قال رئيس الهيأة الوطنية للعدول بالمغرب محمد ساسيوي، في ندوة علمية ببني ملال، انعقدت يوم الجمعة 08/01/2016، تحت شعار التوثيق العدلي الواقع والرهانات ، إن موضوع التوثيق العدلي موضوع تفرضه الظرفية الحالية، وأن التوثيق العدلي، يشكل محورا أساسيا في منظومة القضاء ،وأنه من المهن القانونية والقضائية التي يتجلى دورها في توثيق الحقوق والمعاملات والحفاظ على الأعراض والأنساب،وتحضير وسائل الإثبات التي تمكّن القضاء وتساعده في فض النزاعات والفصل في الخصومات ، ويساهم بشكل كبير وإيجابي في تحقيق الأمن التعاقدي. وقال ساسيوي، خلال ذات الندوة التي نظمها المجلس الجهوي لعدول دائرة استئنافية بني ملال بشراكة مع الكلية المتعددة الاختصاصات وجامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال والمركز الدولي للوساطة والتحكيم بالرباط ، انه اعتبارا لكون الإصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة يعد من الأوراش الهامة التي تستأثر باهتمام كافة مكونات المجتمع ،فإن هذا الإصلاح يشمل كافة المهن القضائية ، ومن بينها مهنة التوثيق العدلي . واعتبر شمس الدين عبد داتي، رئيس المركز الدولي للوساطة والتحكيم بالرباط مشاركة خبراء ومستشارين وقضائيين وجامعيين ..، في الندوة..، دليل على انفتاح هيئة التوثيق العدلي على مختلف القطاعات المهنية والعدلية على اعتبار أن هذه القطاعات تشكل أساسا لتطوير عمل الهيئة والانتقال به من ثقافة الخصومة إلى ثقافة الحلول التفاوضية (التوثيق، الصلح،الوساطة،التحكيم).وقال إن هذه الفعاليات تقوي التوجّه نحو الانخراط في تحولات المحيط المحلي والجهوي (الجهوية الموسعة) وخاصة مسلسل إصلاح منظومة العدالة ، ودعم جهود السلطات المحلية والمركزية ( القطاع العام والخاص) بشأن الدفع بخلق مسلسل التنمية المسيجة لهذه المنظومات والآليات التي من شأنها أن تساهم في مناخ الأعمال واستقرار المعاملات (التوثيق العدلي) وتقوية فرص الاستثمار( قضاء ذي نجاعة وخيارات بديلة لفض المنازعات )تستجيب لمتطلبات الفاعلين من اجل تنمية مستدامة. وقال رئيس المجلس الجهوي لعدول دائرة استئنافية بني ملال بوعبيد الخطابي، إن مهنة التوثيق العدلي من المهن المنظمة في إطار قانون 16/03 ، إلا أن الوثيقة العدلية والعدول ظلوا يجابهون التحديات التي عرفها المغرب .. وقال الخطابي، إن هذه المهنة لم تعرف أي تطور ملحوظ، بل وعلى عكس من ذلك ، تمّ الإجهاز على بعض الحقوق والمكتسبات التي كانت للعدول من قبل، هذا في الوقت ،يقول، الذي استفادت فيه مهن أخرى من آليات متطورة جعلتها قادرة على مسايرة التطورات والتغيرات التي تعرفها المجتمعات البشرية على خلاف مهنة العدالة والعدول التي تضرب في عمق تاريخ المغرب وبالرغم من ذلك ظلت تراوح مكانها حبيسة الخطط والإطارات الجامدة التي حددها لها الاحتلال الفرنسي . واعتبر الخطابي، الوثيقة العدلية، وثيقة اجتماعية وتاريخية وسياسية وقانونية واقتصادية، لأنها تؤرخ وتُوثق وتحفظ الحقوق والواجبات في المعاملات العقارية وفي الأنساب وعقود الزواج والطلاق . ووصف الخطابي التوثيق العدلي، بالمجال الحيوي في المغرب، لأنه يعتبر عاملا مساعدا للقضاء، وقال أن مهنة التوثيق لها غاية في الأهمية ،لأنها تصون مصالح الناس وتحمي حقوقهم وممتلكاتهم. ودعا في ذات السياق إلى تعديل قانون 16/03 المنظم للمهنة، لمواكبة صيرورة تطور المجتمع، ومن أجل أن يُمنح للعدول حق توثيق عقود السكن الاجتماعي إسوة بالموثقين العصريين.، وإشراكهم في مسطرة التحكيم والوساطة الأسرية، والعمل على رفع العراقيل التي تعترض الرسوم بإدارة التسجيل مع إسناد التأديب للهيئة الوطنية للعدول واعتماد رأيها كقوة اقتراحية في جميع المحطات المتعلقة بإصلاح المهنة وتسطير مشاريع قوانين. ومن جانبه، قال رئيس جامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال، إن الندوة تدخل في إطار البرامج المسطرة من طرف الجامعة من اجل أن تتفاعل وتواكب هذه الأوراش في التكوين والبحث العلمي، مضيفا أنه لا يمكن أن نكون منتجين بشكل ايجابي إذا لم نتفاعل بشكل مدقق ومعمق مع محيطنا السوسيو اقتصادي وكذا تطوير التكوين الذي يُطعم جميع الورشات التي تعرفها الجامعة من اجل مواكبة الأوراش عل جميع المستويات الاجتماعية والاقتصادية بالمغرب . ووصف عبد السلام الصديقي ، وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية ، موضوع الندوة بال"متميز جدا"، لكونه يتيح المجال للتفكير والتعمق والانكباب على قضايا الساعة ، وقال إن موضوع الندوة يدعو إلى الانكباب على تسوية وضعية فئة العدول بالمغرب موازاة مع المهن الحرة الأخرى ، لاعتبار بسيط، وهو أن هذه المهنة أعطت للمغرب الكثير منذ فجر التاريخ في مجال التوثيق . وذكر الصديقي بمشروع القانون الذي يقضي باستفادة أصحاب المهن الحرة ،ومنهم العدول، من نظام الحماية الاجتماعية ونظام التغطية الصحية الإجبارية،و إدماج أصحاب المهن الحرة في نظام التغطية الصحية الإجبارية، حيث تم الاتفاق على توسيعها لتشمل فئة المهن الحرة كالأطباء والصيادلة والمحامون وأطباء الأسنان والمهندسون المعماريون والموثقون وغيرهم من ذوي المهن المنظمة التي ظلت تعاني لعقود من إقصائها من أي تغطية صحية وحماية اجتماعية لها ولأفراد أسرها، وان ذلك سيدخل حيز التنفيذ ابتداء من يناير الجاري. ورصدت كلمة محمد مبديع انتظارات وانشغالات هيأة العدول وما تقوم به من دور قوي في الجانب العدلي والتوثيق ،وقالت يجب أن يكون لهذه الفئة ارتباط بالوظيفة العمومية لما يعيشه المغرب من اوراش كبرى كالتغطية الصحية للمهن الحرة ، وإصلاح أنظمة التقاعد للموظفين و... ودعا مبديع السادة العدول إلى تدارس إمكانية غرس بذرة التوثيق الالكتروني تماشيا مع عصر الإدارة الالكترونية والتكنولوجيا الحديثة للتوثيق، وتوسيع مسؤولية العدول في تحرير العقود حتى يمكن للعدول مواكبة التطور الإداري، وقال لا بد من تسطير برامج التكوين لتوسيع مجال المعرفة . هذا، وقد عرفت الندوة توقيع اتفاقيتين للمجلس الجهوي للعدول، دائرة استئنافية بني ملال، الأولى مع المركز الدولي للوساطة والتحكيم والثانية مع الكلية متعددة التخصصات ببني ملال، كما تم تكريم احد أقطاب مهنة العدول السيد عبد واحد بويتلان، وشملت مجموعة من المداخلات كان من بينها مداخلة حول "التوثيق العدلي ودوره في استتباب الأمن التعاقدي" من إلقاء الأستاذ عبد العالي المصباحي نائب الوكيل العام لدى محكمة النقض ، ومداخلة حول "التوثيق العدلي والوسائل البديلة لتسوية النزاعات " من طرف الأستاذ ميلودي العابد العمراني عضو المجلس الاستشاري للمركز الدولي للوساطة والتحكيم . ومداخلة حول موضوع "رهانات إصلاح التوثيق العدلي في سياق إصلاح منظومة العدالة" من إلقاء الأستاذ خالد النويري عد ل وأستاذ جامعي ، والمداخلة الأخيرة كانت للأستاذ سعيد حثمان قاضي أسرة بابتدائية الفقيه بن صالح تحت عنوان " اللفيف العدلي تأصيل وآفاق " وقد انبثق عن هذه الندوة العلمية الوطنية التي حضرها كل من وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية عبد السلام الصديقي، ووزير الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة محمد مبديع، ورئيس هيأة العدول بالمغرب محمد ساسيوي، ورئيس المركز الدولي للوساطة والتحكيم شمس الدين عبد داتي، ورئيس المجلس الجهوي لعدول دائرة استئنافية بني ملال بوعبيد الخطابي و ورئيس جامعة السلطان مولاي سليمان وعدد من القضاة والمحامين والأساتذة الجامعيين وباحثين ورجال الإعلام وعدول ومدراء المحافظات العقارية ومنتخبين، انبثقت عنها مجموعة من التوصيات دعت إلى نهج مقاربة جديدة لعملية خطاب قاضي التوثيق على العقود وفق معايير تروم خدمة القطاع باستقلالية مندمجة، وإلى تمكين العدل من صلاحية مُباشَرة مهام الوساطة الأسرية في إطار دعاوى التطليق ، وإخراج اللفيف من مسودة المشروع ووضع مشروع خاص به ،وإعطاء الهيئة الوطنية للعدول صلاحية تنظيم القطاع بما فيه التأديب على غرار هيأة المحامين . كما دعت إلى اعتبار النظام الداخلي للهيأة الوطنية وأجهزتها ملزما، مع توفير جميع الآليات القانونية لفرضه، والعمل على توسيع صلاحيات العدول لتطال مسطرة الصلح وحق الإيداع والضمان على الودائع مع وضع وتنزيل إطار قانوني لتمكين مؤسسة العدول من مباشرة الوسائل البديلة لفض النزاعات عن طريق- الوساطة- التحكيم- الصلح، ونهج مقاربة تشاركية مع القائمين على هذا القطاع على نحو يؤسس لتأهيل مؤسسة العدول