كل هذا التراكم الإيجابي والجهد الثقافي والتواصلي والارتقاء الحضاري يهتز اليوم تحت نيران الكلاشنكوف وصور القتل والهجوم الدموي على مقر منبر إعلامي في بلاد تبجل حرية التعبير[[1]]. رشيد الحاحي لكي تهدم افتراضاً ما، فلا يكون عليك أحيانا إلا دفعه إلى أقصى ما يمكنه الوصول إليه .دنيس ديدرو - يفترض ديدرو أن أية نظرية تستبطن الأسلحة التي يمكن أن تقتلها من الداخل، وأحسن استعمال لهذه الأسلحة يكون من طرف من يظهرون أنهم يصدقون هذه النظرية ، فيندفعون (بإيمان) إلى أقصى ما يمكن الإيمان أن يصل بهم إليه، فيقتلون أنفسهم (من إملاق فكري) ويقتلون كل من يقف في طريق جثتهم التي ماتت قبل أن تنفجر . إذا صحت نظرية ديدرو فمعناه أن أية نظرية تستمر لأنها تقاوم موتها من الداخل بان تدفع (تدافع عن نفسها ) إلى الجهة التي تقابل الهدم، وكأننا نبطل مفعول قنبلة ستنفجر إذا حان موعد انفجارها، نكون قد نجحنا 100% إذا حولنا ميقات الانفجار إلى يوم القيامة (موت العالم الحتمي) ويكون النجاح نسبيا إذا امتصصنا قوة الانفجار لمدة محدودة في انتظار وصول الإغاثة من الخارج أحسن تفسير لنظرية ديدرو يكون إذن تفسيرا جدليا ، نعممه هكذا: نفترض أنه لا توجد حقيقة مطلقة إلا في إطار تجاذب ابدي بين قطبين (حتى لا نقول صراع : الخير/الشر، النور/الظلام...وان أية حقيقة نقف عندها تكون نقطة توازن مؤقتة لتفاعل قوى متعاكسة الاتجاه، نقول متقابلة من أجل التبسيط، وعندما يصل التبسيط حد أن نقرر أن هذا "الصراع" محسوم بغاية أخلاقية، يكون التبسيط يشبه قصة أطفال بنهاية سعيدة وساذجة، لا تقنع حتى المؤمنين، لو كان مخرج تاريخ الكون متطرفا لما "اخرج" لنا الدين نهاية تعيسة تسمى نهاية العالم أو القيامة. افترضت منذ البداية (اقرءوا العنوان) أن التطرف فن، ودفعت بهذا العنوان إلى النهاية، أبرهن أن التطرف هو أقرب إلى النظرية الأمنية: عندما يخترق أعداء النظرية التحصينات الأمنية، يجب أن لا نلوم المتطرفين بل أن نراجع تحصيناتنا الأمنية نفسها.