أربعون سنة مرت على اغتيال الشهيد عمر بنجلون ، وتحل علينا ذكى اغتياله هذه السنة و العام يعيش تحت عنوان الإرهاب . ذلك الإرهاب الذي دشن مساره الإجرامي في حق الشعوب و الأبرياء باغتيال عمر بنجلون بالدار البيضاء في 18 دجنبر من عام 1975. و ما كان اغتيال عمر بنجلون إلا مقدمة لاغتيال كل الأفكار الداعية إلى التحرر من الاستبداد السياسي و الاقتصادي و إلى بناء مجتمع تسود فيه الديمقراطية و حقوق الإنسان و العدالة الاجتماعية .إن تصفية عمر بنجلون جاءت في سياق تاريخي برزت فيه ، إلى جانب سمو الأفكار التقدمية و تطور حركة اليسار في المغرب و في العالم العربي ، افكار التكفير و التهديد و الوعيد و الاعتقالات و التعذيب و الاغتيالات من طرف الأنظمة العربية /الاسلامية المستبدة و التي تستمد قوتها المادية من النظام السعودي الذي يرعى الوهابية حتى تعم أرض العرب و المسلمين و تعمل على تنحية كل المعتدلين و كل الحداثيين عن الحياة . لقد كان عمر بنجلون من المناضلين الذين شكلوا في زمانهم رمز التضحية و الصمود من أجل التحرير و الاشتراكية و الديمقراطية .أي من اجل مجتمع تسود فيه العدالة الاجتماعية و توزيع عادل للثروات. و من أجل ذلك كان هدفا للإرهابيين . و لأنه لم يكن يراهن على الارتجالية في التعاطي مع الواقع أو تبني الخطابات و المواقف الشعبوية التي بدأت تتربص بالشباب آنذاك ، بل كان يراهن على القواعد العلمية لاكتشاف الواقع من خلال الاستدلال و البرهنة لتحديد النتائج ، كما قام بتبسيط هذه القواعد للشباب و العمال و هي التحليل الملموس للواقع الملموس . وظل يوصي بها ،لكن كثيرون هم من الذين لم يدركوا ابعاد و دلالة هذه القاعدة من سياسيين و مفكرين. و بالمقابل فإن النظام و المد الظلامي/العربي كانوا يدركون ابعادها و دلالتها ، لأنهم يعلمون بأنه إن تمكن المواطن من قاعدة تحليل الواقع المعاش/الملموس سيساعده على فهمه و كشف الفاعل الرئيس و الفاعل الثانوي اللذين يتحكمان فيه و يجعل هذا المواطن على استعداد كي يثور ضد من يسعى إلى استعباده و استغلاله . لقد كان عمر في مرحلة ما بعد 1973 في مواجهة مباشرة مع الأفكار الرجعية التي بدأ تسويقها و سط الشباب ، افكار ترمي إلى التكفير و إلى التطرف الديني من جهة ، و من جهة ثانية في مواجهة البيروقراطية النقابية التي عملت على تدجين الطبقة العاملة و مصادرة أفكارها و إحباطها و تحويلها إلى طبقة خارج الصراع الطبقي قابلة للاستغلال . إذن فإن عمر بنجلون أصبح في زمانه و ما بعده فكرا و قدوة نضالية و من أجل ذلك تم اغتيال هذا الفكر حتى لا تتحقق أحلام الشعوب و حتى تستمر في المعاناة ، و تحل عليها مخاطر الإرهاب بكل تجلياته الانسانية و الاقتصادية و الاجتماعية ، تحت عباءة دينية . البدالي صافي الدين قلعة السراغنة