كان سكان منطقة دمنات كباقي امازيغ المغرب يحتفلون بحلول رأس السنة الامازيغية الجديدة التي تصادف12 من شهر يناير من كل سنة وهو ما يعرف ب: “ينير” ، وهي عبارة أمازيغية مركبة من كلمتين وهما “يان ” ويعني الاول، و ” أيور” ومعناه الشهر،و العبارة تعني “الشهر الاول “. أما لماذا يتم الاحتفال بليلة السنة الأمازيغية من طرف البعض ليلة 11 أو ليلة 12 أو ليلة 13 من يناير الميلادي ، فمرد ذلك يعود إلى كون مدة الاحتفال في الأصل كانت تدوم من 3 أيام إلى سبعة أيام للقيام بكل الطقوس التي تستلزمها المناسبة وفق الإمكانيات البيئية والأسرية ، مؤخرا تم تسجيل تراجع مدة الاحتفال من 3 أيام إلى يوم واحد، بل واختفاؤه في فترات. ولم ينتعش إلا مع عمل الحركات الأمازيغية على إكساب المناسبة دلالة رمزية ثقافية واجتماعية. في ما يتعلق بتوقيت ومدة الاحتفال ب«ئض ن ينّاير»، فاعتمادا على بحوث ميدانية تأكد أن «ئض ن ؤسكًّاس أماينو» يوافق منتصف ما يسمى في «التقويم الفلاحي الأمازيغي» ب «ليالي مقّورن» أي «ليالي لكبيرة» والتي تبدأ يوم 25 دجنبر «الميلادي » وتدوم 40 يوما وتسمى «ليالي لكبيرة» مقارنة ب «ليالي حيان» أو «ليالي صغيرة» التي تدوم 7 ليال و7 أيام. وبذلك يعتبر «يوم 14 يناير الميلادي » هو «فاتح السنة الأمازيغية» و«ليلة 13 من يناير الميلادي » هي «ليلة رأس السنة الأمازيغية». بخلاف التقويمين الميلادي والهجري فان التقويم الامازيغي غير مرتبط باي حدث ديني او عقائدي، ذلك أن البعض يربط الاحتفال بالسنة الامازيغية بالحدث السياسي التاريخي المتمثل في واقعة انتصار قائد الجيوش الامازيغي شيشنق او شيشونغ او شيشرون على الملك رمسيس الثالث من أسرة الفراعنة و اعتلائه للعرش الفرعوني وذلك سنة950 ق, م فيما ربط أصحاب التيار الاسطوري بداية التقويم الامازيغي بالمعتقدات الامازيغية القديمة التي تحكى أن امراة عجوزا استهانت بقوى الطبيعة واغترت بنفسها وارجعت صمودها في الشتاء القاسي الى قوتها ولم تشكر السماء فغضب ” يناير ” رمز الخصوبة والزراعة منها ومن تصرفها وعاقب العجوز على جحودها بعاصفة شديدة أتت على خيرات أراضيها ، ومن تم تحول ذلك اليوم في الذاكرة الجماعية رمزا للعقاب الذي قد يحل بكل من سولت له نفسه الاستخفاف بالطبيعة، لذلك كان الامازيغ يستحضرون يوم العجوز ويعتبرون يومها يوم حيطة وحذر يتجنبون الخروج فيه للرعي والاعمال الزراعية وغيرها خوفا من قوى الطبيعة ويكرسونه للاحتفال بالأرض وما يرتبط بها من الخيرات الطبيعية و إذا ما تجاوزنا مشكلة الجذور التأريخية للتقويم الأمازيغي، وعدنا إلى امتدادات الاحتفال ذاته فإننا سنلاحظ بأنه يكاد يكون الاحتفال الوحيد الذي يقام خارج الأضرحة والمساجد والزوايا وغيرها من الفضاءات ذات الوظائف التعبدية؛ إنه «احتفال مدني بامتياز». التقويم الامازيغي تقويم شمسي – فلاحي ويخضع لتعاقب منتظم لفصول السنة وتغيرات الطبيعة المستمرة نتيجة فعل دوران الأرض حول الشمس. إنها الدائرة المنتظمة للدورة الطبيعية للسنة وللأشغال الفلاحية، الدائرة التي لا يمكن بدونها ضبط الدورات الفلاحية بسهولة. وبذلك يمكن القول بأن خصوصية هذا التقويم الفلاحي، العريق في الزمن التاريخي، هو بمثابة الأساس لتنظيم الزمن عند الفلاح. الاحتفال بالسنة الفلاحية تعبير عن تشبت الامازيغي بالارض وخيراتها ويتجلى ذلك في الطقوس المرتبطة بالاحتفال حيث يتم بالمناسبة اعداد العديد من الماكولات والوجبات التقليدية المتعارف عليها والتي تختلف باختلاف المناطق وبانواع المحصولات المنتجة بها من حبوب وخضر وغيرها، ويتم اعداد”إمنسي” العشاء احتفاءا بالسنة الامازيغية والطعام الذي يقدم يجب ان يشكل رمزا لغنى وخصوبة ووفرة المحصول والذي يتكون بحسب المناطق من الكسكس بسبع خضر وتكلا / تاروايت ……, وبركوكس وهو عبارة عن طحين يخلط ويفتل بالماء ويمزج بعد ذلك بالزيت والعسل وغيرها من أطباق لا توجد لحد الآن دراسات يمكن حصرعددها وأنواعها. وكل ما يمكن قوله هو أنها متعددة ومتنوعة كما هو الشأن بالنسبة لكل المظاهر الطبيعية والثقافية لبلدنا وهي إرث جد غني لا من حيث أنواعها ولا من حيث المعارف الأدائية التي تعتمد في تهيئتها؛ بل وفي ضرورة الحفاظ على كل العناصر الطبيعية والبيئية التي تعتبر مصدرا لها . وتعتبر مختلف الأكلات التي يتم اعدادها بمناسبة رأس السنة الأمازيغية منذ القدم ذات رمزية عميقة في الثقافة الأمازيغية و تبرز مدى تشبت الإنسان الامازيغي بالأرض . ولان ” أزطا ” كان احد أهم أركان البيت والصناعة التي يعتمدون عليها ، فان “أزطا ” ( المنسج) يجب أن ينتهي بها العمل قبل دخول السنة ، وإذا تعذر ذلك فإنهم يفكون ” أزطا “ويخرجونه خارج البيت إلى أن ينتهي الاحتفال بالسنة الامازيغية الجديدة ثم يعاد إلى مكانه ويستأنف العمل به. وفي ما يخص «الطقوس الرمزية»، فيمكن أيضا الاقتصار على طقوس تنشئة الأطفال على الموروث الثقافي والاجتماعي. ويتجلى ذلك في «الألعاب الطقوسية» التي يقوم بها الأطفال، خاصة منهم الفتيات اللائي يصنعن دُمية في هيأة عروس معروفة في بعض المناطق ب «تاغُنجا» التي هي في الأصل (تّلْغنجا) والتي تعني لفظيا «لف المغرفة»: بحيث تلف الفتيات مغرفة كبيرة بثياب على هيأة عروس) ويطفن بها طلبا للمطر وتيمنا أن تكون السنة الجديدة ممطرة أكثر ويكون المحصول جيدا. كما أن هذه الطقوس الرمزية تتمثل في كل ما يتم القيام به للتمييز بين الفترات التي ينبغي تجنب العمل خلالها الأرض (فترات النحس) وبين الفترات الملائمة (الفترات المباركة) للقيام بأشغال الفلاحة (من حرث وحصاد وغيرهما). تراجع الاحتفال ب «رأس السنة الأمازيغية» بل وبدأ اختفاؤه وان عرف مؤخرا انتعاشة مع التجديد الثقافي الأمازيغي وعمل الحركة الأمازيغية على إكساب المناسبة دلالة رمزية ثقافية واجتماعية من مسؤولية الجميع السعي الى تثمين الذاكرة الجماعية في هذه المنطقة المنسية وذلك بالحفاظ على الاحتفال برأس السنة الأمازيغية باعتباره «تراثا لاماديا» ، و إقرارِ رأس السنة الأمازيغية، عطلة رسمية مؤدى عنها، على غرار السنتين الميلادية والهجرية. و هو مطلب لم يعد أمازيغياً فقط، بل مطلباً شعبياً، باعتبار أن ترسيم السنة الأمازيغية رمز من رموز الهوية المغربية من شأنه تحقيق قفزة نوعية في عملية الوعي بتكريس الهوية والتعددية الثقافية.