استطاع الشعب المغربي ان يربك الحكومة و يكشف عن ضعفها و عدم قدرتها على تدبير الشأن العام للبلاد ، سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا و ثقافيا .لقد كانت البداية من الحراك الاجتماعي بمدن و قرى الريف إلى حراك زاكورة و اوطات الحاج إلى حراك اجرادة ، حيث و جدت الحكومة نفسها في موقف لا تحسد عليه ، فاختارت الهروب إلى الأمام و اللجوء إلى القمع و التخوين والتشهير بالمتظاهرين و التضييق على داعمي الحراك الاجتماعي و المحاكمات و الترهيب و محاولة تغطية فشلها في محاربة الفقر و الهشاشة و البطالة و التخلف الدراسي و انعدام العلاج بافتعال الأسباب الواهية . لم تجد الوسيلة للحد من تدهور الوضع إلا بإغلاق باب الحوار و الإجهاز على الحق في حرية التعبير و التظاهر السلمي و بالتهديد و الوعيد . لكن الشعب المغربي لم يترك للحكومة أي هامش للمناورة بذكائه ، إذ لجأ إلى اسلوب استباقي تجلى في مقاطعة بعض المنتوجات لشركات شكلوا لوبيا ماليا استفاد من الريع الاقتصادي و أصبح يختار لنفسه المواقع الحساسة في دواليب الدولة مستغلين الحماية الحكومية لهم و لرموز الفساد و نهب المال العام . لم تكن هذه الشركات في البداية إلا شركة افريقيا و شركة ماء سيدي على و شركة حليب سنطرال . أمام هذه المقاطعة و ما عرفته من تداعيات اجتماعية و اقتصادية و سياسية جعلت الحكومة تطهر أكثر ضعفا من السابق إذ أخذت تهدد و تتوعد المقاطعين للمنتوجات المستهدفة من المقاطعة .، فرئيس الحكومة أصابه الانزعاج من الخطوة الشعبية، مما جعله يترنح بين تصريحات متناقضة لا تمت لرئيس حكومة بلاد فيها ما يقارب من 40 مليون نسمة. اما الناطق الرسمي للحكومة فقد نصب نفسه وكيلا على الشركات التي تستنزف جيوب الشعب المغربي مهددا بمحاكمة الداعين إلى المقاطعة والمروجين لها حيث كشف عن ضعفه و ضعف حكومته في هذه المحطة التي هي من إخراج الشعب المغربي , لقد تجلى تدني التعاطي مع قضايا الشعب الأساسية من خلال تصريحات وزير الاقتصاد و وزير الحكامة ، تصريحات كان للشعب المغربي الفضل في إسقاط الأقنعة اتباعا , لقد استطاع الشعب المغربي بذكائه و عبقريته الكشف عن طبيعة حكومتنا و عن ضعفها و عن جهلها لحاجياته و كشف للعالم و للذين تحميهم من لوبيات الفساد و نهب المال العام و الثروات الطبيعية و اقتصاد الريع ، بان الشعب المغربي لم تعد تنطلي عليه الحيل تحت غطاء ديني او مخزني و لم يعد يستجيب للتسويق الإعلامي المأجور و لا الإعلام الرسمي . فعلى الحكومة أن ترحل لأنها ليست في مستوى تطلعات شعب ناضل من أجل استقلاله و كرامته و وحدته و تراثه و ثرواته و هويته .