الجاري فعاليات الدورة الثانية للجامعة الربيعية تحت شعار: “المغرب المتعدد، أرض العيش المشترك” بجماعة فم الجمعة التابعة ترابيا لإقليمأزيلال، والذي تنظّمهُ الوزارة المنتدبة لدى وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، بشراكة مع مجلس جهة بني ملالخنيفرة، وجامعة السلطان مولاي سليمان. ويندرج برنامج الدورة الثانية من الجامعة الربيعية في إطار “تفعيل إستراتيجية الوزارة الموجهة إلى فائدة المغاربة المقيمين بالخارج، والرامية إلى تقوية روابطهم ببلدهم المغرب”. و”تنبني هذه الإستراتيجية على ثلاثة محاور أساسية، تتمثل في المحافظة على الهوية المغربية لمغاربة العالم، وحماية حقوقهم ومصالحهم، وتعزيز مساهمتهم في تنمية بلدهم المغرب”. حيث عملت الوزارة “على بلورة عرض ثقافي جديد ومتنوع يواكب احتياجات مغارة العالم ويراعي مختلف خصوصياتهم وتطلعاتهم، والذي تمت ترجمته إلى العديد من الأنشطة والبرامج التي يتم تنفيذها داخل المغرب وبلدان الاستقبال”. وسيستفيد خلال هذه النسخة الثانية من الجامعة الربيعية، والتي ستمتد أشغالها إلى غاية يوم الأحد المقبل 14 أبريل 2019، عدد من الشباب المغاربة المقيمين بمختلف قارات العالم بالإضافة إلى طلبة من جامعة السلطان مولاي سليمان، المتراوحة أعمارهم ما بين 18 و25 سنة، من ندوات وورشات يؤطرها عدد من الأساتذة والمتخصصين، سيتناولون خلالها المواضيع التالية: “المغرب المتعدد، أرضا التعايش”، “المغرب أرض الثقافات، أرض للتعايش”، و”التراث اللامادي بالمغرب”، “الوحدة الترابية للمملكة”، و”الثقافة المغربية، تعدد وتعايش”. وفِي هذا الصدد، أكد عبد الكريم بنعتيق، الوزير المنتدب لدى وزير الخارجية والتعاون الدولي المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، أن “اختيار منطقة فم الجمعة لاحتضان أشغال هذه الدورة لم يكن اعتباطيا، وإنما لأنها كانت حصنا منيعا ونموذجا للتعايش بين كافة المغاربة”، موضحا أن دورة هذه السنة تتزامن مع الزيارة الاستثنائية والتاريخية التي قام بها البابا فرنسيس بدعوة كريمة من الملك محمد السادس، والتي “تحمل دلالات نموذجية وبينت المغرب كمؤسسة ملكية وإمارة المؤمنين أرضا للتعايش والتسامح وسيبقى دائما بلد التعدد والعيش المشترك”. وأضاف بنعتيق في كلمته الافتتاحية أن “العالم يجتاز مرحلة عصيبة بشأن القضايا المتعلقة بالهجرة، مبرزا أن “جلالة الملك كان سباقا دائما إلى التأكيد على القيم الإنسانية المشتركة، حيث يشكل نداء القدس نداء استثنائيا في لحظة صعبة وجواب رائع لسؤال صعب أحدث رجة إيجابية في العالم بأسره”. وأوضح المسؤول الحكومي أن وزارته “عملت على مقاربة تعتمد على مرتكزات أساسية؛ من بينها الاهتمام بالجالية المقيمة في الخارج خاصة الجيل الصاعد، وذلك من خلال إطلاق تجربة الجامعات التي انطلقت سنة 2009، وكانت آنذاك جامعة تطوان أول جامعة خاصة بمغاربة العالم.. ومع تدفق مزيد من الشباب على أشغال الجامعة وفِي ظل محدودية الطاقة الاستيعابية لهذه الجامعة، عملت الوزارة على تكثيف أشغال الجامعة، لكي يبقى شبابنا في اتصال دائم مع كل المرجعيات الثقافية والدينية بخصوصيات مغربية معتدلة، وكذا التعرف على كل المجهودات التي يقوم بها المغرب سواء على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي”. وشدد بنعتيق في ذات الكلمة على أن “مغاربة العالم يمثلون رأس مال مهم قادر على تقديم مجموعة من الأجوبة للتحديات المستقبلية، ومحور إستراتيجي في التعامل مع مشاكل الغد”، مضيفا أن “مجموعة من المنظمات تؤكد أن الكفاءات المغربية تحتل مكانة مهمة في النسيج الاقتصادي في بلدان الاستقبال ولذلك قمنا باستقطاب هذه الكفاءات من أجل الاستفادة من خبراتها وإبراز مؤهلاتها العلمية”. وأشار وزير المغاربة المقيمين بالخارج أن المغرب يسعى من خلال استقطاب هذه الكفاءات، إلى دفعها إلى ضرورة العمل على جذب الاستثمار وأن تكون قناة أساسية لجلب التكنولوجيا التي يعتبر المغرب في أمس الحاجة إليها ومساعدة المنتجات الغذائية لاكتساح الأسواق الدولية”، مبرزا أن “هناك 258 مليون مهاجر يعيشون خارج أوطانهم، نصفهم نساء، يشكلون 3.4 في المائة من ساكنة العالم فقط؛ لكنهم يساهمون ب9.5 في المائة من الناتج الداخلي الخام العالمي”، و أن “85 في المائة من مداخيل المهاجرين تبقى في بلدان الاستقبال”. وقال بنعتيق إن “المغرب كانت له الشجاعة والريادة على المستوى القاري، في ابتكار حلول ذات طابع إداري لمشاكل المهاجرين، على اعتبار “أن أبناء المهاجرين جزء من أبنائنا ولهم الحق في ولوج المدرسة، بحيث إنه لا وجود لاندماج حقيقي بدون توفير التعليم والصحة لهؤلاء المهاجرين”، يضيف الوزير. وأوضح وزير الجالية أن وزارته بادرت إلى إحداث مراكز ثقافية مغربية بعدد من بلدان الإقامة، من شأنها أن تشكل فضاءات لتأطير أبناء الجالية المغربية وتعريفهم بثقافتهم الأصل والإسهام في الحفاظ على هويتهم؛ وخص بالذكر المركز الثقافي “دار المغرب” بمونتريال الذي يوفر حاليا للمغاربة المقيمين بكندا بمختلف شرائحهم عرضا ثقافيا متنوعا وغنيا، مضيفا أنه سيتم مستقبلا افتتاح مركزين ثقافيين بكل من باريس وأمستردام. وختم بنعتيق كلمته بالقول إن: “المملكة شكلت، على مر العصور، أرضا للحوار ونموذجا يحتذى به في التسامح واحترام الآخر.. وهذه القيم الكونية جعلت من المغرب بلدا متعددا ينفرد بتنوع ثقافي ولغوي استثنائي، تنصهر فيه كل مكوناته العربية الإسلامية، والأمازيغية، والصحراوية الحسانية، الغنية بروافدها الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية”. يشار إلى أن الجلسة الافتتاحية حضرها إلى جانب الوزير المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، كل من السيد والي جهة بني ملالخنيفرة وعامل إقليمبني ملال السيد الخطيب لهبيل، وعامل إقليمأزيلال السيد محمد العطفاوي، ورئيس جهة بني ملالخنيفرة السيد إبراهيم مجاهيد، والسيد رئيس جامعة السلطان مولاي سليمان السيد نبيل حمينة، ورئيس جماعة فم الجمعة السيد محمد شوقي، ورئيس المجلس الإقليميلأزيلال، ورئيس المجلس العلمي المحلي، وعمداء الكليات التابعة لجامعة السلطان مولاي سليمان، وعدد من رؤساء الجماعات المحلية وأعضاء مجلس جهة بني ملالخنيفرة، وبرلمانيون وأعضاء المجلس الجماعي لفم الجمعة ورؤساء المصالح الأمنية والخارجية وعدد من فعاليات المجتمع المدني والتربوي بفم الجمعة.