تحت هذا العنوان أصدر ممثلون من 11 مدينة مغربية عن الباعة المتجولون والتجار على الأرصفة واحزاب اليسار والجمعيات الحقوقية، بيان بني ملال في ختام اجتماعهم يوم 13 شتنبر ببني ملال، حيث تم إعلان يوم 13 شتنبر من كل سنة "يوما وطنيا لغضب الباعة المتجولين و التجار على الرصيف" وتأتي أهمية هذا اللقاء الوطني الأول والذي تم خلاله تشكيل لجنة وطنية للتنسيق وهي أول لجنة يتم تشكيلها لهذه الفئة على الصعيد الوطني عهد إليها بتنفيذ توصيات وخلاصات هذا اللقاء. واعتبر الباعة أن بروز هذه الفئة التي تعرف باسم "الفرّاشة" جاء " نتيجة لإفلاس السياسات العمومية للدولة المغربية في الميادين الاجتماعية (التشغيل، التعليم، السكن ..)" مشيرين إلى "الفشل الذريع للبرامج والمبادرات التي يتم الترويج لها" حسب البيان الختامي للقاء الوطني. وطالب المجتمعون في ختام لقائهم "الدولة المغربية بنهج سياسات عمومية تخدم مصالح الفئات الشعبية الفقيرة والمحرومة" كما طالبوا "الجهات المسؤولة والحكومة المغربية بفتح حوارات جادة مع ممثلي الباعة المتجولين عوض استغلال البلطجية والجمعيات المشبوهة والصفراء في الهجوم عليهم"، كما وجهوا الدعوة إلى كافة الباعة في مختلف المدن إلى الانخراط الفعلي في اليوم الاحتجاجي الوطني "للفراشة" والمقرر يوم الأحد 12 أكتوبر 2014 ، وذلك بتنظيم مسيرات ووقفات احتجاجية بسائر المدن، و دعوا إلى المشاركة في كل المظاهرات التي تدعو لها حركة 20 فبراير. ومعلوم أن مدينة بني ملال تتميز بتنظيم مسيرات ووقفات احتجاجية ليس فقط للفراشة بل كذلك لأصحاب المتاجر الذين يحتجون على سلب الفراشة لرزقهم باحتلال واجهات متاجرهم وحرمانهم من الزبناء، في حين يؤدون هم الضرائب، بالإضافة إلى احتجاجهم على منح البلدية للعديد من الفراشة محلات تجارية كثيرة تفوق حاجة المدينة، لتجد السلطة نفسها أمام ملف يصعب إيجاد حل جدري لطرفيه، لأن لغة القانون تعتبر الفراشة محتلين للملك العمومي وبالتالي هم في وضعية غير قانونية !. وبالرجوع لبيان الملتقى يطالب الفراشة الحكومة بالاعتراف بهم وبإطارهم كفئة اجتماعية فعلية. ومادام القانون في مفهومه الفقهي والفلسفي هو تأطير لما هو إجتماعي، أي أن القانون له مضمون اجتماعي، فإن الفراشة بالمغرب ليسوا بظاهرة، بل هو واقع اجتماعي قائم يعكس تشكلا مجتمعيا جديدا، نتيجة التحولات التي عرفها المغرب، حيث ارتفاع البطالة بما فيها أصحاب الشهادات والنزوح القروي اتجاه المدن، نتيجة تقلص عوامل إبقاء القرويين في مجالهم، مما وسع نسبة ساكني المدن ومجالها بشكل عشوائي ومخيف، أصبحت معه المجال الحضري فاقدا لمقومات المدينة ماديا وثقافيا وسلوكيا، فكانت النتيجة ترييف المدن، رغم إضافة نبيل بنعبد الله على إسم وزارته وسياسة المدينة !. إن الفراشة أكبر من اعتبارهم فئة خارج القانون، بل القانون هو المطالب بالتكيف مع التشكيلة الاجتماعية الجديدة للمغرب، والتي تحول فيها الشعار الثوري الماركسي "يا عمال العالم إتحدوا" إلى "يا فراشة المغرب إتحدوا". ومع ذلك فالشعار الثوري العمالي كان يتعلق بطبقة مدمجة اجتماعيا وقانونيا، فما بالك بشعار وحدة الفراشة الغير مدمجين اجتماعيا وقانونيا، إلى جانب عدة فئات من أمة الفقراء، في وطننا الذين يوجدون خارج خدمات الدولة واعترافها. أليس هذا وضع يجعل التساؤل عن نسبة قاعدة الدولة مشروعا، خصوصا أن المؤشرات السوسيولوجية تؤكد ارتفاع نسبة السوق السوداء البشرية أو نسبة السكان أو المواطنين/ الرعايا الموجودين خارج التغطية، في حين أن الخطاب الرسمي والطبقة السياسية ما فتئ يؤكد على نعمة الاستقرار السياسي. إن الاستقرار السياسي الحقيقي هو المبني على الاستقرار الاجتماعي الضامن لاستفادة السكان من خدمات وخيرات دولتهم ووطنهم. ذ.محمد الحجام مدير نشر جريدة ملفات تادلة