لا جدال أن الانسان هو العامل الرئيس في تلوث المحيط الذي يعيش فيه، فإبادة الغابات وانبعاث الغازات وتسميم المجاري المائية وتراجع المساحات الزراعية وصلت بيئتنا إلى حالة من التدهور غير مسبوقة: احتباس حراري، تصحر، جفاف، أخطار تُهدد مستقبل البشرية والأطفال تحديدا. لذلك، حُقّ لنا معشر أطفال العالم أن نصرُخ بأعلى صوت: كفى تهوّرا واستخفافا بحقنا في الحياة، فلم نعد نستطيع تحمّل أخطائكم أيها الكبار، فأنتم بنمط تصرفاتكم الأنانية لن تُورّثونا غير الكوارث: مصانع تنفث غازات سامة، ومعامل تضخ أطنانا من الغبار المحملة بالجسيمات الصلبة، ووسائل نقل تفرز محركاتها غازات وضجيج وثروات غابوية تتنامى وتيرة استنزافها وزحف عمراني يبتلع مساحات زراعية معتبرة في تحقيق الأمن الغذائي وتسابق محموم على امتلاك الترسانة النووية يهدد الاستقرار والسلم العالمي، ... أخطار تَحْدِقُ اليوم وأكثر من أيِّ وقت مضى باستمرار حياة الانسان والأطفال على وجه التحديد. وعليه، نحن نساء ورجال الغد لا نملك إلا أن ندق ناقوس الخطر لأن مستقبلنا ليس في أيادي أمينة نناشدُ عقلاء العالم وضمائره الحية أن يسهموا في بلورة مشاريع عملية وبأهداف دقيقة لإيقافِ النزيف والحد من خطورة تداعيات التلوث؛ مشاريع تتصدى لمظاهر التلوث ينخرط فيها الجميع وتُلزم كلّ الأطراف بعيدا عن الاستهلاك الإعلامي للموضوع. إن الاحتباس الحراري أضحى خطرا مهددا للحياة على كوكبنا، وتداعياته لم تعد خافية، فمنسوب مياه البحار في ارتفاع نتيجة ذوبان ثلوج المحيطات القطبية، الأمر الذي يهدد مناطق ومُدُنا في وجودها بالغرق والاختفاء من الخريطة، ووتيرة التصحر والجفاف تَطّرِد، ما ينعكس سلبا على المحاصيل الزراعية ويُنْذِرُ بحروب طاحنة من أجل الغذاء وموارد المياه، هذا دون أن ننسى قائمة من الأمراض التي وفر الاحتباس الحراري والتلوث عموما شروطها. أمام هذه الوضعية المقلقة، تتناسل تساؤلات منها: هل وصلت درجة التلوث والاحتباس الحراري نقطة اللا عودة، وبالتالي، لم نعد نملك قرار مصيرنا، أم أن الأمر رغم صعوبته ما زال في مرحلة متحكّمٍ فيها؟ لقد أوْدعَ اللهُ تعالى في الانسان طاقاتٍ هائلةً وقدراتٍ يمكن أن تحقق ما لا يخطُرُ على البال، متى توفرت النوايا الحسنة والإرادات الصادقة، وكما يقال: "ما لا يُدركُ كُلُّهُ، لا يُتْركُ جُلُّهُ"، وعليه، فلا أقل من وضع حد للنزيف والسعي للتخفيف من عواقب الاحتباس الحراري والتلوث عموما لضمان شروط الحياة للأجيال القادمة ولو في حدها الأدنى. ألا تستحِقُّ حياتنا نحن الأطفالَ فَلَذَاتِ الأكبادِ تضحيةً والتفافةً من أجل الحقِّ في الحياة؟